رغم الأرقام التي تحققها السياحة بالمملكة إلا أنها تعتبر قطاعا ناشئا يحتاح للتحفيز من الدولة كغيره من القطاعات الأخرى، فالمواطن السعودي يستحق أن تقدم له الخدمات السياحية المتطورة التي تليق به وبمكانة المملكة الأكبر اقتصادا فى منطقة الشرق الأوسط ، المتابع للحركة السياحية يجد أن السعوديين يفضلون السياحة الخارجية على الداخلية وهناك أسباب لابد من النظر اليها لمعرفة أسباب عزوف المواطنين عن السياحة داخليا واتجاههم للخارج وبصفة خاصة لمدينة دبيوبيروت والقاهرة . ثمة معوقات كثيرة للسياحة فى المملكة أهمها: عدم وجود شبكة طرق حديثة ومزدوجة، وعدم وجود رحلات طيران منتظمة الى الوجهات السياحية الداخلية بالإضافة الى ارتفاع أسعار تذاكر طيران الخطوط السعودية التى تفوق ضعف أسعار الطيران الاقتصادى ، أضف الى ذلك عدم وجود مرافق وأماكن وفعاليات تجذب السائح السعودى ، كما أن هناك أسبابا كثيرة تدفع المواطنين وبخاصة العوائل الى قضاء الإجازات القصيرة خارجيا ومنها ارتفاع الأسعار في الداخل مقارنة بالخارج وهو عامل مهم جدا، إذ إن أسعار الشقق في المواسم بالمملكة تعادل أسعار فنادق الخمس نجوم في الدول الأخرى، أضف إلى ذلك وفرة رحلات الطيران وإمكانية الحصول على سكن رخيص، والرغبة فى تغيير الأجواء والترويح عن النفس لفترة قصيرة بعد فترة من العمل الشاق أو الدراسة ، وكذلك القيام بشراء مستلزماتهم المختلفة والالتقاء بأقاربهم وأصدقائهم وزملائهم خلال السفر ، فجميع شرائح مواطني المملكة يفضلون قضاء إجازاتهم خارج البلاد بغض النظر عن اختلاف قدرتهم المادية .
دبي الوجهة الأولى للسعوديين والأسعار الداخلية أعلى أكد رئيس وكالة ميعاد للسفر والسياحة والشحن سامي إبراهيم العبدالهادي أن دبي هي الوجهة الأولى للسعوديين خلال الإجازات القصيرة، يليها بعد ذلك بيروت والقاهرة وكوالالمبور وسيريلانكا. وعن الأسباب الرئيسة التي أدت إلى انتشار ظاهرة السفر في مثل هذه الإجازات القصيرة قال العبد الهادي:إن « ارتفاع الأسعار في الداخل مقارنة بالخارج هو عامل مهم جدا، إذ إن أسعار الشقق في المواسم بالمملكة تعادل أسعار فنادق الخمسة نجوم في الدول الأخرى، أضف إلى ذلك وفرة رحلات الطيران وإمكانية الحصول على سكن رخيص في حال تم الحجز مبكرا، والرغبة إلى تغيير المكان والبيئة.» وعن طبيعة السائحين السعوديين خلال مثل هذه الإجازات فيقول « معظمهم من العوائل، ويكون مقصدهم دائما لأماكن قريبة مثل دبي وغيرها وذلك لقصر المدة، أما في الإجازات الطويلة فإن الكثافة تكون بشكل أكبر على أوروبا.» وأضاف دبي تسعى دوما لانتهاز إجازات الطلاب السعوديين لتنشيط السياحة لديها، ودليل على ذلك عمدهم إلى افتتاح مهرجانهم الضخم للتسوق بالتزامن مع بداية الإجازة الفصلية بالسعودية. وقال إن سفر السعوديين إلى دبي يشكل دعما قويا لاقتصادهم إذ إن ذهابهم يكون مع الأسر وبأعداد كبيرة مما ينعش عجلة الفندقة والتجارة لديهم. وعن دور مكاتب السياحة في خدمة العميل ومدى أهميتها بعد انتشار مواقع الإنترنت، يقول العبدالهادي» لا يزال العميل يفضل مكاتب السياحة على مواقع الأنترنت بنسبة كبيرة، ليس لأنه لا يعلم استخدام الانترنت ولكن لحاجته إلى معرفة معلومات أكثر عن الأماكن التي يقصد السفر إليها والتي غالبا لا تتوفر بصورة دقيقة إلا لدى مكاتب السفر والسياحة.» وأكد العبدالهادي أن حصول العميل على حجوزات مناسبة وأسعار معقولة مرهونة إلى حد كبير بالوقت الذي يقدم فيه السائح على ترتيب سفرته، فكل ما وجدت فترة كافية، كل ما كان الحجز مناسبا وأفضل.
