نددت صحيفة تركية اليوم بمحاولة السلطات إفشال عملية التحقيق بما اعتبرته واحدة من أكبر قضايا الفساد المالي التي شهدتها تركيا خلال العقود الماضية، في إشارة إلى حملة مكافحة الفساد التي بدأت قبل يومين واستهدفت مقربين من رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان، الأمر الذي أثار ضجة سياسية في تركيا، وعقّد وضع حزب العدالة والتنمية قبل بداية سنة انتخابية حاسمة. وأصدرت جريدة زمان التركية بيانا نشرته في عددها الصادر اليوم الخميس قالت فيه " تمرّ البلاد بمرحلة تاريخية حرجة، وتشهد حوادث خطيرة للغاية، مثل إجراء تحقيقات حول قضايا الفساد المالي والرشوة وغسيل الأموال التي لم يُرَ نظيرها من قبل." وقال البيان إن الادعاءات التي تناقلتها وسائل الإعلام، والتي لقيت صدى كبيراً لدى الرأي العام، تشير إلى أن فضيحة الفساد المالي وصلت إلى مستوى خطير. وأضافت "هناك جهوداً مكثّفة لإفشال عملية تحقيقٍ هي الأكثر أهمية بين التحقيقات الجارية في العقود الأخيرة في تركيا، أو حصرها بأفراد معدودين، معتبرة هذه الخطوة محاولة للتغطية والتستّر على الصورة الكبرى." وأشار البيان إلى أن الذين يلهثون وراء نظريات المؤامرة ويبادرون إلى توجيه مسار القضية وفق أهدافهم المشبوهة بإقحام من ليس له علاقة بالموضوع، لا من قريب ولا من بعيد، في القضية، مع غضّ البصر عن مضمون الادعاءات الواردة، وبدون الإشارة إليها ولو بكلمة واحدة، لا يضرّون أنفسهم وحسب، وإنما يضرون تركيا أيضاً. من جهته ندد اردوغان الذي طالبت المعارضة باستقالته، بما أسماه "عملية قذرة" ضد الحكومة. لكن الحملة التي توسعت يوما بعد آخر طالت اليوم حسين جابكين قائد شرطة اسطنبول القوي الذي عزل من منصبه، وجابكين هو أكبر قائد أمني يعزل من منصبه حتى الان بعد إحالة عشرات من كبار الضباط الى التقاعد.كما تم احتجاز عشرات الاشخاص بينهم أبناء ثلاثة وزراء وبعض رجال الاعمال البارزين المقربين من أردوغان. واندلعت الفضيحة في اسوأ ظرف بالنسبة لرئيس الوزراء الذي باشر خلال الايام الاخيرة بافتتاح الحملة الانتخابية لحزبه حزب العدالة والتنمية للانتخابات البلدية المقررة في اذار/مارس في مهرجانات ضخمة ووجهت ضربة للنخبة الحاكمة في تركيا وتهدد سلطة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان في الداخل والخارج. وافتخر اردوغان الذي قيل انه ينوي الترشح ايضا الى الانتخابات الرئاسية في اب/اغسطس 2014، في كل تدخلاته بانه رئيس حزب يحمل اسم "آك" الذي يعني بالتركية "ابيض" و"نظيف". وازدادت انتقادات خصوصه منذ الثلاثاء واسهب محررو الافتتاحيات في التذكير بان النشاط العقاري للحكومة كان من اكبر المواضيع التي انتقدها المتظاهرون الذين طالبوا باستقالته في حزيران/يونيو الماضي. واعتبر سيدات ارجين من صحيفة حريات ان "عندما يتعلق الامر بالفساد، لا يثق الناس في الحكومة لانها تميل الى تعطيل كل تحقيق يستهدفها". وافادت وسائل الاعلام ان اكثر من ثلاثين مسؤولا في شرطة اسطنبول وانقرة اقيلوا من مهامهم منذ الثلاثاء لانهم، حسبما افاد مسؤولوهم والحكومة، متهمون "باستغلال نفوذهم". ويرى العديد من المراقبين ان الثمن الذي سيدفعه اردوغان على الصعيد الانتخابي بسبب هذه القضية التي تدل يوميا على فداحة النزاع بين الحكومة وجمعية فتح الله كولن، قد يكون باهظا. وكتب امري اوسلو محرر افتتاحية صحيفة زمان لسان حال الداعية الاسلامي ان هذه "القضية لطخت سمعة الحكومة في نظر الناخبين". واضاف انه "اعتبارا من الان لن يتمكن اي محافظ من الدفاع عن هذا الحزب بالقول انه وضع حدا للفساد" مؤكدا ان "بالتالي يمكن التصور بان حكومة حزب العدالة والتنمية سيخسر اصواتا في الاقتراعات المقبلة".