في نقاش صريح جرى مؤخرا مع الكاتب الأمريكي دافيد إجناتيوس، من صحيفة واشنطن بوست، كشف وزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا أنه لا يستطيع النوم كل ليلة بسبب قلقه من قيام إسرائيل بتوجيه ضربة عسكرية سابقة لأوانها ضد إيران. بانيتا يعرف أن عام 2012 سيكون العام الذي سيتوجب فيه على الولاياتالمتحدة أن تأخذ فيه قرارات حاسمة لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي. هو يعرف أن الإدارة الأمريكية لديها استراتيجية من ثلاث مراحل لتحقيق هذا الهدف. وهو يعرف أيضا أن إسرائيل يمكن أن تخرب تلك الخطة الأمريكية. واشنطن، بالتشاور مع حلفائها في أوربا وفي العالم العربي، مستعدة للبدء مرة أخرى بالتفاوض مع إيران، في محاولة أخيرة للحصول على ضمانات يمكن التأكد منها أن الجمهورية الإسلامية لن تعمد إلى بناء قنبلة نووية. من المتوقع أن المحادثات بين إيران ومجموعة 5+1 (الولاياتالمتحدةالأمريكية، بريطانيا، فرنسا، روسيا، الصين، وألمانيا) ستستأنف في فبراير أو مارس. إذا فشلت هذه المفاوضات، فإن الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوربي واليابان وكوريا الجنوبية ودول أخرى سوف تصعد العقوبات ضد إيران بدءا من أوائل الصيف القادم. العقوبات سوف تستهدف وقف صادرات إيران النفطية وتمنع الدول من التعامل مع البنك المركزي الإيراني، مما يوجد نوعا من الحصار الاقتصادي شبيه بالذي كان مفروضا على اليابان قبيل الهجوم على بيرل هاربر، والذي أدخل الولاياتالمتحدة إلى الحرب العالمية الثانية. إذا لم تنجح العقوبات في إقناع إيران بالتخلي عن السعي للحصول على قنبلة نووية، فإن العمل العسكري من قبل الولاياتالمتحدة وحلفائها يبدو حتميا قبل نهاية عام 2012. وزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا يخشى من أن إسرائيل سوف تسارع إلى القيام بعمل عسكري وتهاجم إيران في شهر إبريل، أو مايو، أو يونيو من هذا العام. في أواخر يناير، سافر الجنرال مارتي ديمبسي، رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الأمريكي، إلى إسرائيل لتسليم تحذير صريح إلى حكومة بنيامين نتنياهو: لا تهاجموا إيران بشكل أحادي. لم يكن ذلك هو التحذير الأول الذي يتم تسليمه إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو ووزير دفاعه إيهود باراك. بانيتا بنفسه جاء إلى إسرائيل في أواخر 2011 لتسليم التحذير نفسه. ردا على زيارة الجنرال ديمبسي، أرسل نتنياهو رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلي، الموساد، إلى واشنطن في مهمة سرية الأسبوع الماضي. رئيس الموساد، تامير باردو، سلم رسالة واضحة إلى وزير الدفاع الأمريكي بانيتا، مدير وكالة الاستخبارات المركزية دافيد بترايوس، ورؤساء لجان الاستخبارات في مجلس النواب ومجلس الشيوخ: إسرائيل لن تتراجع عن القيام بعمل أحادي الجانب ضد إيران. للتأكيد على الرسالة، تحدث عدد من المسؤولين في الحكومة الإسرائيلية، بما في ذلك نائب رئيس الوزراء موشيه يالون ووزير الدفاع إيهود باراك في مؤتمر الأمن الدولي السنوي في هرتزليا، إسرائيل، والذي أقيم بين 31 يناير إلى 2 فبراير. في خطاباتهم، ادعى هؤلاء أن إيران امتلكت ما يكفي من اليورانيوم المخصب لصنع أربعة قنابل نووية بشكل فوري، وأن إيران كانت قد صنعت صواريخ طويلة المدى، قادرة على ضرب الولاياتالمتحدة. وفي الوقت نفسه، تم تسريب مذكرة إسرائيلية وزارية سرية إلى مجموعة منتقاة من الصحفيين الأمريكيين والإسرائيليين جاء فيها أن إيران غير قادرة على الرد ضد إسرائيل في حال قامت بعمل عسكري أحادي الجانب ضدها. ومضت الوثيقة لتقول إنه، في ضوء الربيع العربي، لم تعد إسرائيل تستطيع أن تعتمد على معاهدات مع مصر والأردن والمغرب ودول عربية أخرى، بسبب الغضب المتزايد ضد إسرائيل لاستمرار احتلالها للأراضي الفلسطينية. إن ضربة إسرائيلية عسكرية ناجحة ضد إيران سوف تستعيد هيبة إسرائيل كأقوى دولة في الشرق الأوسط. الغالبية داخل المؤسسات الأمنية الإسرائيلية -قوات الجيش الإسرائيلي، الموساد، والاستخبارات العسكرية- لا تتفق مع ادعاءات نتنياهو وباراك بأن إسرائيل لا تقهر، ويعارضون أي هجوم إسرائيلي أحادي الجانب على إيران، ويفضلون التنسيق مع الولاياتالمتحدة، بريطانيا، فرنسا، ودول أخرى لمنع إيران من امتلاك القنبلة من خلال عمل منسق. ويؤيد هؤلاء وزير الدفاع الأمريكي بانيتا والجنرال ديمبسي. ولكن في النهاية، هم يعرفون أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يستطيع أن يصدر أمرا للهجوم وعليهم أن ينفذوا الأمر. لهذا لا يستطيع بانيتا أن ينام في الليل. بحسب دافيد إجناتيوس، الصراع بين البنتاجون الأمريكي ونتنياهو هو أعمق خلاف منذ أزمة قناة السويس عام 1956، عندما قامت إسرائيل وفرنسا وبريطانيا بغزو مصر واستولت على قناة السويس، وعند ذلك أمر الرئيس الأمريكي في ذلك الوقت أيزنهاور التحالف الثلاثي بالانسحاب. الفارق الكبير بين 1956 و 2012 أن الرئيس باراك أوباما ليس أيزنهاور. في سنة انتخابات رئاسية صعبة ومتقاربة، بانيتا يعرف أن أوباما قد يخضع للضغوط الإسرائيلية بسبب خوفه من خسارة الدعم الصهيوني، خاصة التمويل الصهيوني لحملة إعادة انتخابه. لهذا السبب يصدق ما قاله بنيامين نتنياهو وإيهود باراك عندما تحدثا عن احتمال قيام إسرائيل بهجوم على إيران في إبريل، أو مايو، أو يونيو. وما يزيد مخاوف ومصادر قلق بانيتا أنه يعرف أن الرئيس باراك أوباما قد أرسل دينيس روس، وهو حليف معروف لنتنياهو، إلى إسرائيل كمبعوث خاص إلى الحكومة الإسرائيلية. دنيس روس لم يعد مسؤولا في الحكومة الأمريكية وقد عاد إلى معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، وهو مرتع للدعاية الموالية للصهيونية العالمية. الرئيس باراك أوباما تجاوز وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ووزير الدفاع ليون بانيتا في فتح قناة دينيس روس مع نتنياهو وباراك.