ذكرت قناة النيل الإخبارية المصرية مساء الجمعة نقلا عن وزارة الصحة أن شخصين قتلا عقب نقلهما لمستشفى القصر العيني ، فيما بلغ عد المصابين نحو 220 شخصا في الاشتباكات المستمرة منذ فجر الجمعة بين المعتصمين أمام مقر مجلس الوزراء وقوات الأمن. ولم تمض سوى أيام قليلة على انتهاء مواجهات شارع محمد محمود بين قوات الأمن والمتظاهرين حتى اندلعت مجددا هذه المرة في شارع القصر العيني أمام مجلس الوزراء ومجلس الشعب حيث انتهت أول أمس الأربعاء المرحلة الثانية من انتخاب أعضائه. وبدا من شهادات ناشطين أن قوات من الجيش والشرطة حاولت استفزاز المعتصمين عبر القبض على أحدهم وضربه بشدة، لتبدأ المناوشات وصولا إلى فض الاعتصام المستمر منذ نحو 3 أسابيع بالقوة حتى تتمكن حكومة الجنزوري من عقد أول اجتماع رسمي مقرر لها الأحد في مقر المجلس، وذلك بعدما فشلت محاولة فضه بالحيلة عبر الوجبات المسممة التي وزعتها سيدة منقبة على المتظاهرين ظهرت صورها لاحقا على الانترنت، كما يقول هؤلاء. وبدأت المناوشات فجر الجمعة وسط القاهرة بين المحتجين المعتصمين منذ شهر قرب مقر الحكومة، بعد ان قال متظاهر مصاب ان الجنود اعتقلوه وضربوه، وهو ما اثار سخط رفاقه المحتجين الذين شرعوا في رمي الجنود بالحجارة. ورد الجنود باطلاق النار في الهواء واستخدام خراطيم المياه، قبل ان يشرعوا برمي الحجارة التي رميت عليهم من سطح مبنى مجلس الشعب (البرلمان). وقالت الناشطة المصرية ضد محاكمة المدنيين في المحاكم العسكرية منى سيف ان الجنود رموا المحتجين بالكراسي من سطح مبنى البرلمان. ويعتصم محتجون خارج مقر الحكومة منذ الخامس والعشرين من الشهر الماضي، وهم مجموعة تفرعت من مظاهرات اكبر تواجدت في ميدان التحرير في وقت سابق. ويحتج هؤلاء على تعيين رئيس وزراء جديد، ويطالبون المجلس العسكري الحاكم تسليم السلطة بالكامل الى حكومة مدنية. الا ان المجلس العسكري، الذي تسلم زمام الامور في مصر منذ الاطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك في فبراير/شباط، قال انه سيسلم السلطة عند انتخاب رئيس للبلاد في نهاية يونيو/حزيران المقبل. وقالت وزارة الصحة المصرية إن شخصين قتلا بعد نقلهما لمستشفى القصر العيني، فيما أصيب 105 آخرون في حصيلة أولية خلال الاشتباكات المستمرة قرب مقر مجلس الوزراء وأمام مجلس الشعب، وامتدت المظاهرات إلى مدينة الإسكندرية، بينما قال مصدر مسؤول في القاهرة إن هناك "محاولات مستميتة" لجر البلاد إلى الفوضى واستغلال انشغال الأجهزة الأمنية بتأمين الانتخابات. ونقل التلفزيون المصري عن وكيل وزارة الصحة هشام شيحة مساء الجمعة أن إجمالي عدد المصابين في الاشتباكات ارتفع إلى 105 مصابين، وحالتهم جميعا مستقرة. كما أضاف أن 32 عنصرا من قوة تأمين المنشآت الحيوية بشارع القصر العيني بوسط القاهرة، اصيبوا أثناء محاولة محتجين اقتحام مقر مجلس الشعب، مشيراً إلى أن فرق المسعفين والفرق الطبية بالمستشفيات تقوم بإسعاف جميع المصابين وتقديم الخدمات الطبية والعلاجية اللازمة لهم. وأوضح عدوي أن الإصابات كانت ما بين كسور وجروح وكدمات نتيجة الاشتباكات