العرفج: الأمانات شريك غير متفاعل فى تنمية السياحة أشار الخبير السياحي خالد العرفج إلى أن سفر السعوديين للخارج خلال الإجازات القصيرة يعود إلى رغبة الإنسان الطبيعية إلى التغيير وكسر الروتين، ومن ثم فهو يبحث عن الأماكن التي تقدم له ذلك التغيير الذي ينشده . ومع قرب مدينة دبي، في المكان الى جانب الخدمات المميزة والأماكن الكثيرة المخصصة للترفية لخدمة السائحين هناك فقد أصبحت خلال سنين معدودة مقصد العوائل السعودية الأول خلال الإجازات القصيرة. وأضاف العرفج « السائح السعودي والخليجي إجمالا يبحث عن الأماكن التي تكثر بها الأنشطة، والتي تعرف كمكان سياحي بصورة تضفي إليهم قدرا من الاطمئنان للسفر إليها مرة أخرى ضاربا المثل بكبرى الوجهات السياحية للسعوديين مثل لندن ولبنان ودبي». وقال هناك معوقات أمام السياحة الداخلية ويسهم فى تأخر السعوديين عنها هو عدم معرفتهم بها، فيجعل السائح في تخوف للذهاب إلى إحدى الجهات الداخلية التي ربما لا تروق له لاسيما وانه لم يكن قد زارها من قبل، وهناك أيضا سببا أكثر أهمية وهو التكلفة المنافسة للسياحة الخارجية تحفز كثيرا من العوائل السعودية إلى تفضيل الخارج على الداخل وذلك من حيث الطيران والسكن والمصاريف اليومية. وعن مقومات السياحة الداخلية في المملكة قال العرفج» تقوم هيئة الآثار والسياحة بدورها المطلوب بصورة جيدة، وإنما التقصير يعود إلى الامانات العامة التي تعتبر شريكا غير متفاعل مع عجلة تنمية السياحة، و لنا في ذلك شواهد عدة مثل مستوى الطرق المتدني، والخدمات المتدنية الجودة.» وعلى جانب آخر يرى العرفج أن هناك عوامل جذب كبيرة للسياحة الداخلية يجب انتهازها، وذكر منها طبيعة الناس الاجتماعية والتي تدفع الكثير إلى قضاء إجازاتهم داخليا بين الأهل والأقارب، وكذلك تفضيل نسبة كبيرة منهم إلى المكوث في مكان لا يحدث تغيير كبير لديهم من حيث الثقافة والمجتمع المحيط والعملة وغيرها من الأمور التي تحفز الكثير إلى عدم السفر للخارج خلال مثل هذه الإجازات، وضرب على ذلك مثالا بالأحساء التي تكتظ بالناس خلال هذه الفترات الموسمية. وأضاف « مهما قلنا عن تأخر السياحة داخليا، فمن العدل القول إن السياحة الداخلية تظل على مستوى كبير من حيث كمية الناس بالمقارنة مع السياحة الخارجية، وإذا ضربنا لذلك مثالا دبي التي اشتهرت بانها اكثر الوجهات جذبا للناس خلال الإجازات المدرسية ومنها الإجازة الاخيرة التي قالت الإحصائيات انه زارها 300 ألف سعودي، فمن ناحية أخرى أعتقد أنه خلال الفترة نفسها زار المنطقة الشرقية ما يقارب المليون شخص.» واختتم العرفج حديثة قائلا» إن الجو قد لعب دورا مهما في وجهة السياح السعوديين خلال العطلة الأخيرة، ولذلك نرى أن المجمعات التجارية قد شهدت اكتظاظا كبيرا مقارنة بالمتنزهات البرية وغيرها، مما يؤكد على أهمية مثل هذه المرافق لتطوير السياحة على المدى القريب والبعيد.
