كشفت محافل امنية إسرائيلية امس الجمعة النقاب عن ان التقديرات حول جدوى توجيه ضربة عسكرية على إيران، تفيد بأن أثر هذه الضربة سيكون محدودًا، وسيؤدي بالأساس إلى عرقلة المشروع الإيراني لمدة عام أو عامين على الأكثر. وأشارت المحافل في تقرير موسّع لصحيفة «هآرتس» إلى أن التقديرات الإسرائيلية توضح أن الضربة ستؤدي إلى عرقلة المشروع الإيراني بصورةٍ تقنية لمدة عام حتى تصل فيه إيران إلى مرحلة تطوير القنبلة الذرية، وعام آخر للتغلب على التداعيات المختلفة للضربة الإسرائيلية والمتعلقة بعقبات إضافية غير التي يتم تقديرها حاليًا. وبيّنت أن الفجوة بين القدرة العسكرية الإسرائيلية وبين القدرة العسكرية الأمريكية، كما الفجوة في مواقف الجانبين من سبل التحرك ضد إيران، والتي كانت في صلب محادثات وزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا خلال زيارته ل»إسرائيل»، ولكن بالرغم من التصميم الذي تبديه «إسرائيل» في هذا السياق علنا ووراء الكواليس بشأن الحاجة لضرب إيران عسكريًا، فيبدو أن هناك عاملين أساسيين من شأنهما تقليص فرص قيام «إسرائيل» بتوجيه ضربة لإيران قبل الانتخابات الأمريكية لرئاسة في شهر نوفمبر القادم. وبحسب الصحيفة فإن العامل الأول هو معارضة الإدارة الأمريكية بقيادة باراك أوباما لشن هجوم في الوقت الحالي، لأن ذلك من شأنه أن يضر بالرئيس أوباما وبجهوده للفوز مجددًا بالرئاسة (بسبب تأثير مثل هذه الضربة على أسعار النفط والوقود في الولاياتالمتحدة)، أما العامل الثاني فهو داخلي إسرائيلي ويتعلق بالتحفظات التي يُبديها كبار المسؤولين في المستوى العسكري في الجيش والموساد، والتي تدعو إلى عدم التسرع بتوجيه الضربة قبل الانتخابات لتفادي وقوع خطأ استراتيجي في العلاقات بين «إسرائيل» والولاياتالمتحدة. ويرى مؤيدو الخيار العسكري الآن وهم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الجيش «إيهود باراك»، يدعيان الخوف من حالة موقف دولي يدعي باستمرار أنه لم يحن الوقت بعد لضرب إيران، يستمر إلى أن نصل إلى وضع يصبح فيه ضرب إيران متأخرًا ويضطر الجميع إلى التحوّل من سياسة إحباط المشروع الإيراني إلى سياسة احتواء إيران ومشروعها الذري. قالت «معاريف» إنه بحسب ما عرض على الإسرائيليين فإن أوباما سيضطر عمليًا إلى دخول الحرب، وذلك بسبب حقيقة أن غالبية الجمهور الأمريكي يؤيد القيام بعملية عسكرية إسرائيلية ضد المفاعلات النووية الإيرانية وتوفير المظلة لحماية إسرائيل.ويدعي «باراك» و»نتنياهو» أنه كلما مر المزيد من الوقت تقل فاعلية الضربة الإسرائيلية، بل إن كثيرًا مما كان يمكن تنفيذه وإنجازه في ضربة عسكرية خلال العامين الماضيين لم يعد ممكنًا الآن، فيما يدعي الأمريكيون في المقابل أنه عندما يحين الوقت فإن الهجوم والقصف الأمريكي سيكون له أثر بالغ لا يمكن مقارنته بنتائج عملية «إسرائيل» لكن الوقت لم يحن بعد. ولفتت المحافل العسكرية إلى أن هناك مَن يدعون أن كل ما يدور هو في واقع الحال حرب نفسية، وأن تصريحات «نتنياهو» و»باراك» المتتالية هي في الواقع حرب نفسية، تهدف إلى زيادة منسوب القلق الدولي والأمريكي من عملية إسرائيلية، وتدفع بالولاياتالمتحدة إلى تشديد العقوبات الاقتصادية لحد يضطر قادة إيران إلى القبول بتسوية بشأن طبيعة مشروع إيران الذري، كما أن هناك من يرى أن التعامل المتواصل مع الموضوع الإيراني يحرر «إسرائيل» كليًا من الضغوط الدولية على صعيد المسألة الفلسطينية، مثلما يلفت التلويح