والتراشق بالحجارة وطلق ناري وخرطوش. ونقلت الوكالة عن مصدر مسؤول لم تكشف هويته قوله إن هناك "محاولات مستميتة للنيل من استقرار مصر وجرها للفوضى خاصة أثناء سير العملية الانتخابية،" وأضاف "إن البعض يحاول استغلال فرصة انشغال القوات الأمنية من الجيش والشرطة بتأمين الانتخابات للتأثير على الوضع الأمني في البلد وجر البلد إلى الفوضى." ورداً على ما يجري في القاهرة، تظاهر العشرات أمام قيادة المنطقة الشمالية العسكرية بالإسكندرية للتنديد بالأحداث التي وقعت أمام مجلس الوزراء بالقاهرة ورفع المتظاهرون الأعلام المصرية واللافتات المعبرة عن مطالبهم. وردد المتظاهرون الهتافات المطالبة بتسليم السلطة إلى مدنيين لإدارة البلاد خلال المرحلة الانتقالية. من جانبه، أصدر المشير حسين طنطاوي القائد العام رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، أوامره بعلاج جميع المصابين من المدنيين في أحداث الجمعة التي وقعت أمام مبنى مجلس الشعب في مستشفيات القوات المسلحة، بينما دعا وزير الإعلام الأسبق، منصور حسن، رئيس المجلس الاستشاري، أعضاء المجلس لاجتماع طارئ مساء الجمعة لبحث موقفهم من الأحداث. أما رئيس الوزراء، كمال الجنزوري، فقد رفض التعليق على الأحداث التي وقعت الجمعة في شارع مجلس الشعب وأمام مجلس الوزراء وخرج من مقر معهد التخطيط القومي بشارع صلاح سالم في مدينة نصر وعلى وجهه علامات الضيق قبيل ركوبه سيارته مغادرا مقر المعهد، وفقاً للتلفزيون المصري. وأظهرت مشاهد بثها التلفزيون الرسمي عدداً من الأشخاص وقد اعتلوا مبنى مجلس الشعب، يقومون برشق أشخاص آخرين على الأرض بالحجارة، والكتل الأسمنتية، فيما أفاد شهود عيان باشتعال النار في مبنى تابع لوزارة النقل، بالقرب من موقع الأحداث، كما اشتعلت النيران في عدد من الخيام التي أقامها المعتصمون أمام مبنى البرلمان، المواجه لمبنى مجلس الوزراء. وبينما أفاد طبيب، في عيادة مؤقتة بالموقع، بأنه قام بمعالجة عشرات المتظاهرين من إصابات ناجمة عن تعرضهم للرشق بالزجاج والصخور، قال الناشط والمدون وليد ندا: "كل شيء بدأ عندما اعتقل الجيش رجلاً، ثم بعد ساعة من خروجه كان بالكاد قادراً على المشي من شدة الضرب.. كان وجهه وجسده وملابسه مضرجة بالدماء، وحمله المتظاهرون إلى المستشفى المؤقت." من جهتها، قالت الناشطة منى سيف لCNN الجمعة، إن أعمال العنف اندلعت بعد أن اعتقلت السلطات و"ضربت بوحشية" اثنين من المتظاهرين، لافتة إلى أن أحدهما يدعى عبودي إبراهيم، وأضافت قائلة: "لا يوجد لديه كسور في العظام، ولكن كدمات كبيرة في الوجه، وجروح، وحروق شديدة من الصواعق الكهربائية".. وتابعت بقولها: "سوف نتقدم بشكوى للشرطة قريباً." سيدة " الحواوشي " من جهة أخرى ما زالت قضية إصابة عشرات المعتصمين المصريين بتسمم جماعي تشغل اهتمامات الشارع المصري، في ظل الغموض الذي يحيط بالقضية، خاصةً بعدما أذاع التلفزيون الرسمي صور سيدة تقوم بتوزيع وجبات غذائية على المعتصمين، يُعتقد أنها كانت سبباً في إصابتهم بالتسمم. وأظهرت مشاهد الفيديو التي بثها التلفزيون المصري مساء الخميس، سيدة "مجهولة" تستقل