الطيار: دعم السياحة الداخلية ضروري والعوائل تفضل الخارج أشار الدكتور ناصر الطيار نائب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لمجموعة الطيار للسفر والسياحة إلى أن الدافع الرئيسي الذي يدفع العوائل السعودية الى السفر الخارجي خلال الإجازات الصغيرة هو الرغبة فى تغيير الأجواء والترويح عن النفس لفترة قصيرة بعد فترة من العمل الشاق او الدراسة، وكذلك القيام بشراء مستلزماتهم المختلفة والالتقاء بأقاربهم واصدقائهم وزملائهم خلال السفر. واضاف ان جميع شرائح مواطني المملكة يفضلون قضاء إجازاتهم خارج البلاد بغض النظر عن اختلاف قدرتهم المادية. وعن اكثر الدول التي تجتذب السعوديين خلال الإجازات القصيرة، قال: دبي والدوحة والكويت وابو ظبي وبريطانيا وفرنسا وداخل المملكة تأتي بالطليعة جدة والمنطقة الشرقية. وأشار الى أن العوائل السعودية تبحث في سفرها عن الأجواء وعن المشتروات وتغيير روتين حياتهم لفترة قصيرة. واستطرد قائلا «قضاء السعوديين إجازاتهم المدرسية خارج المملكة هي ظاهرة صحية بسبب رغبتهم بتغيير روتين حياتهم وأخذ قسط بسيط من الراحة والمتعة بأجواء جديدة تتوافر بها متطلباتهم ورغباتهم. ونوه الطيار إلى أن السياحة الداخلية لها أبعاد إيجابية كبيرة على اقتصاد المملكة، فهى تحرك الاسواق وجميع الخدمات ويكون هناك زيادة فى الاقبال على الاسواق والمطاعم والفنادق وتأجير السيارات والنقل والطيران وجميع اوجه الخدمات وكذلك تستقطب سياحا من دول الخليج مما يسهم بتحريك عجلة الاقتصاد داخل المملكة العربية السعودية، كما أنها اجتماعياً تساعد على التواصل الاجتماعي بأجواء مختلفة وإلى التلاحم. وكذلك يكتسب السائح ثقافة جديدة من جميع الأوجه الاجتماعية».. وفى نهاية حديثة وجه الطيار حديثه برسالة إلى الجهات المعنية بالسياحة في المملكة فقال «إن السياحة الداخلية بازدياد كبير جداً، ولذلك يجب العمل بخطوات اسرع من اجل توفير متطلبات السائحين السعوديين والخليجيين والمقيمين بالمملكة بمستوى يتلاءم مع متطلباتهم وخصوصاً أن السائح السعودي اصبح أكثر ثقافةَ واصبح يعرف الاشياء».
