منذ أن أُعلن عن دراسة نظام الرهن العقاري وأسعار العقار في ارتفاع مستمر وخصوصا للأراضي والفلل السكنية التي تجاوزت حدود القدرة الشرائية لمعظم المواطنين ولو بالاقتراض. ومع تأخر إقرار الرهن العقاري والأنظمة العقارية لخضوعها لمزيد من الدراسة ذكر البعض بأنه لن يتم إقرار تلك الأنظمة وأسعار العقار مرتفعه لكونها ستساهم - ولو بشكل مؤقت - في مزيد من الارتفاعات. وإذا كانت أنظمة الرهن والتثمين والتمويل العقاري مهمة لتنظيم عمليات تتم بهذا القطاع فإنه من المهم إبراز أهميتها والمستفيد منها وبدون لجوء ملاك الشركات العقارية والاستثمارية ومحلليها الى إقحام مشكلة حاجة المواطن لتملك المسكن وحث الدولة للإسراع بإقرار الرهن العقاري لأهميته في حل المشكلة وانه سيُمكن البنوك وشركات التمويل من ضخ الأموال وان الفائدة ستنخفض لانخفاض المخاطرة؛ لأن تلك افتراضات نظرية لا تستند على حقائق، فبرنامج مساكن التابع لمؤسسة التقاعد يطبق الرهن العقاري برهن المنزل للمؤسسة ولكنه فشل بسبب الفائدة المركبة العالية، ولذلك فالوقت مازال مبكرا للحكم على فاعلية الرهن والتثمين والتمويل العقاري لأن هناك غموضا في الكيفية التي سيتم بها التطبيق والتي قد لا تتضح الا بعد مرور سنوات قد تتغير خلالها كثيرا من المفاهيم والتي قد تكشف محدودية اثر الرهن العقاري في تملك المساكن بشكل خاص، وإذا كان هناك من يعول على التثمين العقاري وعدم مغامرة البنوك والممولين بإقراض عقارات متضخمة فإنه وكما حدث بدول أخرى سيُجبر المقترض على دفع الفرق نقدا وسيعتمد تجار العقار والشركات العقارية على الشريحة المحدودة التي لديها القدرة على الشراء (مواطنين وأجانب) - بدأنا نراه بالمشاريع المتميزة - وسيتركون الشريحة الكبرى بالمجتمع لمشاريع الإسكان التابعة للدولة والتي ستستغرق سنوات. ومنطقيا فإن المستفيد من الرهن العقاري هم البنوك والشركات العقارية والمصانع والمستثمرون في الأسواق لإصدار أوراق مالية تباع وتشترى. أما المواطنون فقد تضرروا منذ دراسة تلك الأنظمة بارتفاع الأسعار استباقا لها، وحاليا فوفقا لأسعار العقار والفائدة المركبة ومتوسط الرواتب الشهرية لن يتمكن معظم المواطنين من تملك فيلا سكنية صغيرة قيمتها نقدا مايقارب المليون ريال. بطريقة حسابية سنكتشف استحالة الإقراض لمن لم يسبق له تملك المسكن نظرا الى أن رواتب معظم الموظفين والعسكريين والمتقاعدين وبند الأجور وبالقطاع الخاص تتراوح من (3000 الى 7000) ريال على أعلى تقدير وفي ظل عدم توفر دفعة مقدمة كبيرة ستصبح قيمة القرض شاملة الفائدة خلال (25) سنة ما يقارب مليون وثمانمئة الف ريال والقسط الشهري ستة آلاف ريال، وهو أمر لن يتحقق أيضا بسبب عدم كفاية قيمة الرهن (الفيلا) لتغطية القرض. ومهما انخفضت أسعار العقار وتكلفة البناء ستكون هناك صعوبة في الإقراض لانخفاض الدخل وهو ما يتطلب تدخل الدولة كمساهمة عملية وسريعة لتجاوز مشكلة عدم كفاية الراتب لتغطية قيمة القرض بإلزام البنوك بالفائدة المتناقصة ودعم المقترضين من خلال تنازل مؤسسة النقد عن فائدة قروضها للبنوك التي تتم من سيولة الدولة العالية لتخفيض فائدة البنك على المقترض لتمكين المواطنين من تملك فيلا او شقة سكنية وبحيث يتولى البنك متابعة التحصيل ويبقى الرهن للدولة لاستقرار الاقتصاد ولتلافي حالات تشريد أسر بسبب مطالبات الشركات الممولة بتطبيق أحكام الرهن في حال العجز عن السداد.