سن العبقرية هي تلك التي ترواح بين 20 و30، فالشاب هنا في قمة النضج والحيوية والإقبال على الحياة واكتشافها، واليوم اجتمعت بشابين في سنا 22 و23 عاما فقلت لهما أنتما تستقبلان الحياة ونحن نودع. وكان الشاب بشر بن صديق قديم لي مكافح مثقف فخلف من بعده ذرية طيبة، وعرفت أنه يتتبع ما اكتب بدقة بالغة. فحمدت الله أن هناك من يتابع رحلتنا. وحين اطلعت على نشر أسماء أهم الناس في عام 2006 كان أبرزهم شابان طورا نظام السكايب، وهو طريقة مجانية للتحدث عن طريق النت بالصوت والصورة فقلت سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون. وحين كنت أقول لصديقي جراح الأعصاب هذه الآية عن الفاكس والإنترنت تأملني ثم قال ولكن هذه الآية نزلت في الحمير والبغال؟ ومما ظهر للسطح دراسة عن أعظم شخصيات العصر هما لا شك الثنائي الذي طور نظام (السكايب) الذي يستخدم منذ فترة قصيرة Skype في الإنترنت كأفضل تلفون عبر القارات ومجاني. ولفترة خلت كنا نستخدم بطاقات خاصة، ولكن لم تكن المثالية؛ فتخلينا عنها مرة أخرى للتلفون العادي والموبايل، بكل يكلفته، حتى جربت أنا شخصيا السكايب، وبالطبع ليس للحديث مع جمهوريات الخوف والبطالة فهذه خارج إحداثيات التاريخ والجغرافيا، وهي أشبه بالمقابر، والموتى لا يملكون ضرا ولا نفعا وما يعلمون أيان يبعثون؟ أما الحديث التلفوني بين المملكة وكندا وبريطانيا أو حتى المغرب مثلاً، كما أفعل أنا يجعلني لا أصدق، لأنه أنقى صوتا، وأحسن جودة، ووضوحا، واستمرارا، وبالصوت والصورة ومجاناً، وبذلك فأنا أتحدث الساعات مع من أحب دون أن أدفع أي رسوم. وأصل الفكرة جاء من شابين مثاليين والشباب هكذا فضيلة ونشاط وطموح ومكابدة هما سويدي ودنماركي على الترتيب نيكلاس زيشتروم Niklas Zennstroem ويانوس فريس Janus Friis وكانت فكرتهما تقوم على أن الشركات تستغل جيوب الناس، وتفرض رسوما باهظة تحت التذرع ببعد المسافات، والعالم لم تعد فيه مسافات بعد أن حطم العلم الجغرافيا مع الإنترنت. قالا يجب على الناس أن تتصل ببعضها بعضا، ليس على نحو رخيص، بل من دون أي يكلفة إطلاقاً، وحاليا مشتركو السكايب بالملايين، وكثير لم يسمع به، ومن كان عنده الإنترنت السريع تمتع به فزاد خيرا على خير، وأنصح به كل قارئ أن يشترك ويتصل بمن يحب في العالم، من دون أن يخشى الوقت ويبدأ في مد يده عميقا إلى جيبه، وإن كان سيجد النوعية السيئة حيث الأنظمة الديكتاتورية الثورية، التي تعيش نظام المماليك البحرية، ولا يوجد الإنترنت السريع، أو أنه محاصر، أو يلقى القبض على من قرأ موقعا للمعارضة؛ فحوكم السنوات ذوات العدد يقضيها في الحبوس، لأن جمجمته تفتحت وتنفست. وقانون التاريخ أنه يكنس هذه الأنظمة غير مأسوف عليها. ونظام السكايب الجديد برع في هذا فأصبح الناس خلق الله يتصلون ببعضهم، في ثورة اتصالات أشبه بالحلم، مقارنة بعشر سنوات خلت. ويقول الشابان (المثاليان) إنهما يحلمان بتوحيد العالم ليس بالمدرعات والانقلابات بل بالعلم والقلم والتكنولوجيا البحتة. يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات.