تظل الصناعة هي رأس الرمح التنموي، ونقطة الانطلاق نحو تحقيق أي أهداف إستراتيجية، وذلك أثبت نجاحه وفعاليته في جميع الاقتصادات المتقدمة، بدءا من اليابان بعد نهضتها في 1953م عقب دمار شامل في بنيتها الأساسية، وألمانيا عقب الحرب العالمية الثانية وبريطانيا وغيرها من الدول التي حققت الثورة الصناعية التي لا تزال تنمو وتتطور بوجود القاعدة التصنيعية المرنة القابلة لمزيد من عمليات الابتكار والتوسع. من خلال هيئة المدن الصناعية «مدن» يمكن إنجاز كثير من الأعمال الصناعية بما يفوق الإشراف على المدن الصناعية، وتسهيل إجراءاتها وتيسير نشاطها، ودعم استثماراتها، إذ يمكن للهيئة أن تقدم مبادرات لنقل مزيد من التقنيات الصناعية التي تحفز المشاريع الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال لبدء منظومة تصنيعية تواكب التقنية الحديثة، وتفتح آفاقها للتقاطع مع المؤسسات في الدول الأخرى كما في الصين والنمور الآسيوية. هناك قرى صناعية في تلك الدول بدأت من الصفر، ويمكن النظر في تجربتها والاستفادة منها، مع تشديد الهيئة على مسألة الجودة بوصفها المفتاح لتعزيز التنافسية، والتوسع في أنشطة التصدير بعد تحقيق مستوى مناسب من الكفاية المحلية من المنتجات، وتلك الجودة مهمة لأنها التي تحسم الخيارات الشرائية في ظل وجود العديد من المنتجات من جميع أنحاء العالم لا يبقى منها إلا ما يتوافق مع الشروط ورغبات المستهلكين. التوسع الصناعي مطلوب وضروري خاصة فيما يتعلق بتعزيز المحتوى المحلي وإثرائه بتجربة تصنيعية تنعكس على الناتج المحلي وتطوير قدرات الموارد البشرية وتأهيلها وتحفيزها في الإنتاج، ودعم التوجهات المعرفية في العملية الاقتصادية، وخلاصة ذلك كله تنتهي في الجودة التي ينبغي أن تحرص عليها المصانع والهيئة لأنها تسهم في تقوية المنتجات الوطنية التي يتم تقديمها تحت شعار «صنع في السعودية». من الضروري ونحن نعمل في إطار الرؤية والتحول الوطني أن تعمل هيئة «مدن» على تقوية النشاط الصناعي، والانطلاق به إلى ما يتجاوز تجارب الآخرين في التصنيع، مع الحرص على الجودة والتشدد فيها لأنها تجعل الجميع يكسب، ويضيف إلى سمعته التصنيعية قيمة مضافة تجعله أكثر قدرة على تلبية تطلعات المستهلكين المحليين والدوليين، ويفيد المنتج الوطني في تنافسيته مع المنتجات العالمية، ما يضاعف من قدراتنا، ويمنحنا اختراقا مهما في النشاط الصناعي على المدى البعيد.