في سورية أشياء كثيرة مؤجلة وبعيدة إلى ما بعد الأفق، وأخرى تنتظر على شباك الأمنيات، وأخرى تحاول أن تجد لنفسها حلاً في ظل الظروف الراهنة. في الحرب والسلم الناس بحاجة الى كثير من الأشياء التي تتعدى الطعام والشراب، فالحب أيضاً مشروع في كل الظروف. قصص الحب في سورية لا تنتهي على رغم الألم والدماء. حكاية ليلى وعمر، مثال واضح على ما يعيشه العشرات في سورية، ليلى من حماة وعمر من مدينة حمص. بدأت قصة حبهما ونضجت وأصبحت مؤهلة للزواج، بالتزامن مع هبوب رياح الثورة في سورية. التقيا في دمشق وأكملا التعارف عبر الانترنت. يقطن عمر مع أهله في الامارات، وبات من الصعب عليه المجيء، فهو من عاصمة الثورة. أمّا ليلى فانتظرت أشهراً طويلة ونفد صبرها، وأخيراً قررت أن تتزوج على «سكايب». زواج سكايب، مصطلح جديد بدأ يغزو تقاليد الزواج والأعراف في سورية، محطماً قيد التوارث ومعلناً زمناً جديداً، تلعب فيه أيضاً التكنولوجيا ووسائل الاتصال الحديثة دوراً أساسياً. فليلى تؤكد أن هذه الطريقة أصبحت منتشرة بقوة في الآونة الأخيرة في حمص ودرعا وحماة وأخيراً وصلت إلى حلب. تتلخص طريقة زواج سكايب بأن يرتدي الشاب بدلة أنيقة، والفتاة فستان العرس أو فستاناً أبيض على أقل تقدير، يفتح الشاب في بلاد الغربة السكايب، وحيداً أو مع عدد من الأصدقاء، بينما تكون العروس في الطرف السوري، أو العكس، جالسة مع أهلها وأهله في كثير من الأحيان، يقرأ الشيخ في سورية الفاتحة، فيرد الشاب عبر السكايب ب «آمين»، يحادثه الشيخ عبر السكايب ويسأل الفتاة هل هي موافقة، وتعلن الفتاة موافقتها، يرتدي الشاب محبسه وحده، وكذلك الفتاة، لتنطلق الزغاريد. وقد يوكّل الشاب من ينوب عنه في كتب الكتاب، وحينها يصبح عليه فقط أن يدخل المحبس وحيداً في إصبعه. طريقة درجت بين فتيات سوريات ارتبطن بأحبة خارج سورية، وأحياناً كثيرة داخلها، عندما يصعب على شاب وأهله يسكنون محافظة، الوصول إلى محافظة اخرى فيقوم أهل العروس ببعض الاتصالات الهاتفية للسؤال عن الشاب وهي الاجراءات الاستقصائية التقليدية، ثم يحدث زواج السكايب. وتؤكد فتيات كثيرات أنه في البداية واجهت التجربة كثيراً من الرفض من جانب الأبوين، وبخاصة أهل الفتاة ولكن مع مرور الوقت، بدأ الأهل يقتنعون بالأمر حتى أصبح الحل الوحيد في بعض الحالات. وتضحك سمر التي تمت خطبتها عبر السكايب، قائلة: «وجد الشباب فرصة ذهبية في هذه الطريقة لتوفير مصاريف الزواج والعرس ومسلتزماته!».