وجَّه علماء وباحثون انتقادات حادة لعادة الطواف في الأحياء الشعبية المغربية بالملابس الداخلية (السروال) للعروس ابتهاجًا بعذريتها بعد انتهاء ليلة الدخلة، معتبرين أنه ليس لها أصل في الشرع ولا حاجة لها بين الزوجين، وأنها نوع من "الفضيحة الاجتماعية" وإفشاء لأسرار العلاقات الزوجية. وقال الدكتور محمد رأفت عثمان عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر: "هذا شيء مستقبح شرعًا، ويتعارض مع مكارم الأخلاق التي حث عليها الإسلام في كل أنواع السلوك الإنساني .. فمن المفترض أن يكون اللقاء الأول بين الزوجين محاطًا بالسرية كما في باقي اللقاءات". واعتبر أن هذه العادة نوع من الإفشاء المحرم الذي نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عنه في الأمور المتعلقة بين الزوجين. وقال الدكتور رأفت: "يجب على علماء الشريعة في المغرب أن يحذروا من هذه العادة، لأن العوام لا يدركون مدى مخالفة هذا العمل لآداب الشرع، وأن هذه العادة من المستنكرات". من جانبه، قال الدكتور مصطفى بنحمزة، رئيس المجلس العلمي لمدينة وجدة، إن الاحتفال بالسروال ليس له أصل في الشرع، معتبرًا أنه "نوع من الفضيحة الاجتماعية التي يبدأ بها الزوجان حياتهما الزوجية، التي من المفروض أن تكون مؤسسة على الحشمة والحياء". وتأييدًا للرأي السابق، أكد الدكتور محمد عز الدين توفيق، أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة الدارالبيضاء، أن هذه العادة غير لائقة، لأن المعاشرة الزوجية في ليلة الدخلة يجب أن تكون في طي الكتمان بين الزوج وزوجته. وقال توفيق: إنها عادة اجتماعية زائدة لا حاجة لها، وتتسبب في نوع من الإحراج للزوجين، بل قد يتبعها القيل والقال في حق الزوجة والزوج أيضًا، وقد تكون مسلكًا نحو العداء بين أسرتي الطرفين. وفي الإطار ذاته، طالبت عديدات من نساء وفتيات المغرب بإلغاء هذه العادة الاجتماعية والشعبية، بسبب الحرج الكبير الذي يقعن فيه نتيجة انتظار أسرتي الزوجين للسروال وقتًا طويلاً، ما يفضي إلى توتر أعصاب ونفسية الزوجين في خلوتهما الشرعية الخاصة ليلة الدخلة. وفي تفسيره لجذوره الظاهرة في المغرب، أوضح الباحث التربوي والنفسي محمد الصدوقي أن عادة الاحتفال بالسروال النسائي تعد موروثًا قديمًا نسبيًّا في المجتمع المغربي، مشيرًا إلى أن جذوره تعود إلى ما يسمى بثقافة العار والطهر؛ حيث تختلط الطقوس الجماعية بالدين الشعبي. وبحسب الصدوقي، فإن هذه العادة عبارة عن رسالة موجهة إلى الآخرين من جيران وأسر، مضمونها أن الزوجة طاهرة وعذراء، ومن ثم تنتمي إلى أسرة تتسم بالمحافظة على القيم التربوية والدينية الفاضلة. وأكد على أن هذه العادة تخلص الأسر التي تقوم بها من الضغوطات النفسية المتعلقة بشك المحيطين في مدى طهارة و"تربية" الابنة، وكذلك تعتبر مناسبة للتباهي، وإبراز صورة وقيمة الأسرة لدى الآخر. يذكر أن عادة الطواف بسرول العروس تنتشر في مناطق مختلفة في العالم العربي، ففي مصر لا تزال بعض الأسر تلتزم بإظهار "منديل العفة" تأكيدًا لعذرية العروس، كما تنتشر أيضًا في بعض مناطق الأردن والجزائر.