تدخل الانتخابات البلدية اليوم، مرحلة جديدة، في إطار إطلاق الحملات الإعلامية بالمعنى والمفهوم، في وقت تفتح مراكز الانتخابات في جميع المناطق أبوابها لاستقبال الناخبين لتسجيل أسمائهم ابتداء من الأحد بعد المقبل. وإذا كان القاصي والداني يعرف ماهية الانتخابات البلدية، عطفا على دورتها الأولى، فهل ترى أن التفاعل مطلوب، أم أن تكثيف التوعية يمكنه أن يمحو الجوانب السلبية للدورة الأولى، وهل صحيح أن هناك ما هو سلبي في الدورة الأولى، أم أن الأمر مجرد شائعات لا أساس لها من الصحة، وبافتراض نجاح الدورة الأولى ماذا حققت المجالس الانتخابية حتى يمكن أن يعاد انتخاب الأعضاء السابقين، وألا يعرف المواطن دوره لينتخب من يمثله، أم أن العزوف هو الحل، ثم البكاء على الأطلال. «شمس» فتحت ملف الانتخابات البلدية، بدءا من المجالس الأولى والأعضاء السابقين، من منطقة إلى أخرى، أملا في الوصول إلى رؤية ترفع جدار الصمت عن الصامتين، وتهزم السلبيات بإيجابيات مرتقبة، مرورا بالمناطق ولتكن البداية من الرياض العاصمة. مرارة الفشل وأوضح المواطن خالد القرني «عندما لاحظناهم أيام الانتخابات قبل خمس السنوات الماضية، حيث تم نصب الخيام وتوزيع عدد من اللوحات والبرشورات، التي غطت الشوارع، اعتقدنا أنها ستحقق للمواطن كل شيء، ولكن بعد تعيين هؤلاء الأعضاء لم نلمس شيئا من تلك الوعود». وحمل القرني المجلس البلدي مسؤولية الفشل في عدم تحقيقه تطلعات المواطنين، مؤكدا أن المجلس المحلي لم يحقق تطلعات المواطنين، وثبت فشله في تجربته الحالية، مشيرا إلى أنه لم يقدم أي إنجاز يخدم كافة شرائح المجتمع «نشعر بالمرارة لما وصلت إليه الأوضاع، ونناشد باتخاذ إجراءات إصلاحية واعتماد سياسة الإحلال والتغيير في عدد من المجالس عبر الدورة الجديدة، بدلا من الوجوه القديمة، مع ضرورة الاستعانة ببعض الكفاءات في المناطق النائية». ويصف المواطن عايض الأكلبي الذي كان أحد المقترعين في الدورة الأولى، الانتخابات السابقة بالناجحة إجمالا «إلا أنه شابها بعض الأخطاء التي تمحورت حول عدم وجود برامج واضحة للكثير من المرشحين، إضافة إلى بعض التكتلات القبلية والعائلية، وبناء الآراء على سماع الآخرين دون النظر إلى برنامج المرشح، وهذه الأخطاء بسبب ضعف الوعي الانتخابي لدى بعض المواطنين، وغياب التوعية الإعلامية والإعلانية، التي تعنى بنشر ثقافة الانتخابات بعيدا عن الانتماء القبلي أو العائلي، بالإضافة إلى غياب الوعي بمفهوم المصلحة الاجتماعية، ومن الملاحظات السلبية على انتخابات المجالس البلدية في دورتها الأولى، عدم دراية المرشحين بالأسلوب وكيفية عمل برنامج انتخابي مقنع للمواطنين على مختلف مستوياتهم العلمية والعمرية، أو أن الوسيلة الإعلانية للمرشحين ليست بالمستوى المطلوب، بل لم تصل للمواطنين، وجميع هذه الأخطاء تعود إلى أن ثقافة الانتخابات والترشيح كانت جديدة على المجتمع، وهذا أمر طبيعي ولا تخلو دائما البدايات الجديدة من بعض القصور». التجربة الأولى أكد عضو المجلس البلدي في الرياض الدكتور إبراهيم القعيد أن عضوية المجالس البلدية هي أول مرة في تاريخ المملكة، وهناك مؤسسات تشرف وتتعلق بالعمل البلدي، فالمجلس البلدي يقوم بعملية الرقابة والمحاسبة والإشراف على أعمال البلديات وهذا كان له تأثير كبير جدا حتى على تحسن خدمات البلديات خلال السنوات الخمس الماضية، وكذلك تحقق في المجالس البلدية مشاركة المواطنين في التعبير عن آرائهم واقتراحاتهم وطلباتهم بأعضاء المجالس البلدية «بمعنى أن المواطن يستطيع أن يذهب إلى هذه المجالس البلدية، ويتحدث ويتحاور معهم ويوضح مشاكله بالأمور المتعلقة بقصور الخدمات البلدية التي توفر له في منطقته ويستطيع عن طريق المجالس البلدية أن يتابع ويراقب ويحاسب». وأوضح العقيد «كما استطاعت المجالس البلدية عن طريق الشخصيات الاجتماعية التي انتخبت والأشخاص المهنيين المحترفين الذين عينوا من قبل الدولة أن يرفعوا من مستوى العمل البلدي، وأن يكونوا قريبين للمواطنين، وأيضا قريبين للمسؤولين، بحيث لو أجريت مسحا على مستوى المملكة، ولاحظت مستوى رضا الناس عن العمل البلدي مقارنة بالخمس سنوات الماضية، ستجد أنه الآن أفضل، وهنا لن أتحدث عن المدن الكبرى، ولكن الصغيرة والأرياف، حيث استطاعت المجالس البلدية فيها أن تحقق وأن تشتغل وتعمل». مقياس