تحدثت في مقال سابق عن مقارنة بين ساعات عمل القطاع الخاص وساعات عمل القطاع الحكومي، وذكرت أن أحد أهم أسباب تفضيل العديد العمل في القطاع الحكومي على القطاع الخاص هو انخفاض ساعات العمل وعدم وجود محاسبة فعلية لأي قصور في إنتاجية الموظف، ولخصت ذلك بأننا نهدر العديد من المال العام اذا لم يتم معالجة هذا القصور الحاصل. في هذا المقال سأتطرق لنقطة مهمة والتي تتعلق بتأخر إنجاز المعاملات في القطاع الحكومي بحجة عدم وجود وقت كاف لإنهائها في نفس اليوم، وبمعنى أصح وأدق أنه لا توجد لدينا معايير لقياس الأداء في كل جهة ويتم إعلانها للمستفيدين، والتي من خلالها سيتم محاسبة أي تقصير حاصل والذي بسببه تتأخر معاملات العديد من المستفيدين، ولو أخذنا مثالا على ذلك سنجد أن العديد من الجهات الحكومية لا تسمح باستقبال المعاملات بعد فترة الظهر، وحددت وقت تقديمها صباحاً فقط لا غير، والعديد من المستفيدين من خدمات تلك الجهات لديهم التزامات لا تسمح لهم بمراجعة تلك الجهات بشكل يومي حتى يتم الانتهاء من معاملاتهم. بالرغم من تطبيق التقنية الحديثة في أغلب المعاملات الحكومية، إلا أنه ما زالت هناك حاجة لمراجعة فروع تلك الجهات بشكل يومي، وقد تستغرق بعض المعاملات الانتظار لأكثر من أسبوع لإنهائها، وهذا الخلل يرتبط بمعدلات الإنتاجية الضعيفة والتي لها انعكاس كبير على رضا المستفيدين من خدمات تلك الجهات، وذكرت سابقاً في أكثر من مقال أن معدلات الإنتاجية في الأجهزة الحكومية لا يمكن أن تتحسن إذا غاب مبدأ المحاسبة والتحفيز. إذا لم يكن هناك شواغر لوظائف حكومية ويتحجج بعض مسؤولي الجهات الحكومية لذلك كعذر وسبب في تأخر إنجاز المعاملات، فلم لا يتم زيادة ساعات العمل الحكومي في جميع فروع الجهات الحكومية الخدمية بعدد معين من الساعات، ويتم الاستعانة بالمسجلين في برنامج «حافز» في مختلف أنحاء المملكة لتغطية هذه الساعات كمقابل عن الإعانة التي يحصلون عليها شهرياً من خلال «تدويرهم» لفترة عمل محددة في برنامج خاص مصمم لذلك، ومن هنا سيتم الاستفادة من وجودهم في خدمة المستفيدين وتسريع إنجاز معاملاتهم، وسيكون هناك تدريب فعلي لهم سينعكس على المهارات المكتسبة التي سيجنوها من ذلك، والأهم هو الانتقال الفعلي لمجتمع منتج بدلاً من مجتمع استهلاكي. ما ذكرته أعلاه لا يعني أني مقتنع بأن زيادة ساعات العمل لها دور كبير في الإنتاجية وأطالب فيها، ولكن كمقترح بما أن الوضع ما زال على ما هو عليه في ضعف تدريب وإنتاجية موظفي القطاع الحكومي وارتباطه بتأخر إنجاز معاملات المستفيدين، اضافة الى الاستفادة التي سيجنيها المستفيدون في مرونة الوقت لمراجعة الجهات الحكومية وتسريع وقت إنجاز المعاملات، والاستفادة التي سيجنيها المسجلون في برنامج «حافز» من خلال اكتساب مهارات عملية اذا تم تصميم برنامج «عمل جزئي» كما ذكرت أعلاه. زيادة الإنتاجية هي مسؤولية أصحاب المناصب في كل جهاز حكومي، ولدينا العديد من المقومات التي تساهم في تطوير العمل والاستفادة القصوى من كوادرنا البشرية، لكن نحتاج الى البدء والتطبيق فقط لا غير.