بالورقة الإيرانية، على الصعيد الداخلي الأنظار في «إسرائيل» عن المشاكل الاقتصادية والاجتماعية ويحوّلها إلى الخطر الخارجي المتمثل بإيران. إذ قال رئيس جهاز الموساد زئيفي فاركاش إن أي عملية عسكرية إسرائيلية ضد إيران بحاجة إلى شرعية دولية لمواجهة تبعاتها. كما أنه أشار إلى احتمال أن تكون إيران قد أتمت الإجراءات لحماية منشآتها وتحصينها من أي ضربة عسكرية. في غضون ذلك أوردت صحيفتا معاريف ويديعوت أحرونوت تفاصيل عن الخطة الأمريكية لضرب إيران حال فشل المسار الدبلوماسي معها. وتقوم الخطة بحسب الصحيفتيْن على ضرب المنشآت الإستراتيجية الإيرانية بصواريخ (توماهوك) يجري إطلاقها من حاملات طائرات في الخليج ثم تقصف مقاتلات أمريكية تنطلق من هذه الحاملات لأهداف مختلفة لشل القدرات النووية والتقليدية الإيرانية. من جهتهم قال عدد من أعضاء الكونغرس، من الديمقراطيين والجمهوريين، إن شن هجوم إسرائيلي على إيران عشية انتخابات الرئاسة الأمريكية من شأنه أن يكون لصالح الرئيس الحالي باراك أوباما. وكتبت «معاريف» في موقعها على الشبكة إنه رغم أن واشنطن تعبر عن مخاوف من إمكانية قيام إسرائيل بشن هجوم على المفاعلات النووية الإيرانية، مما سيضطر الولاياتالمتحدة إلى دخول ساحة الحرب، فمن الممكن أن يضيف ذلك، من الناحية السياسية، قوة انتخابية كبيرة لأوباما. وأضافت إنه بموجب تقديرات سياسية عرضها مؤخرًا أعضاء كونغرس أمام جهات إسرائيلية فإنه في حال قيام إسرائيل بشن هذا الهجوم عشية الانتخابات الرئاسية، في السادس من نوفمبر، فإن الأمر سيكون في صالح أوباما، ويضعف مكانة خصمه الجمهوري ميت رومني ويحسم النتيجة. وبحسب «معاريف» فإن هذه التقديرات عرضت في الأسابيع الأخيرة من قبل أعضاء في الكونغرس، جمهوريين وديمقراطيين. وأشارت في الوقت نفسه إلى أن التقديرات التي كانت سائدة من قبل كانت تشير إلى أن القيام بعملية عسكرية واسعة النطاق من شأنه أن يسيء للرئيس الحالي. وقالت «معاريف» إنه بحسب ما عرض على الإسرائيليين فإن أوباما سيضطر عمليًا إلى دخول الحرب، وذلك بسبب حقيقة أن غالبية الجمهور الأمريكي يؤيد القيام بعملية عسكرية إسرائيلية ضد المفاعلات النووية الإيرانية وتوفير المظلة لحماية إسرائيل. يذكر ايضًا أن الاغلبية الساحقة من رجال القيادة المهنية يأخذون الآن نوايا نتنياهو وباراك بجدية. هذا ايضًا القلق في اوساط رجال الاعلام. أمس تطرقت الى ذلك ايضًا صحيفة «نيويورك تايمز» في تقرير في صفحتها الاولى وتقتبس الصحيفة عن رئيس الموساد السابق افرايم هليفي يقول انه لو كان ايرانيًا «لكان قلقًا جدًا» من هجوم اسرائيلي في ال 12 اسبوعًا القادمة. ومع ذلك، في التقرير يؤتى ايضًا بتقديرات من رجال الادارة، يعتقدون ان اسرائيل ستستجيب للضغوط الامريكية وتؤجل الهجوم على ايران على الاقل حتى بداية السنة القادمة. الموضوع هو بالطبع أن الايرانيين ايضًا يشاهدون كل هذا. حسب الخط المتصلب الذي عرضوه في اتصالاتهم مع القوى العظمى في الاشهر الاخيرة، والتي لم يتراجعوا فيها ميلمترًا واحدًا عن موقفهم ولم يبدوا اي استعداد لحل وسط، يبدو ان في طهران لا يصدقون ان اسرائيل توشك على الهجوم في الاشهر القريبة القادمة. وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» في عددها الصادر صباح امس الجمعة، إن الخطة الأمريكية لضرب إيران تقوم على ثلاث مراحل تهدف إلى تحقيق هدف استراتيجي واحد هو نزع القدرات الذرية الإيرانية. وقالت الصحيفة إن الموقف