بغلف: الكورنيشات لدينا جاذبة وتحتاج بعض المرافق أوضح محمد عمر بغلف الرئيس التنفيذي لمجموعة بغلف المتحدة أن هناك تباينا فى الاسباب التى تدفع السائح السعودي إلى تفضيل الخارج على الداخل، فمنهم من يقصد ذلك لغرض المناظر الطبيعية او الجو او الخدمات الترفيهية والسياحية، بالاضافة لعدة عوامل اخرى مثل المبادئ الدينية والاجتماعية والقدرة المادية وغير ذلك، مما يجعل سفر السعوديين للخارج انعكاسا لاختيارات شخصية تمثل هوية الشخص وامكانياته المادية. وقال بغلف «لا يمكن المقارنة بين السياحة الداخلية والخارجية بصورة مطلقة، فهناك مدن في الخارج يقل مستواها عن بعض المدن السعودية بدرجة كبيرة، وهناك اخرى تفوق التي هنا بطبيعة الحال، إن الموضوع يختلف وفيه تفصيل كما هو الاختلاف بين المدن السعودية فيما بينها البعض». واضاف احد دوافع السياحة الخارجية هو رغبة السائح السعودي بالتغيير، والذي هو من طبع الناس. وعن جاذبية السياحة السعودية قال بغلف «المشكلة ان الناس تود التغيير، بينما كثير من المدن السعودية هي على حالها لسنوات عديدة، مما يضطر السائح السعودي إلى قصد وجهات خارجية لغرض التغيير ومشاهدة الجديد».. وقال «كيف نتوقع من العائلة السعودية تفضيلها للداخل على الخارج وهي في المقابل لا تجد ابسط الخدمات المطلوبة، ويمكننا قياس ذلك على البحث عن مسكن نظيف بسعر معقول، والذي يندر جدا بمثل هذه المواسم في الداخل، وكذلك وسائل المواصلات غير كافية ولا تجد العائلة السعودية من الحجوزات ما يكفيها للتنقل من مدينة لأخرى، فتضطر إلى قطع المسافة بالسيارة من اجل قضاء سياحتها داخليا، وذلك في طرق ليست بالمستوى المطلوب وبمشقة تمنع الكثير عن المتعة».. وشدد بغلف على ان توفر رحلات الطيران بالاسعار والكمية المطلوبة هو مطلب مهم لتنشيط السياحة داخليا، ضاربا المثل بأسعار قيمة تذاكر الخطوط السعودية التى هى ضعف سعر احدى خطوط الطيران الاقتصادية مما يعيق حركة السياحة داخليا. وعن المرافق السياحية داخل المملكة قال بغلف «اصبحت المجمعات التجارية هي المقصد السياحي الاول للسياحة داخليا، فلم تعد كما السابق مقصورة على المحلات والتسوق، فهي الآن توفر مناخا ترفيهيا وسياحيا للعائلة مما اجتذب نسبة كبيرة من السائحين». وأضاف «الكورنيشات لدينا هي من اجمل المرافق التي تجذب السياح بشكل دائم، ومستواها يعد متميزا جدا على الصعيد العالمي، بل إنه يفوق بحر مدينة كان الفرنسية جمالا، محط كبرى سفن الاثرياء عالميا».. مشيرا الى حاجة الكورنيش إلى بعض الإضافات واللمسات الأخيرة «حيث تفتقر الكورنيشات لدينا إلى الخدمات والمرافق التي بتوافرها ستصبح جهة جاذبة سياحية بشكل كبير، ومن تلك المرافق الواجب توافرها المطاعم والمقاهي والجلسات العائلية والشبابية، التي بها سيتكون مناخ سياحي يجذب السياح وينشط الحركة». وعن دور المكاتب السياحية قال بغلف انه لا يمكنها تقديم إلا خدمة تأجير السيارات والسكن فقط، فلا توجد هنا مرافق وانشطة ترفيهية يمكن توفيرها للعميل السائح. وأضاف «في الفنادق العالمية تجد هناك زاوية مختصة بتقديم الخيارات السياحية الترفيهية المتوافرة للنزيل، بينما هنا لا يوجد شيء من ذلك. واذكر انه سبق لي حضور عرض الرجل الطائر في امريكا بتكلفة قدرت ب 70 مليون دولار، والعائد المتوقع لهذا العرض هو 300 مليون دولار، إذا فنحن نتحدث عن استثمار ضخم في مجال السياحة وهذا ما نتفقر إليه في السعودية».