سيارة ملاكي من نوع "شيفروليه لانوس"، توقفت أمام مقر مجلس الوزراء، ثم قامت بتوزيع وجبات غذائية على عدد من المعتصمين، قبل قليل من ظهور حالات الإصابة بالتسمم، والتي وصلت إلى نحو 65 حالة. وفي وقت لاحق، طالب "تحالف ثوار مصر "، في بيان أورده موقع "أخبار مصر" الرسمي الجمعة، بمحاكمة "كل المسئولين عن قتل وضرب وتسميم الثوار من شباب مصر"، ودعا المتحدث باسم التحالف، عامر الوكيل، إلى مساندة وحماية الشعب المصري ل"شباب الثورة"، المعتصمين منذ ما يقرب من ثلاثة أسابيع أمام مقر مجلس الوزراء. ومازالت السلطات المصرية تواصل جهودها لكشف أسباب إصابة عشرات المعتصمين أمام مقر مجلس الوزراء بأعراض تسمم جماعي الأربعاء، مما استدعى نقلهم إلى عدد من مستشفيات القاهرة، وسط أنباء عن تناول هؤلاء المصابين وجبة "حواوشي" فاسدة. ونفى وزير الصحة في حكومة الإنقاذ الوطني، الدكتور فؤاد النواوي، سقوط أي حالات وفاة بين الحالات المشتبه في إصابتهم بالتسمم، وقال إن إجمالي الحالات بلغت 65 حالة، غادر 64 منهم المستشفيات بعد أن استقرت حالتهم، باستثناء حالة وحيدة، ما زالت تتلقى العلاج بمركز "السموم"، التابع لجامعة "عين شمس." وأشار وزير الصحة، في تصريحات أوردها موقع "أخبار مصر"، التابع لاتحاد الإذاعة والتلفزيون الرسمي الخميس، إلى أن مستشفى "المنيرة" العام استقبل 27 حالة، فيما استقبلت مستشفيات "القصر العيني" 33 حالة، كما تم نقل 5 حالات إلى مركز السموم بجامعة عين شمس. من جانبه، ذكر وكيل وزارة الصحة للشؤون الوقائية، الدكتور عمرو قنديل، أنه تم، فور إبلاغ الوزارة بحدوث حالات تسمم جماعي بين المعتصمين أمام مجلس الوزراء، أخذ عينات من الطعام الذي تناوله المصابون، وهو عبارة عن "حواوشي" و"عدس"، وجرى إرسالها إلى المعامل المركزية التابعة للوزارة. وأضاف قنديل أنه تم أيضاً أخذ عينات دم من 12 حالة مصابة ب"قيء" و"آلام في البطن"، بالإضافة إلى عينات من "العصارة المعوية" ل6 حالات، وتم إرسالها إلى مركز السموم بطب عين شمس، والمعامل المركزية لتحليلها، مشيراً إلى أن النتائج سوف تظهر خلال 72 ساعة. المثير أن النتائج الأولية لعينات الدم، التي تم تحليلها في مركز السموم بالقصر العيني بعد ساعتين من أخذها، جاءت جميعها "سلبية"، بحسب المسؤول الصحي. إلا أن قنديل قال إن نتائج التحاليل الأخرى سوف تظهر أسباب حدوث هذه الإصابات، مشيراً إلى أن مصدر الطعام الذي تناوله المصابون "غير معروف"، رغم أن معظمهم غادر المستشفيات بالفعل، بحسب الروايات الحكومية. إلى ذلك، طالب الدكتور عبدالله الأشعل، المرشح المحتمل للرئاسة، حكومة الإنقاذ الوطني، برئاسة الدكتور كمال الجنزوري، بسرعة فتح ملف عاجل للتحقيق في واقعة تسمم المعتصمين أمام مجلس الوزراء، وتقديم "الجاني لمحاكمة عاجلة بتهمة "قتل المصريين." ووصف الأشعل، في تصريحات أوردها الموقع نفسه الخميس، الحادث بأنه "كارثة بجميع المقاييس، تضاف إلى الحوادث السابقة التي حلت بالشباب المصري"، إلا أنه أكد رفضه ما تردد بأنها "محاولة لفض الاعتصام بوسيلة غير القوة"، واستبعد أن يكون لمجلس الوزراء أي دور فيما حدث.