الأمريكي الذي يطرح باستمرار في النقاش مع إسرائيل هو أن أي ضربة إسرائيلية لإيران لا يمكن لها أن تحل «المشكلة الإيرانية» نهائيًا بل إن من شأنها أن تسبب نتائج معكوسة وتحث إيران على تسريع مشروعها. وبحسب الصحيفة فإن الولاياتالمتحدة تعكف على بناء خطتها الهجومية والتي ستكون جاهزة خلال عام ونصف العام من الآن، وستكون قادرة على هدم كافة البُنى التحتية التقليدية وغير التقليدية للقوة الإيرانية. ووفقًا للتقديرات فإن المرحلة الأولى من الخطة الأمريكية تقتضي نشر حاملات طائرات أمريكية في مضيق هرمز، ومن ثم نصب صواريخ «توما هوك» الموجّهة لضرب أهداف ومواقع تحفظ فيها إيران ترسانتها الذرية. أما المرحلة الثالثة للخطة الأمريكية فستعتمد على قيام الطائرات الهجومية الأمريكية التي ستحضرها حاملات الطائرات الأمريكية بالغارة على مواقع القدرات التقليدية والذرية لإيران عبر الاستعانة بطائرات بي 52 القادرة على حمل القنابل الخارقة للتحصينات والتي طورت مؤخرًا لضرب الخنادق والتحصينات القوية في باطن الأرض، حيث تبلغ زنة كل واحدة منها 50 طنًا. وتفتقر إسرائيل بدورها إلى هذا النوع من الطائرات. وأشارت الصحيفة إلى أن مصادر أمريكية قالت إن الولايات تعرف وتدرك الموقف المعارض لرئيس هيئة أركان الجيش ورئيس الموساد لشن عملية إسرائيلية ضد إيران. وعلقت الصحيفة على ذلك بقولها إنه لا شك في أن حقيقة إيفاد بني غنتس للولايات المتحدة في بعثة عسكرية لعدة سنوات قد وسعت من أفق الرجل في كل ما يتعلق بطبيعة وحقيقة حجم القوة الإسرائيلية مقابل الولاياتالمتحدة، وطبيعة مكانة هذه القوة في التحالف الأمريكي الإسرائيلي. ما الذي يجعل المحللين يعتقدون أن الهجوم على إيران بات وشيكًا؟ والسؤال المتداول هذه الايام ما الذي يجعل المحللين يعتقدون أن الهجوم على إيران بات وشيكًا؟ في أعقاب التصريحات المتواترة في الصحافة الإسرائيلية والأمريكية في الأيام الأخيرة حول خطط الهجوم على المفاعلات النووية الإيرانية، بات هناك شعور عام لدى المراقبين والمحللين بأن الهجوم بات أقرب من أي وقت مضى. وبحسب القناة الثانية الإسرائيلية فإن تصريحات رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو حول إغلاق نافذة الفرص تضاف إلى عدة أسباب تزيد إمكانية تنفيذ الهجوم في الأشهر القريبة، والتحليل الأول هو أن «إسرائيل» غير معنية بالحرب في الشتاء بسبب الأحوال الجوية، وثانيًا: يؤمن المحللون بأن نتنياهو لن يحظى بتأييد من جانب رئيس الولاياتالمتحدة باراك أوباما إذا تمّ انتخابه لفترة أخرى، وأيضًا في حال فوز ميت روميني فإنه ليس مضمونًا دعمه لتوجيه ضربة عسكرية لإيران. في المقابل يعتقد خبراء في «إسرائيل» وخارجها أنه لا يوجد لديها قنبلة قوية قادرة على اختراق منشآت تخصيب اليورانيوم تحت الأرضية، لذا سيمر عام أو أعوام حتى تستطيع «إسرائيل» إخراج هذه الخطة إلى حيز التنفيذ، علما بأن الولاياتالمتحدة تملك مثل هذه القنابل وتملك الراجمات التي تحملها. وكان البروفيسور «ميكو يسيكي» من معهد واشنطن لسياسات الشرق الأوسط الذي عاد مؤخرًا من محادثات مع كبار المسؤولين الإسرائيليين, قد انتقد الطريقة التي يتصرّف وفقها المسؤولون الإسرائيليون وحسب أقواله «يجب على إسرائيل أن توحي للولايات المتحدة بأنها قادرة على التعامل مع الخطر النووي الإيراني وحدها لو فشلت المحادثات بين طهران والقوى العظمى وبالتالي تجعل التصريحات الأمريكية بشأن الهجوم على إيران أكثر فاعلية».