* أولا حمزة كاشغري: ""حمزة كاشغري"" شاب جاهر بما لا يقبله أي مسلم، بل بما يغضب أي مسلم، وكلامٌ قاله لن نعيده.. حمزة كاشغري فتح موضوعا تكلمت عنه لفترة من الزمن، ووددت حينها أن أوجه له نظر علماء الأمة الشرعيين، وعلماء الاجتماع، والمربين. وسميت الموضوعَ ""الشبابُ المسكوتُ عنهم"". أصارحكم، أني لم أسكت عنهم، فأنا أتحاور معهم من سنين، ولا أجد عنتا ولا نصبا في كثير من الأحايين - رغم فقر إعدادي التربوي وقلة تخصصي الشرعي - بأن أراهم يعودون للجادة الصحيحة، بل إني دائما ما أقول هذه العبارة: إن ما يتراكم على النفس والوجدان والعقل في قضايا اهتزاز الإيمان والتشكيك هي كالغبار على سطح الرخام، ونحن مخيرون: إما أن نتفاتح مع هؤلاء ونتناقش ومعهم، ولا يرهبنا ما سنسمعه منهم، ولا ننعتهم بالصفات، بل نفهم شيئا جوهريا بأنهم في النهاية ليسوا ""عمدا"" مشككين ولا متعدين على حرمات الإسلام، بقدر ما هم غاضبون، ومنابعُ الغضب كثيرة لن أطرحها هنا.. بعد نقاش بسيط وأغلبه عبر الهاتف خصوصا بمسألة الوجود الفردي والكينونة الكبرى، وتفهم منابع الغضب لإبعادها، سرعان ما يُنفخ بذلك الغبار الذي علا سطح الرخام، ليعود الرخامُ صقيلا من جديد.. ويعود الصفاءُ الأول والسكينة للنفوس. لما نغضب عليهم ونسفههم ولا نحاول علاج حالاتهم، فإن الرمادَ يكون غبار ديناميت سينفجر بوجه الأمّة وسيرتطم الرخامُ قاسيا في وعينا وسيؤلمنا، كما حصل مع الشاب الذي ضل وزاغ حمزة كاشغري، وعاد وأعلن التوبة.. هنا كان يجب أن تتلقفه العقول الكبيرة والناصحة والمتفهمة. أعرف ويعرف الصديق الداعية الكبير ""محمد العوضي"" أن شبابا من هذا القبيل، سرعان ما عادوا بنقاشٍ هادئ متفهم متجاوب مع موجات عواطفهم إلى حظيرة الإيمان الرحب، ومنهم من صار عالما وداعية ومعلما للصبية بحلقات تحفيظ القرآن. لتعلم الأمّة أن المتصلين من الشباب المسكوت عنهم هم بالآلاف، وألوم نفسي لأني تقاعستُ بعد أن نشطتُ فترة للإعلان عنهم، كما أعلن أن الفتيات يشكلن نسبة كبرى، مما يدلّ دلالةً قاطعة على أن مبعث الهزات الوجدانية والإخفاقات الإيمانية ليست عقيدية في الأرجح، بل مما سميناه منابع الغضب وبراكين الاحتجاج.. تفهّم هؤلاء الشباب نفسيا وتربويا وعقليا واحتواء ما يقولون، لا تفعيله، من أول المنارات التي يجب أن تُضاء لهذه القوارب الضالة وسط عاصفة من الشك والحيرة والغضب لتصل إلى مرافئ السكينة والإيمان. * ثانياَ: مركز ""الترويع"" في عفيف: غضب الناسُ المتابعون عبر مواقع التواصل بانتشار فيديو لمعاملة فظيعة لطفل مريض ساهٍ من قبل أقرب من يقدمون له الرعاية، فإذا هُما (وربما أكثر) من وحوش السادية الذين يتلذذون بتعذيب الآخرين، ويعني هنا أننا وظفناهم بأموالنا بمراكزنا ليربحوا مرتين: المال، وإرضاء شهوة التعذيب لديهم. وعلى من؟ على أبنائنا المسلوبي الإرادة والحيلة الذين هم مسؤولية بأعناقنا، وستتحول هذه المسؤولية إلى حبال من سعير في يوم الحساب إن كان الإهمالُ مقصودا. وذاك حساب عند رب العباد، ولكن نحن لن نسامح، مهما غفلت نفوسُنا ورحمتْ لن نقبل الصبر على من ينكّل بأولادنا تنكيلا وحشيا لإرضاء مسوخ بشرية تعيث بهم.. أنا شخصيا لم أستطع أن أكمل الفيلم من ضعف القلب ورهبة الخوف من المساءلة، فكيف بمسؤولي المركز ومسؤولي الوزارة.. يا ويلهم من الله إن كانوا قد أهملوا. يعني بكاميرا صغيرة تنفجر فضيحة تلوث عواطفنا وهم لا يعلمون؟! ألم يخطر بأذهانهم والملايين تُسفَح يمينا وشمالا أن يضعوا كاميرات مراقبة من قبل الوقاية؟! أم أنهم لم يسمعوا بشيء اسمه كاميرات مثلا؟! ما يرعبني من الوظيفة المدفوعة أن صاحبها أحيانا يستغرق بالنظام الجامد حتى يغرق، أو حتى يجمد، فتصبح الأشياءُ مجرد تطبيق نصوص وتعطل ذهني ووجداني لأن النص يحمي، والوجدان والذهن لا قيمة مادية لهما.. لذلك الصغير الحق حتى نأخذه له كلنا من أكبر سلطة بالأمة إلى أصغر فرد بها.. وعلى المركز والوزارة ألا يبررا، فعندما تبرّر فاعلم أنك أخطأت، وأنك ستكرر الخطأ مرة أخرى! قبّلوا جبينَ الطفل واعتذروا .. وامضوا. لعل الله يغفر..