أسدل الستار في نهاية الأسبوع الماضي على الدورة الثانية من الانتخابات البلدية، ومضت الأمور بهدوء لم يكن موجودا في الدورة الأولى التي حظيت بزخم شديد من الدعاية قبل الانتخابات وبعدها. هناك إجماع على وجود عزوف شديد من المواطنين عن المشاركة في هذه الانتخابات، والسبب كما يقولون أن مرشحي الدورة الأولى لم يحققوا ما كان يتطلع إليه المواطنون، وبالتالي فإن هؤلاء لم يشعروا أن هناك فرقا بين هذه الدورة وسابقتها، مما جعلهم يفضلون البقاء في منازلهم بدلا من الخروج للمشاركة في الانتخابات. فكرة الانتخابات جميلة دون شك، ولا أعتقد أن أحدا يخالف في ذلك، لكن الفكرة الجميلة وحدها لا تكفي لتحقيق آمال الناخبين. هناك معوقات حالت دون نجاح الدورة الأولى، وهي ليست خافية على أحد، لأن الحديث عنها كان ولا يزال مستمرا. العائق الأول كما يقول المنتخبون عدم وجود صلاحيات واضحة المعالم يتحركون من خلالها، فالمفترض أن المجلس البلدي هو من يشرف على كل أعمال البلديات والأمانات، ومن حقه المراقبة والمحاسبة الفعلية؛ يراقب طريقة صرف الميزانية، وأماكن الصرف، كما يراقب أعمال الشركات المنفذة، ويحاسب الشركات المقصرة، والموظفين المتواطئين في التقصير. الواقع يقول إنهم لا يملكون مثل هذه الصلاحيات، والذي يشاهده المواطنون أن هناك إهمالا في تنفيذ بعض المشاريع ولا أحد يحاسب المهمل عليها، ولهذا يتكرر الإهمال هنا وهناك. والعائق الثاني؛ أن وجود عدد من أعضاء المجلس بالانتخاب وآخرين بالتعيين مع وجود رئيس البلدية أو الأمين المعين يحول دون نجاح العملية الانتخابية؛ لأن الغالبية ستكون للمعينين. ولهذا كان من الأفضل أن يكون جميع الأعضاء منتخبين وليس نصفهم. وإذا أرادت الوزارة إنجاح أعمالها فالأفضل أن تعيد النظر في هاتين المسألتين اللتين جعلتا أكثر المواطنين يعزفون عن المشاركة في الانتخابات. أما من يسمون أنفسهم ب«الدعاة» والمشايخ، وطلبة علم، فلهم مع الانتخابات قصة يجب أن تنتهي. وصلتني مثل غيري رسائل عديدة تقول: إن الدعاة والمشايخ يرشحون فلانا للدائرة الفلانية، وبالتالي فهم يطلبون من الآخرين ترشيح مرشحهم! هذا العمل يتنافى مع أبسط قواعد الانتخابات، وكان من المفترض أن يطبق هؤلاء قبل غيرهم هذه القواعد ويحترموها، لكنهم للأسف فعلوا ما يناقضها ويناقض أبسط قواعد النظام الانتخابي. من حق المشايخ والدعاة والآخرين أن ينتخبوا من يشاؤون، لكن ليس من حقهم باسم الدين أن يفرضوا رؤيتهم على الآخرين. أتمنى أن أرى تغييرا كبيرا على الانتخابات المقبلة لأشعر أن هناك عملا حقيقيا يلبي طموحات كل المواطنين.