شهد مسرح جمعية الثقافة والفنون بالدمام الجمعة الماضي العرض الأول لمسرحية «بعدها ساكتة» من تأليف الأديب والناقد عيد الناصر ومن إعداد وإخراج الفنان مالك القلاف، فيما يستمر العرض حتى يوم غد الاثنين، لينتقل بعدها إلى مسرح قلعة القطيف الترفيهية لتقديم 4 عروض في الفترة (17-20) من شهر يناير الجاري. ويأتي العرض في سياق تأسيس فرجة مسرحية تستقطب المشاهد العادي بحيث يكون هناك مسرح دائم يقدم العروض ويتيح للفنانين أن يتفرغوا للعمل الفني ليكون هناك مسرحيون محترفون تكون مهنتهم المسرح فقط. ويقدم العمل قصة فتاة يزوجها أبوها لشاب مستهتر ليس لديه اي إحساس بالمسؤولية، لدرجة أنه يأخذ مصروفه من أبيه، ولا يستمر في اي وظيفة لاكثر من شهر، ورغم كل ذلك إلا أن والد الفتاة اقتنع بتزويجها من الشاب بعد أن استشار رجل الدين في الحارة الذي مدح سمعة عائلة الشاب فقط، وهو ما حول حياة الفتاة إلى جحيم. مخرج المسرحية استخدم في إعداد عمله قالبا معروفا مستوحى من مسرحية «كاسك يا وطن» لمحمد الماغوط حيث المكان المسرحي محطة تليفزيون أطلق عليها «محطة صويلح»، تُقدم من خلالها القصة الرئيسية ضمن حلقات مسلسل تليفزيوني، أتاح هذا الإطار تقديم الكثير من القفشات الكوميدية التي وصلت أحيانا إلى التهريج من حيث محاولة اثارة الضحك، كذلك النقد الاجتماعي الذي يلامس هموم الناس. ويبقى المغزى الرئيسي الانتصار لقضية المرأة وتسليط الضوء على الظلم الاجتماعي الواقع عليها حيث استخدم المبدع القلاف الكواليس المفتوحة والتي يمكن للجمهور أن يرى ما يحدث فيها، بينما يسير الحدث المسرحي في مقدمة الخشبة، ونرى في الكواليس المرأة ك«ماكييرة» أو كمصممة ملابس، ليقدم التناقض العجيب في تهميش دورها رغم أهميتها، وهو ما جعل المخرج يفاجئ الجمهور بخروج امرأة من بين المشاهدين تتحدث مباشرة مع الممثلين لتؤكد حق المرأة في الوقوف على خشبة المسرح والتمثيل، حيث خرق القلاف بذلك الايهام الذي يفصل الجمهور عما يحدث على خشبة المسرح وهذا ما يطلق عليه الطريقة البريختية التي استعملها المخرج بإجادة. وقد كان الديكور بسيطا يتيح للمشاهد أن يرى ما يحدث في الكواليس، واستخدم المخرج نماذج كرتونية للأثاث مثل الطاولات والكاميرا التليفزيونية والسيارات وغيرها. واستخدم بإجادة الاضاءة لتكثيف الحدث أو الموقف أو لتخفيفه أو للفصل بين المشاهد كما استخدم الموسيقى والغناء والرقص بما يخدم سياق المسرحية ويضيف جرعة من الترفيه إلى الفرجة المسرحية ليحقق المتعة للجماهير. ولا بد أن ننوه هنا بإبداع تصميم الرقصات والإجادة الفائقة من الممثلين الذين أدوها برشاقة وجمالية ماتعة. وكذلك كانت الاغنية التي قدمت. لقد أثرى الفنان مالك القلاف، خريج المعهد العالي للفنون المسرحية في الكويت، بثقافته ومعرفته الأكاديمية لأسرار العمل المسرحي العرض، فأتى بأقل قدر من الهفوات، مثل الصراخ وحركات بعض الممثلين المبالغ فيها في بعض المشاهد، إلا أن ذلك لم يؤثر على الفرجة الممتعة التي قدمها فريق العمل ولقيت استحسانا ملحوظا من الجمهور. مشهد غنائي نهاية العرض