لن يستطيع أي منا أن يخرج من جلده، لكن قدوم العيد يستجلب الفرح والانشراح ولو للحظات يستقطعها المرء لاطلاق ابتسامة ولصنع لحظات جميلة مع من يحب.. وبالقطع فإن ما يدور حولنا يؤثر فينا فالشخص ابن بيئته يتأثر بها أكثر بكثير مما يؤثر فيها. العيد ابتسامة للصغير بعيدية نقدية أو قطعة حلوى او الاستمتاع بلحظات لعب مع أقرانه، وللكبار صلات واجتماع، لكن ذلك كله يتطلب استقراراً ورضا مع النفس ومع من حولك.. ومن حولك تضمهم حلقات متتابعة تتسع وتتلاحق حتى تشمل الدنيا بمن فيها، والشخص السوي يتمنى الخير للبشرية بأسرها لكن ما باليد حيلة، ولذا فتتقلص الحلقات لترتبط أكثر ما ترتبط بمن حولك من أهل وأقارب وأصدقاء ومعارف. والعيد فرحة، وهناك مَن يستميت ليسرقها ويختطفها بعيداً، ولكن مع الايمان بالله سبحانه، لن يتسع المجال لأحدٍ أن يسرق عيدنا، بإصرارنا على الحفاظ على اللحمة، وصون الأمن العام، فتلك مسئوليتنا جميعاً. ومع كل ذلك، فإن تجاوزات على حرمة أطهر البقاع تترك في القلب حرقة وفي الوجدان لوعة، وتؤكد –بما لا يدع مجالاً للشك- أن بلادنا بطولها وعرضها وبما تحتضنه من بقاع لها حُرمة، ليس بوسع مسلم أن يتجاوزها، هي كلها مستهدفة. مما يجعل من الضرورة التراص للحفاظ على حصننا الحصين، بَعد الله سبحانه؛ فوطننا هو العقد الناظم لأهله، لا يسعنا أن نفرط به أو بأهله أو بأمنه أو بسلامته واستقراره وازدهاره، ليبقى قوياً سيداً، كراما أهله، مطمئنا زواره ووافدوه. ومع كل ما في النفس من خوالج، يبقى العيد بزياراته والتواصل مع الآخرين، حتى لتبدو كأنك تنطلق للناس باحثاً عنهُ لتراه عند الآخرين، وقد يتجسد العيد لك ابتسامة وفرحة في أعين الناس، فتفرحك فرحتهم. ولن تجد العيد وأنت منزوٍ في وحدتك طوعاً؛ فلن يخرج لك العيد الحقيقي وأنت تبحلق مقلباً الشاشات في جهازك الذكي أو الغبي بل أنصحك –ونفسي- بالابتعاد عن هذه الاجهزة وتذكر مقولة «جَمعتنا أحلى». كما أنك لن تجد العيد في اللوحات المعلقة على جدار غرفتك.. ستجده في قُبلة تطبعها على جبين ويدي والديك وأخرى على وجنة زوجك وقبلات لابنائك وبناتك واخوانك وأخواتك.. واحرص أن تسترجع كل اللحظات الباسمة مهما كانت قليلة ومتقادمة، ومهما أثقل نفسك ما يحدث من مآس وآلام، وغلف بالأمل كل الخيبات واللحظات الصعبة وحتى المؤلمة التي مرت بك أو بمن تحب. كل ذلك سيمنحك صبراً ورضا مدعماً بجرعة من الحب والتفاؤل والأمل للعمل والسعي ليصبح القادم أحلى وأفضل بإذن الله، لكَ ولمن حولك وللوطن برمته. وتكتمل فرحة العيد بتحلق الجميع ليتشاركوا في فرحته، ولن تمتلك إلا أن تتذكر احبابك الغائبين عن نظرك أو من باعدت الأيام بينكم أو من غاب لرحمة الله لانقضاء أجله، وهنا تذكر اللحظات السعيدة التي جمعتك معهم، وتمن لهم الخير والسعادة والرضا. ومع كل ذلك فلن نملك أن ننسى ما يدور حولنا من مآس لإخوة لنا من فقر وجوع ومرض، بل وما ابتليت به بلاد عزيزة علينا من تقتيل وتشريد واستباحة على يد ظلمة عمرت قلوبهم بالتكالب على الدنيا حتى لو كان بتقطيع رقاب الناس وتفجير الأجساد وهتك الحرمات، وترويع الآمنين ونهب أموالهم وأعمارهم وسعادتهم وتبديد جمعهم وسرقة عيدهم وبسمة أطفالهم.. فكيف تكتمل فرحة العيد وهو مشاع بيننا وبينهم؟! لن تكتمل، لا تسمح بأن يختطف أحد عيدك، فنحن لا نحتفل بالعيد لأنفسنا فقط، بل لنقول إن الله سبحانه وتعالى جعل لهذه الأمة عيدا، وسنقوم بالأمر طاعة. وسنحتفل بالعيد وإن خالطت احتفالنا مرارة، فالأمل بالقادم من الأيام أن تزول المرارة بالإصرار أن تبقى أمة الإسلام حية وقوية، فالحق يعلو ولا يعلى عليه.