تعد زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- لروسيا تاريخية بكل الأبعاد، فهي الأولى لملك منذ تأسيس المملكة، وهي الأكثر لفتا لأنظار العالم في ظروف سياسية هي من الصعوبة بمكان تمر بها المنطقة والعالم. زيارة تتطلع القيادة السياسية والشعب السعودي والعربي والإسلامي بأن تحقق ما يطمحون له، من تعزيز للعلاقات الثنائية وتطوير التعاون المشترك لما فيه خير وصالح البلدين والشعبين الصديقين وخدمة الأمن والسلم الدوليين. الزيارة التاريخية بالتأكيد تناولت قضايا المنطقة والتعاون الثنائي بين البلدين، كما ستشهد التوقيع على عدد من الاتفاقيات الاقتصادية المهمة. وفي تصوري أن السعودية وروسيا تتقاسمان نفس الهموم من مستقبل الطاقة، وتستشعران الأخطار المحدقة بالبلدين، والتي قد تعيق ليس تطورهما فقط بل العالم أجمع، مع وجود إيران الدولة الداعمة للإرهاب وبما لديها من تمرد وإرهاب واعتداءات سياسية وأطماع لإنشاء إمبراطورية فارسية تمتد من نيودلهيلموسكو، فكيف إذا كانت دولة الملالي لديها سلاح نووي تهدد به العالم. تأتي أهمية هذه الزيارة نظرا للتوافق بين روسيا والسعودية العام الفائت في اجتماع عقد بين سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان والرئيس الروسي بوتين، على أن التعاون بين البلدين في ملف النفط سينتج عنه فوائد كبيرة في أسواق النفط. وزيارة الملك لروسيا تنبئ عن نجاح تحالف جيوإستراتيجي واقتصادي متجدد بين السعودية وروسيا، وتتضمن مناقشة ملفات عديدة هامة يتقدمها التعاون الاقتصادي والاستثماري والنفطي والتركيز في هذه المرحلة على تقوية الشراكة في مجال الاستثمار، وفقا لرؤية السعودية 2030 التي وضعها وخطط لها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والتي نتج عنها تحالفات استثمارية بمليارات الدولارات مع عدد من الدول مثل الصين وأمريكا وماليزيا وسنغافورة وتركيا. دول العالم قاطبة تدرك أن السعودية أحد أهم محركي السياسة في منطقة الشرق الأوسط، لذا تعمل دوما على الالتقاء معها لاسيما على صعيد التعاون للقضاء على الإرهاب ومكافحته. ومن ناحية الاقتصاد والنفط أشارت عدد من وسائل الإعلام إلى أن أرامكو إحدى أضخم الشركات السعودية النفطية قامت بمشاورات مع الشركة الروسية سيبور المتخصصة في مجال البتروكيماويات، لإقامة مشروع مشترك في المملكة. والمتوقع أن يوقع الطرفان السعودية وروسيا على عدد كبير من مذكرات التفاهم خلال الزيارة، لاسيما أنه كل من روسيا والسعودية تعدان أكبر منتجين للنفط في العالم. ومع الجهود الكبيرة التي قامت بها موسكو ضد الإرهاب فإن السعودية وروسيا يعملان للتلاقي في خندق واحد، بعد أن أصبح لدينا مؤشرات أن روسيا تضمن تأمين السلام والاستقرار في الشرق الأوسط بالتفاهم مع رجل السلم والحكمة والحزم الملك سلمان. العلاقات التاريخية مع موسكو قديمة حيث كانت من أول الدول التي اعترفت باستقلال السعودية سنة 1926 إضافة إلى أن الملك سلمان، أول ملك سعودي يزور روسيا ونتطلع إلى أن تُحقق تلك الزيارة الأهداف المنشودة منها في تحالفات اقتصادية وسياسية وأمنية.