العالم يتابع الزيارة.. استقبال تاريخي مُهيب للملك سلمان التحليلات والقراءات عمت الصحف العالمية الأمريكية والبريطانية ومراكز البحوث الإستراتيجية الدولية خلال ال24 ساعة الماضية.. والسؤال الأبرز في القراءات: لماذا يزور خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز روسيا في هذا التوقيت.. وهل هناك تغيير في الدبلوماسية السعودية للانتقال من الغرب إلى الشرق.. ولماذا تقوم الرياض باستثمار المليارات من الدولارات في بلاد القياصرة.. قناة بولمبيرغ حللت.. وصحيفة الفاينانشال تايمز تكهنت.. والواشنطن بوست قرأت واجتهدت.. ومراكز البحوث أسهبت في التحليل.. الإجابة على الأسئلة تكمن في سطور محدودة تتركز في أن السعودية تتحرك غربا وشرقا بحسب مصالحها الإستراتيجية العليا، وبطبيعة التموضع الجيوستراتيجي والاحتياجات التي تتطلبها المرحلة لمصلحة الشعب ورفاهيته وعلى ضوء السياسات الجديدة للسعودية لما بعد مرحلة النفط وفق الرؤية السعودية 2030، فضلا عن تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم الإسلامي وفق المصالح المشتركة وتنويع علاقاتها مع الشرق، خصوصا مع روسيا، التي تعتبر قوة عظمى، كما نجحت أخيرا مع الغرب من خلال تعميق الشراكة الإستراتيجية مع واشنطن. وتسعى السعودية إلى توازن في علاقاتها مع الغرب والشرق، ولهذا قررت القيادة السعودية التحرك نحو روسيا لتعميق العلاقات السياسية والاقتصادية والنفطية والاستثمارية، وفتح افاق جديدة للشراكات، بعدما نجح ولي العهد الأمير محمد بن سلمان خلال لقاءاته المتعددة مع الرئيس فلاديمير بوتين في تعزيز التعاون بين البلدين، وضرورة تحرك البلدين لمواجهة أزمات المنطقة نظراً للظروف الاستثنائية التي تمرّ بها المنطقة والعالم. وبحسب المصادر فإن الكرملين -(بالروسية: Кремль) وتعني القلعة أو الحصن- أعد برنامجا كبيرا ومهيبا لزيارة الملك سلمان التي تعتبر الأولى لملك سعودي، إذ تعقد اليوم (الخميس) قمة سعودية - روسية تاريخية في موسكو، فضلا عن لقاءات عالية المستوى مع رئيس الوزراء الروسي ميديفيدف ووزيري الخارجية والدفاع، الى جانب لقاء المفتي الأعلى للمسلمين في روسيا ورجال أعمال روس. بالإضافة إلى انعقاد المنتدى السعودي الروسي والأسبوع الثقافي السعودي. ومن المقرر أن يشهد الملك سلمان بحضور الرئيس بوتين التوقيع على عدد من الاتفاقات ومذكرات التفاهم في المجالات الاقتصادية والتجارية والسياسية والتقنية.. وجاءت تأكيدات بوتين خلال الجلسة العامة لمنتدى «أسبوع الطاقة الروسي»، أمس (الأربعاء) أن موسكو تتطلع بثقة إلى مستقبل العلاقات مع دول الشرق الأوسط، خصوصا السعودية كمؤشر واضح على رغبة الكرملين في تعزيز العلاقات مع السعودية. فيما قال وزير الخارجية عادل الجبير «إن الملك سلمان والرئيس بوتين، سوف يوقّعان على حزمة من الاتفاقات الثنائية بالغة الأهمية بين بلديهما، مؤكدا أن الزيارة، حدث تاريخي مهم دون أدنى شك بفضل هذه الزيارة؛ من مستوى العلاقات العادية إلى مستوى العلاقات الاستراتيجية». زيارة خادم الحرمين الشريفين تعكس إستراتيجية العلاقات، خصوصا أن موسكووالرياض تعملان بشكل وثيق في مجالي الأمن ومكافحة الإرهاب. والبلدان لديهما رؤية متشابهة للمشاكل والتحديات الموجودة فى المنطقة والعالم. وإنشاء التحالفات والاتفاقات مع روسيا بالمليارات في إطار إعطاء دفعة قوية للرؤية السعودية 2030 بهدف تشكيل تحالفات استثمارية لتأسيس علاقات إستراتيجية طويلة المدى. ويسعى البلدان لتكثيف حجم التبادل التجاري، الذي من المتوقع أن يتجاوز مستوى ال10 مليارات دولار، ورفعت المملكة وروسيا حجم التبادل التجاري بينهما في السنوات الأخيرة، إلا أنه لا يتماشى مع إمكانات البلدين، فقد بلغ العام الماضي، بحسب بيانات موقع «ITC Trade»، نحو نصف مليار دولار؛ منها 350 مليون دولار صادرات روسية إلى السعودية، مقابل واردات بقيمة 150 مليون دولار. واحتلت السعودية، في العام الماضي المرتبة ال60 في ترتيب الدول التي صدرت لها روسيا بضائع وسلعا من حيث القيمة، فيما جاءت روسيا في المرتبة ال82 في قائمة الدول التي تصدر لها المملكة. وما يميز العلاقات بين البلدين تعدد المصالح المشتركة، لاسيما في القطاع النفطي، فكلا البلدين يعتبران من أكبر المؤثرين الرئيسيين في سوق النفط العالمية، وهذا جعل التقارب بين روسيا والسعودية قضية مهمة. ومن المتوقع أن توقع شركة «سيبور» للبتروكيماويات الروسية و«أرامكو» السعودية مذكرة تفاهم لبناء مصنع لإنتاج الكيماويات من الغاز في المملكة، إضافة إلى صندوق استثماري جديد لتمويل مشاريع طاقة بقيمة مليار دولار. يضاف للصندوق الحالي البالغة قيمته 10 مليارات دولار، وسيتخصص الصندوق الجديد في الاستثمار بمشاريع للطاقة، وتحديدا في الخدمات النفطية، ومن المخطط أن يمنح عملاق الطاقة السعودي «أرامكو» الشركات الروسية في إطاره عقود خدمات وتوريد معدات. العالم يتساءل.. ونحن نجيب.. ليس لدينا ما نخفيه.. (أم اللقاءات) سيكون في الكرملين اليوم .. «الحزم» داخل «الحصن» بثبات وقوة.