قبيل انقضاء المدة المحددة من قبل دول المقاطعة للرد على قائمة مطالبها أخذت الدوحة تغير من لهجتها تجاه تلك القائمة وتصرح بأنها على استعداد للرد عليها بالتعاون مع واشنطن والكويت، وتغيير اللهجة بالدخول في دائرة التفاوض لن يجدي نفعا، فليس هناك في حقيقة الأمر ما يمكن التفاوض بشأنه، والمطلوب من ساسة قطر الانصياع لتلك المطالب العقلانية والصائبة والمشروعة. لا يمكن التفاوض حول دعم قطر السياسي والمالي والإعلامي للتنظيمات الإرهابية، فدول العالم بأسرها تستهجن أي خطوة من شأنها مد ظاهرة الإرهاب بالانتشار والحيلولة دون اجتثاثها من جذورها، ودول المقاطعة لا تنادي وحدها بالخلاص من تلك الآفة المدمرة وانما تنادي بها كافة أقطار وأمصار العالم دون استثناء، وامتداد الإرهاب إلى المجتمعات البشرية يمثل تهديدا لأمن واستقرار وسيادة تلك المجتمعات وتحديًا واضحًا وصارخًا لمواثيق وتشريعات الأممالمتحدة. والتفاوض بشأن ايواء الدوحة للعناصر الإرهابية فيها هو تفاوض عقيم أيضا، فتلك العناصر مازالت تسعى لتأييد ومعاضدة الحركات الإرهابية في مصر والعراق وسوريا وليبيا واليمن والبحرين، وهي على استعداد لمناصرة سائر الحركات الإرهابية في العالم، ووجودها داخل دولة قطر لا يهدد أمنها واستقرارها فحسب، ولكنه يهدد في واقع الأمر أمن جيرانها وأمن الشعوب العربية والإسلامية أيضا. أما ارتماء الدوحة في احضان إرهاب الدولة المتمثل في النظام الإيراني الدموي فلا يمكن التفاوض حياله أيضا، فالعالم كله مازال يستنكر إرهاب طهران ووقوفها إلى جانب التنظيمات الإرهابية في كل مكان، ويستنكر تدخلاتها السافرة في الشؤون الداخلية لدول المنطقة العربية، فكيف يمكن التفاوض حول هذه المسألة وهي تمثل خطرًا يحدق بالمصالح القومية لشعب قطر والمصالح القومية لسائر الشعوب الخليجية والعربية والإسلامية. والتفاوض حول السموم الإعلامية التي تنشرها أجهزة الدوحة المقروءة والمرئية والمسموعة ضد الشعوب الخليجية والعربية والإسلامية لن يجدي نفعًا، فالدوحة مازالت تدعي أن ما تبثه شبكة الجزيرة يمثل فكرًا حرًا لن تسمح بالتدخل لتغييره، في حين أن ما تبثه تلك الشبكة يدعم موجة الإرهاب في كل مكان، ويقلب الحقائق ويشوهها، ويبث من السموم ما فيه تفرقة الأمة والاعتداء على مصيرها واستقلالها وحريتها. لقد استهجنت المفوضية السامية لحقوق الإنسان استمرارية الدوحة في قلب الحقائق ودس السم في العسل من خلال مغالطات فاضحة لا تصب في مصالح حقوق الإنسان والدفاع عن حريته، وتقارير وسائل الإعلام القطرية تتنافى تماما مع ما رسمته وترسمه المفوضية من أساليب تستهدف النهوض بحقوق الإنسان، وقد ترجم هذا الاستهجان عمليا من خلال تعليق مكتب الأممالمتحدة لحقوق الإنسان اجتماعاته مع قطر؛ لاجتزائها محتوى الاجتماعات والخروج بها عن مساقها ومسارها الطبيعيين. مازال ساسة قطر يمارسون أساليب ركوب الرأس من خلال ادعاءاتهم الفارغة بالتنصل من تهم معاضدة الإرهاب والإرهابيين، وتلك أساليب ماعادت تنطلي على أحد، ولا يمكن عودة الدوحة الى حظيرتها الخليجية والعربية والإسلامية والدولية إلا بعودتها إلى الرشد والافاقة من غيبوبتها والكف عمليا عن مناصرة الإرهاب ومعاضدته.