بصراحة شديدة (وربما فجه) صرت إذا قالوا لي إن وزير الصحة سيتحدث إلى هذا البرنامج أو ذاك أتجنب التلفزيون إلى أن ينتهي حديثه مؤثرا سلامتي النفسية والعقلية والمنطقية، فالوزير الذي يحمل أمانة صحة المواطنين يستعرض عضلات الوزارة أكثر مما يناقش مشكلات وزارته مع الناس بعمق. أمس كان هناك خبر حملته هذه الجريدة عن مواطنة القيصومة «عصريه»، التي دخلت مستشفى الملك خالد العام بحفر الباطن تشتكي من تشنجات عصبية، ولخطأ في التشخيص انتهت، حسب رواية أخيها، إلى العناية المركزة ووفاة دماغية وإلى ما يعتبره المستشفى ملفا بالغ السرية عن حالتها. إذا لا جديد، فنحن موعودون كل يوم بكارثة طبية تعصف بأجساد وحياة الناس ثم يأتينا الوزير وأركان وزارته بأرقام (تبريرية) عن حجم الأخطاء الطبية التي تُرتكب في أمريكا والدول المتقدمة. وبالتالي لماذا تحمر عيوننا كل ما حدث خطأ طبي، طالما أننا من العالم الثالث الذي يُفترض أن تكون فيه الأخطاء أكثر وأشنع؟!! ومادام الأمر كذلك فلنكف عن الصراخ والعويل ومطالبات تصحيح مسار الجهاز الطبي في المملكة، إذ بالرغم من كل الأخطاء والكوارث السابقة لم يتحرك ساكن في هذه المنظومة، إلى أن أصبحنا نحمد الله أن مَنّ على أحد مرضانا بالخروج سالما من براثن الأخطاء التي أصبحت محتملة ومترقبة في كل حين. وهذا يعني، شاء الوزير أم أبى، أن مرافق الصحة، حكومية وخاصة، تفقد مصداقيتها وستكون مع الوقت ساحة مرعبة، الداخل إليها مفقود والخارج منها مولود. وهذا، طبعا، ما لا نريده لا كمواطنين ولا كمسؤولين، لكن الأمر برمته مرهون بالتواضع والاعتراف بالقصور والأخطاء والعقوبات المغلظة. ولكم أن تتصوروا كيف سيفكر الطبيب في إجرائه ألف مرة لو علم أن عقوبات الأخطاء تنص على أن الحد الأدنى لغرامة الخطأ الطبي سجن سنه ومائة ألف ريال من جيبه ومليون من الوزارة؟ فقط تصوروا كيف ستتبدل الحال وتغيب أرقام التبرير (الساذجة) من الدول المتقدمة. تويتر: @ma_alosaimi