النجاح وبين أنه «من الأشياء الأخرى الجيدة أن المجالس البلدية استطاعت أن تتواصل مع المواطنين، وأن تقدم مؤسسة منتخبة من الناس منتخبين معينين، يقدمون مؤسسة جيدة، أعطت البلد سمعة جيدة، لأنها بدأت تراقب العمل البلدي، والكل يعرف أن قضايا المراقبة في هذا البلد يحتاج لها الكثير من العمل والجهد، والدولة ترغب في ذلك لكن ليس هناك الآليات المناسبة لعمل ذلك، بالإضافة إلى ذلك المجالس البلدية أيضا حققت قضية مهمة جدا خلال الخمس سنوات الماضية، حيث كانت تعمل بنظام معين وهو نظام المجالس البلدية، لكن السبب العمل والجهد والتعاون مع وزارة الشؤون البلدية والقروية، وبين أعضاء المجالس البلدية، فتم اقتراح وتبني نظام جديد للمجالس البلدية رفع لوزارة الشؤون البلدية والقروية ومن ثم رفع للمقام السامي لإقراره قريبا، وهذا النظام إذا صدر فسيعطي المجالس البلدية الكثير من الصلاحيات والإمكانات لخدمة العمل البلدي، وأيضا من الأشياء التي حققتها المجالس البلدية أنها عملت نوعا من الضبط على البلديات لتحسين خدماتها بمعنى أصبح هناك جهاز يراقب ويحاسب البلديات، وهذا بحد ذاته أثر بشكل كبير جدا على مستوى الخدمات المقدمة». سقف عال وحول العوائق التي تقف أمام المجالس، اعترف القعيد بأن «أكبر معوق لمجالس البلديات أن المجالس البلدية بدأت في المملكة بسقف مرتفع جدا جدا من التوقعات لدى المواطنين، الذين كانوا يتوقعون أن المجالس البلدية ستحقق كل شيء، لأنه تمت حملة إعلامية للانتخابات، وهناك اهتمام كبير جدا من الدولة، فالمواطنون بمجرد أن جاءت المجالس البلدية اعتقدوا أنه سيتغير الأمر وتتحسن خدمات البلدية مباشرة، ولكن المجالس البلدية جاءت إلى بيئة إدارية لا يوجد فيها صلاحيات وإمكانيات كافية، فاضطرت المجالس البلدية إلى أن تعمل مع الظروف والإمكانيات الصعبة من قلة الصلاحيات والإمكانيات المادية والمعنوية، فيما يتعلق بالمجالس البلدية، وأتمنى هذا الأمر أن يتغير في النظام الجديد». خبرة غائبة وأشار إلى أن «كثيرا من أعضاء المجالس البلدية الذين تم انتخابهم ما كان لديهم خلفية بالعمل البلدي وليس لديهم معرفة بماهية إمكانات البلديات وما هي المشاكل التي تواجهها، لذلك أخذوا وقتا طويلا جدا وهم يتعرفون ويتعلمون وعندما تعرفوا وتعلموا، أصبح الوقت متأخرا جدا، لأنه إذا تعرفت على ما هي المشاكل كل يريد أن تحل هذه المشاكل العادية، ومن العوائق حقيقة أن الجهات التنفيذية مثل الجهاز البلدي والبلديات ليست معتادة أن يكون عليها رقابة وجهاز رقابي يشرف على ميزانياتها وصرفها، وهناك عدم التجانس وتزامن هذا مع عدم وجود الصلاحيات الواضحة للمجالس البلدية، وهذا أثر بأن أصبحت الكفة للجهاز التنفيذي على الجهاز الرقابي، ومن العوائق أيضا أن أعضاء المجالس البلدية ما كان لهم أماكن يعملون منها أو مقرات وأوقات معينة يتم عن طريقها العمل، كان العمل كثيفا لكن الوقت المخصص لعمل عضو المجلس البلدي قليل، إلا أن هذا يؤثر ويغير كثيرا مستوى المسؤوليات الكبيرة، ومن المفترض أن يكون عضو المجلس البلدي في مكتب وسكرتارية للمراقبة والمحاسبة، وهذا لم يكن موجودا في المجلس البلدي وأثر على عمل المجلس البلدي». وحول كيف يرى تعاون الجهات المختصة مع المجالس البلدية خاصة الأمانة، بين القعيد أنه «في بعض أمانات البلديات كان هناك تعاون كبير، ومن الأمثلة أمانة مدينة الرياض كان التعاون مع المجالس البلدية جيدا، وكان هناك عقد اجتماعات مع أمين مدينة الرياض والمسؤولين في الأمانة، وكان هناك تعاون وعمل مشترك ولكن المجالس البلدية على مستوى الأمانات في المناطق الأخرى، كان المجلس البلدي وأعضاء المجالس البلدية ليسوا على ما يرام، مما أثر على أعمالها وإنجازها». وحول تصوراته حول عضوية المجالس البلدية، أوضح القعيد «أعتقد أن عضوية المجالس البلدية لتحقيق مبدأ مهم جدا ترغب فيه الدولة وهو مشاركة المواطن في صنع القرار، فوجود المواطنين سواء أكانوا منتخبين أو معينين في جهاز رقابي على العمل البلدي، سيكون له آثار كبيرة جدا وممتازة في البلد، للوصول إلى المحافظة على هذه المؤسسة، وأن نقوم بعمل الانتخابات بنفس الطريقة التي نظمناها المرة السابقة، ونضمن نزاهتها الكاملة، وأيضا تعطي عضو المجلس البلدي الصلاحيات الكافية لتحقيق أهداف الدولة لتدعيم المجالس البلدية» .