لو حسبنا كم مرة وردت كلمة الديموقراطية على ألسنة العرب في السنوات الأخيرة لخرجنا برقم هائل لم يصل إليه من يطبقون الديموقراطية منذ سنوات . ذلك لأننا نلهج بألسنتنا ما لا نفهم ولا نريد أن نفهم ولهذا عندما خُيل للبعض أنه يطبقها كان في الحقيقة أبعد ما يكون عنها . فما الذي يحدث ؟ وما هذه الجفوة بيننا وبين السيدة ديموقراطية وهي جعلتنا نحاول أن نرضخ الديوقراطية لنا ولأفكارنا بالقوة وهذا فعل بعيد كل البعد عن طبيعتها الرزينة الحكيمة التي تستمع كثيراً للآخر وتوازن الأمور وهذا ما لا نستطيع أن نصل إليه طالما استمر عنفوان ألسنتنا وأيدينا التي نتشابك بها في مجالس الأمم والبرلمانات والاجتماعات !! ولن نستطيع أن نقترب منه طالما نحن نشتم الآخر لنقول له أنت على خطأ دائم وأنا على صواب دائم!! وطالما كانت حملاتنا الانتخابية تعتمد مد الموائد الكنتاكية أو تقديم المواعين للسفرة الرمضانية . لن نحقق شيئاً ونحن نطعم البطون بطعام مؤقت سريع الزوال وبامكان الطرف الخصم أن يتولى مهمة الإشباع في الجولة التالية ! لن نفلح ونحن لا نطعم العقول بما تعقله من أقوال وبما تراه من أدلة ظاهرة بينة على أرض الواقع . ولن نفلح إذا استبدلنا نقائض جرير والفرزدق بخطب مسمومة ومقالات لبست ثوب الهجاء القبلي الجاهلي . ينتظر الناس السلام والأمان ويبيتون ليلهم وهم ينتظرون الصباح ورغيف الخبز فيفاجئهم الغدر بمصالحهم أمام مصالح بعض أشخاص يوهمون غيرهم أنهم من أجلهم يعملون . فأيقنوا أن صناديق الاقتراع العربية كذبة كبرى ، وأن خططهم الإستراتيجية لا تختلف كثيراً عن قصيدة عمرو بن كلثوم . علينا قبل أن نحاول الاقتراب من الديموقراطية أن نتعلم كثيراً من الامور على رأسها التهذيب في العرض والطلب والإقناع والنقاش . علينا أن ندرك الفرق بين الوضوح والصراحة وبين الهمز والوقاحة . لقد ضقنا وضاقت بنا إدعاءات من يدعون تحقيق الديموقراطية أو السعي إليها على طريق غرقت بدماء الأبرياء وأموال الحالمين بالسلام ونبذ السلاح . وإحلال الرأي محل الرصاص .كل معاني العقل والحكمة فقدت قوتها ورونقها بين أمواج متلاطمة من سوء السلوك وسوء التهذيب في التعامل مع الأحداث والرغبة ذات الوجه القبيح في الانتصار بأية طريقة كانت والانشغال عن تحقيق المراد بإلجام العقول والألسن الرصينة بشتى الطرق فذاك بالهزل وآخر بالسلاح وفقد الناس قدرتهم على التفريق بين الحق والباطل والصادق والكاذب والمتلون والثابت وتزعزعت الثقة بكل الكلمات التي تدون بها الخطب. ينتظر الناس السلام والأمان ويبيتون ليلهم وهم ينتظرون الصباح ورغيف الخبز فيفاجئهم الغدر بمصالحهم أمام مصالح بعض أشخاص يوهمون غيرهم أنهم من أجلهم يعملون . فأيقنوا أن صناديق الاقتراع العربية كذبة كبرى ، وأن خططهم الإستراتيجية لا تختلف كثيراً عن قصيدة عمرو بن كلثوم . وضاعوا وتاهت بهم الخطى أفيحاولون استعادة الثقة بالوعود والصناديق ويخرسوا أم ينادون التاريخ. أو يواصلون البحث عن منقذ جديد يستهدي بهدي عدالة القرآن وخلق محمد عن حق وفعل وليس عن تشبه ظاهري من أجل الفوز . Twitter: @amalaltoaimi