تسعى البنوك السعودية حاليا لتطوير برامجها للتمويل العقاري على خلفية قرار مجلس الوزراء لأنظمة الرهن والتمويل العقاري وذكرت مصادر قريبة من البنوك أن عملية تطوير البرامج تسفر عن آليات جدية تتمثل في منتجات للقرض العقاري, تتمتع بمرونة اكبر إضافة إلى تقليص الشروط التي كانت تضعها لتقديم القرض العقاري للعميل. وأشارت المصادر إلى انه ربما تحاول البنوك أن تكون برامجها قريبة جدا من انظمة الرهن والتمويل العقاري المقدمة من صندوق التنمية العقارية حتى تحافظ على تنافسيتها مع هذه الأنظمة، وأضافت أن البنوك ربما تجد صعوبة في إعداد مثل هذه البرامج لأنها مقيدة بضمان رؤوس أموال مودعيها والتي ستستخدم في عمليات تمويل طالبي القروض كما أنها ستراعي هامش المخاطرة. من جانبه قال الخبير الاقتصادي فضل البوعينين إن أنظمة الرهن العقاري ستسهم في خفض المخاطر على الجهات التمويلية والتي تتمثل في البنوك بالوقت الحالي، وأنه من الطبيعي أن ينعكس ذلك على أسعار الفائدة النهائية، مبيناً أن أسعار الفائدة تتضمن هامش ربح مرتبط بتغطية المخاطر ومتى تمت تغطيتها بأنظمة وتشريعات قانونية ستنعكس على الأسعار النهائية، متسائلاً هل تتجاوب البنوك مع هذه النظرية؟، وقال "أعتقد أن البنوك ستستمر على وضعها الحالي في التسعير دون تغيير؛ إلا أن هناك متغيرا جديدا قد يدفعها للتغيير القسري، وهو دخول شركات التمويل العقاري وهذه الشركات ستخلق منافسة مع القطاع المصرفي والمنافسة تساعد في خفض الأسعار وبالتالي انخفاض هوامش الربح. وأضاف أن خفض الفوائد مرتبط بخفض هوامش الربح فسعر الفائدة الأساسي لا تملك البنوك ولا شركات التمويل مستقبلا التأثير فيه، حيث أنه مرتبط بالسياسة النقدية ويتم تحديده من قبل مؤسسة النقد العربي السعودي، ونحن نتحدث اليوم عن أدنى مستويات الفائدة، مشيراً الى أن ارتفاع التضخم في أميركا سيدفع البنك الفيدرالي إلى رفع الفائدة على الدولار ومن الطبيعي أن تتجاوب معها فائدة الريال، ومن ثم قد نجد أن أسعار الفائدة ارتفعت في الوقت الذي ينتظر الجميع انخفاضها؛ ومن هنا ينبغي التمييز بين هامش الربح الذي يمكن للمصارف التنازل عن جزء منه، وسعر الأساس الذي لا يمكن بأي حال من الأحوال النزول عنه وإلا تكبدت المصارف خسائر فادحة؛ فلا أحد يُقرض بأقل من التكلفة التي يمثلها سعر الأساس. وفيما يتعلق بأسعار الفائدة أشار البوعينين إلى أن هناك جانبا مهما وهو طريقة احتساب الفائدة على القرض، فالبنوك تعتمد على حساب الفائدة من مجمل القرض لسنوات الاستغلال، وهذا يرفع سعر الفائدة الحقيقي عن السعر المعلن؛ لذا يجب على مؤسسة النقد أن تصدر قرارا مساندا لأنظمة الرهن العقاري يلزم فيه البنوك باحتساب الفائدة على المديونية المتبقية وبآلية متناقصة لتحقيق العدالة. مبيناً أن السوق في حاجة إلى إقرار احتساب الفائدة وفق الآلية المتناقصة لمبلغ القرض من أجل تحقيق العدالة وحماية المقترضين، خاصة وأن القروض العقارية تمتد إلى أكثر من 20 عاما. وعلى سبيل المثال "بنك الإمارات المركزي أصدر عام 2011 قرارا يلزم البنوك باستخدام الفوائد المتناقصة بدلا من المركبة حماية للمقترضين لافتاً إلى أننا أصبحنا أكثر حاجة لتطبيق هذا النظام محليا وأتمنى أن يتبن معالي محافظ مؤسسة النقد قرارا مماثلا ليكون سندا لأنظمة التمويل العقاري الجديدة ليخفف عن كاهل المقترضين. من جانبه توقع الخبير المالي محمد العمران أن لا يؤثر في أسعار العقارات بالارتفاع أو الانخفاض بشكل كبير ومباشر لأن العوامل التي تؤثر على أسعار العقارات تختلف بشكل كامل آخذين في الاعتبار أن نسب الفوائد حالياً (بما في ذلك هوامش الاقراض) عند مستويات متدنية تاريخياً ومن المستبعد ان تشهد نسب الفوائد هذه تغيرات كبيرة وجوهرية خلال المرحلة القادمة في ظل الظروف الاقتصادية العالمية حالياً. وأضاف أن البنوك المحلية عندما تدرس تعديل نسب الفوائد فهي تحاول أن تقدم برامج تسويقية تنافسية لجذب عملاء جدد لمنتجاتها الجديدة الخاصة بالرهن العقاري وهذا سيؤثر على هوامش الإقراض التي تأخذها هي ولكن بشكل طفيف نسبياً لن يؤثر على إيراداتها وأرباحها الإجمالية. وأضاف العمران أن نسب الانخفاض في أسعار الفائدة ستكون قليلة نسبياً ومتدرجة للأخذ في الحسبان اختلاف الوضع الائتماني بين العملاء الجدد. وعلى سبيل المثال سيتم تقديم أسعار بأقل من 2 بالمائة سنوياً لكنها لن تنطبق إلا على كبار العملاء من ذوي الوضع الائتماني الممتاز وهم فئة قليلة جداً بالمقارنة مع بقية العملاء. وأشار إلى تقديرات حجم التمويل العقاري في المملكة سيزيد بنحو 300 مليار ريال حتى عام 2017م وبمعدلات نمو سنوي كبيرة ستجعل البنوك تركز نشاطها في نمو عمليات الإقراض على الرهن العقاري لتحقيق أرباح أكبر ولتخفيض المخاطرة على أساس توزع مبلغ الإقراض على عدد اكبر من المقترضين وهو هدف إستراتيجي ستسعى البنوك الى تحقيقه مستقبلاً. من جانبه قال الخبير الاقتصادي خالد البواردي إن نظام الرهن العقار لن يؤثر على أنظمة البنوك المعمول بها حالياً, مبيناً أن البنوك تحصل ما يقارب 3 بالمائة خلال العقد بينما هو بالواقع يصل إلى 8 بالمائة في من خلال حسابها تراكميا. وأضاف البواردي أن إقرار أنظمة الرهن الصادرة خلال الأسبوع الماضي جاءت لتساعد على تنظيم سوق غير منظم وهو السوق العقاري وكنا نأمل إقرار أنظمة أخرى تسبق هذا القرار كخفض أسعار الأراضي أولاً ومن ثم إقرار نظام الرهن العقاري.