دفعت المنافسة على استقطاب أكبر شريحة من راغبي تملك المساكن عبر القروض العقارية، إلى اتجاه البنوك المحلية لتقديم المزيد من التسهيلات الجديدة على قروض التمويل العقاري تتضمن خفض نسبة الفوائد السنوية إلى أقل من 3% بعدما كانت تتراوح بين 3.5 إلى 5% وفقا لحجم القرض ومدة السداد، إضافة إلى تقديم المزيد من المرونة في مدد السداد والسماح بالقروض التضامنية دون شروط. كما تعتزم البنوك تطبيق مستوى أعلى من الرقابة على المثمنين العقاريين في البنوك والمكاتب الاستشارية التي تتعامل معها بعدما رصدت مبالغات في قيم الأصول والمنتجات العقارية تسببت في خسائر إضافية للمصارف والعملاء رغم أن ضمانات القروض ترتبط بدخول المقترضين من الرواتب دون ضمانات العقار ذاته. وأوضح المسؤول المصرفي، عبدالعزيز العتيبي في تصريح إلى "الوطن" أن البنوك تدرس خفضا جديدا في فوائد قروض التمويل العقاري لوجود فجوة كبيرة بين إمكانات المقترضين المادية وقيمة المنتجات العقارية بعد الصعود في أسعار المنتجات العقارية الأخير. ولفت إلى أن البنوك تسعى إلى استهداف أكبر شريحة ممكنة لتمويلها بالقروض العقارية والاستهلاكية خاصة في ظل انخفاض تكاليف البناء لعامي 2010 و2011 مقارنة بالأعوام التي سبقتهما. وعن مخاوف البنوك من توقعات بانخفاض المنتجات العقارية أو إقرار أنظمة الرهن العقاري في المستقبل القريب، قال العتيبي "البنوك تراجع سياساتها وفق وضع الأسواق بشكل دوري ومستعدة لأي تحولات تشهدها السوق العقارية"، متوقعاً شراكات بين البنوك والمطوريين العقاريين خلال العام الحالي. وأكد تحرك البنوك لسد الفجوة بين العرض والطلب بمزيد من المرونة في مدد السداد والسماح بالقروض التضامنية دون شروط وبخفض نسبة الهامش الربحي السنوي إلى أقل من 3% بعدما كانت تتراوح ما بين 3.5 إلى 5%. وذكر أن البنوك تسعى لحماية العملاء من المبالغات في تقييم الأصول العقارية في القروض التمويلية لغياب الجهات العقارية المتخصصة والاحترافية برفع مستوى الرقابة على المقيمين العقاريين ومؤسسات الاستشارات العقارية. ولفت إلى وجود مخالفات في علميات التقييم والتثمين أدت إلى تجاوزات مالية ومخالفات قانونية أضرت بالعملاء والبنوك. وشدد على ضرورة اعتماد خطوات فاعلة وتغيير في أنظمة التثمين لتجاوز عمليات التلاعب كما وصفها. من جهته قال الخبير المصرفي، فضل البوعينين في تصريح إلى "الوطن": إن البنوك تعاني من عدم دقة التثمين للمنتجات العقارية مما يؤثر على موثوقيتها بالإضافة إلى غياب الشركات العقارية المتخصصة في كافة المدن السعودية باستثناء المدن الثلاث الكبيرة، مشيراً إلى أن البنوك تعتمد على المكاتب العقارية في تقييم وتثمين أسعار المنتجات العقارية لغياب البدائل. وعن توجه البنوك بخفض الهوامش الربحية قال البوعينين: إن البنوك ستقدم خفوضات إضافية لأسباب تنافسية في المقام الأول ولكون أسعار الفائدة الأساسية على الريال عند أدنى مستوياتها خلال العام الحالي لارتباط الريال بالدولار مما يظهر المحاكاة المتاشبهة في السياسة النقدية، مبينا أنه من الطبيعي أن تخفض البنوك الهوامش الربحية على القروض التمويلية لذات الأسباب. وأوضح البوعينين أن وجود تلاعب في التثمين العقاري يؤرق البنوك لوجود اتفاقيات ضمنية بين المثمن والمطور ومالك العقار لرفع السعر مما يكبد المقترض والبنك خسائر إضافية ويسهم في رفع بقية المنتجات العقارية، واصفا تلك العمليات "بالأرباح المحرمة شرعا وقانونا"، مستطردا أن نسب الأرباح التي يجنيها المثمن من تلك الاتفاقيات تعد مخالفة صريحة. وأفاد بأن البنوك لا يمكنها معالجة تلك التلاعبات إلا بالدخول في شراكات مع المطورين العقاريين لتقييم المنتج بسعر عادل وحقيقي. لكنه أضاف أن هناك ارتفاعا تاريخيا بالأسعار من التجار والملاك منذ سنوات يشمل كل أنواع العقارات علاوة على سبب آخر يتمثل في دعم الحكومة لصندوق التنمية العقاري ورفع قيمة القرض إلى 500 ألف ريال الذي ساهم في الارتفاعات الأخيرة التي شملت كافة الوحدات السكنية. وأشار إلى أن ملاك العقارات والمطورين يتسفيدون من حجم السيولة المرتفع من البنوك لإرغام المقترض على شراء المنتج بالسعر الذي يحددونه لغياب الخيارات البديلة. وقال البوعينين: إن من أبرز الإشكاليات في القروض العقارية الاهتمام بضمان الراتب دون ضمان العقار بالحد المطلوب من جانب البنوك مما يخلق بيئة جاذبة للتلاعب. وأضاف: أن هناك من يعتقد أن العقارات في المدن الكبرى وصلت إلى مرحلة الفقاعة والبنوك تضع كل الخطط للتعاطي مع أي تطورات دون تأثيرات سلبية على أدائها. وتوقع تنافسا محموما بين البنوك على الشرائح المستهدفة، وأن تقدم عروضا جديدة لشرائح محددة مثل شريحة موظفي الشركات الصناعية أو المعلمين أو موظفي الحكومة أو العسكريين، وإضافة مزايا خاصة بالعملاء أو إلغاء بعض الشروط وإسقاط الرسوم الإدارية ومدة الإعفاء ومرونة السداد وغيرها. من جانبه قال مسؤول في أحد البنوك عبدالله العلياني: إن البنوك تسعى إلى المنافسة بتقديم عروض التمويل العقاري بهوامش ربحية أقل من الهوامش الحالية. وأكد العلياني أن البنوك باتت مستعدة لانخفاضات متوقعة في السوق العقارية خاصة في المدن الكبرى. وأشار إلى أن دورة العقار وصلت لذروتها بالنسبة إلى قيم الأراضي والمنازل والشقق السكنية، متوقعا أن تشهد السوق خفوضات تدريجية قبل نهاية العام وفقا للمعايير الاقتصادية.