وصف الشاعر اللواء المتقاعد عبدالقادر عبدالحي كمال، عضو مجلس الشورى السابق جماليات الصورة الشعرية في نصوص الأمير خالد الفيصل في الشعر الشعبي، بأنها دقة في التصوير وسمو اللفظ، ومعمارة رائعة قوية السبك، وحركة غنية بالمشاهد وأدواتها تمتلك مخزونا ثريا من الثقافة والأدب، وهي صدى لإحساس المتلقين. وقال خلال محاضرته «الصور الجمالية في شعر الأمير خالد الفيصل» مساء أمس الأول في نادي جدة الأدبي أدارها د.عبدالرحمن السلمي أن بعض الغيورين على اللغة العربية يعتبرون الشعر الشعبي وسيلة هدم للغة العربية لأنه لا يقيم وزنا للإعراب من رفع ونصب وجر، ولا يحفل بالفاعل والمفعول، ولكنهم مهما اشتدوا في إنكاره إلا أنهم لا يخرجونه من رياض التعبير ولا من جماليات التصوير ولا من تجليات الإبداع، ويرون أنه وسيلة من وسائل التعبير، يستقرئ الحياة السياسية والاجتماع والوقائع والحوادث التاريخية، وهو امتداد للشعر العربي الفصيح في أوزانه وأغراضه وقوافيه. وأوضح كمال أن شعر الأمير خالد الفيصل من الشعر الشعبي الذي جمع بين رشاقة التعبير ودقة التصوير، وجمال المعنى وسمو اللفظ، معماره رائع وبناؤه جميل، قوي السبك رائع الحبك، في صوره الشعرية تحرُك وحركة، ألوان تتداخل، ومشاهد تتوالى، ومفردات تتنفس، غنية بالأشكال والألوان والطيوف والمشاهد، ينثر الأمير كنانته ويتخير من أدواته ما يلائم أغراضه ومعانيه، وهو في هذا يمتلك مخزونا ثريا من المفردات والأمثلة والتعابير، كأنما يسير في بستان غني بثماره وأزهاره وبراعمه وطلعه، فيقطف منها ما يناسبه ويختاره، ويحاكي بها الوجدان والقلوب والمشاعر، ويشاهد عيون المحبين ويجمع من كل عين الدمعات التي تترقرق والأحاسيس التي تتكثف ويصبها في أبيات شعره، هذا نهجه ومنهجه في التعبير عن أحاسيس المتلقين، وترجمة مشاعر المستمعين، ويودع ذلك كله في بوتقة الشعر. وأضاف: هو رسام ماهر في تشكيل الحروف، صانع متمرس ينتقل من معنى لمعنى بصور بديعة، يقطف الثمار من بستان تألقه، فشِعره أخاذ، وصوره تنداح في كل نصوصه الشعبية المحلقة في سماء الإبداع، كما وظف موهبته في الرسام وكذلك في الحروف سبكا رقراقا وسموا. وأشار المحاضر إلى أن «بقايا شمس» من أدق التعابير الشعرية التي تبرز البيئة الصحراوية، وفي نص «أنا والصحاري» نجده نصا يعج بالحركة والألوان الزاهية، ولغة القصيدة منتقاة بجمال، والأمير خالد الفيصل ذكي في بحر الطويل، وقافية النون ساعدت على بيوت الشِعر أن تستقيم لإبداعه، وكلمة «ترتعش» جميلة بجمال شعره، صور بديعة فيها رسم بيئة الصحراء الخلابة واختراع شخوصها وأحداثها، فهو شاعر بلاغة وصور ومفكر وأديب، يدخل إلى الموضوع مباشرة، ويتمثل ذلك في نص «حومة فكر» عن الصقار والليل والقمر، فسموه جمع بين شرايين إحساسه، وجمر ناره يقلبه، فشعره يحلق في إبداع طريق من البيئة الشعرية، وطريق الحاضر المتجدد، فلم يتقيد بالتعابير المكرورة، وجدد الخطاب الشعري، ثم يكمل اللواء عبدالقادر بأبيات شعرية للفيصل نالت استحسان الحضور، مضيفا: لأول مرة ُتستخدم الغيمة وسيلة من وسائل السفر ويرسم الحبيبة بالصباح الضاحك، فسموه شاعر مبدع وقدير، وخياله جموح، وإحساسه مكثف، والمتلقي يتذوق ذلك ويطرب، وفي قصيدة «جمال الروح» غاية في الجمال تقطر روعة ما يرسمه الشاعر من أحداث هي مرآة مجتمعه، كما فعل في نصوصه الزاهية حرفا ورِيشة وكأنها لوحة تحمل شِعرا بالحروف وريشة بالألوان. بعدها كرم رئيس مجلس ادارة أدبي جدة الدكتور عبدالله بن عويقل السلمي ضيف الأمسية بدرع تذكارية. كمال خلال المحاضرة