لنطلق على هذه الظاهرة «التسهيل الكمي إلى الأبد». في الوقت الذي يناقش فيه مراقبو البنوك المركزية احتمالية تصويت الاحتياطي الفيدرالي لرفع أسعار الفائدة هذا الشهر، يميل بعض أذكى الرجال في الغرفة إلى الاتجاه الآخر متوقعين بأنه سيكون هنالك المزيد من التسهيل الكمي، وليس أقل. في الشهر الماضي، تنبأ كل لورنس سمرز، وزير المالية الأمريكية سابقا، وراي داليو، مدير صندوق التحوط، بأن المصرف الفيدرالي قد يحتاج إلى إعادة تشغيل برنامجه الخاص بشراء السندات لإخماد خطر حدوث انكماش. هذا الأسبوع، ويليم بويتر، كبير الاقتصاديين لدى بنك سيتي جروب، مضى أبعد من ذلك حين حذَّر من أن العالم يتعرض لخطر العودة إلى حالة الركود الاقتصادي خلال العامين المقبلين إذا لم تعمل المصارف المركزية على تسريع جهودها لضخ النقدية في الاقتصاد. يجدر بنا أن نعود الكلمة التي ألقاها بين بيرنانكي في نوفمبر من عام 2002 بعنوان «الانكماش: يجب أن نضمن ألا يحدث هنا»، كوسيلة لتوضيح درجة غرابة الوضع الاقتصادي الحالي. لقد كان بيرنانكي، الذي كان في ذلك الحين أحد المحافظين في الاحتياطي الفيدرالي، والذي تولى منصب رئيس مجلس الاحتياطي من عام 2006 إلى عام 2014، يكرر اقتراح الخبير الاقتصادي ميلتون فريدمان بأنه بإمكان المصارف المركزية اللجوء إلى إسقاط المال من المروحيات كوسيلة لحفز النمو، وقال ما يلي: «تمتلك الحكومة الأمريكية تقنية تدعى المطبعة تسمح لها إنتاج أي كمية تشاء من الدولارات دون أية تكلفة أساسا. بإمكان الحكومة الجادة دائما خلق إنفاق أكبر وبالتالي التضخم الإيجابي. إن الضخ الكافي من المال سوف يؤدي دائما في نهاية المطاف إلى عكس الانكماش (والدخول في الضخم). كل هذا جيد وحسن - من الناحية النظرية. لكن الممارسة العملية، تبين أن تطهير شيطان الانكماش هو أصعب بكثير مما كان يتوخاه بيرنانكي. حتى بعد أن قام الاحتياطي الفيدرالي بتوسيع ميزانيته العمومية بأكثر من 3.5 تريليون دولار منذ بداية برنامج التسهيل الكمي في عام 2009 حتى نهايته في أكتوبر من عام 2014، لا يزال عدم التضخم قائما. أما متوسط الزيادة السنوية في الأسعار الاستهلاكية في الولاياتالمتحدة هذا العام فهي فقط 0.1%، وهي كذلك لأكثر من عام منذ أن كان التضخم عند المستوى المستهدف للمصرف الفيدرالي البالغ 2%. كان المتداولون في أسواق المال يقلصون من توقعاتهم المتعلقة بقرار الاحتياطي الفيدرالي في الاجتماع المتعلق بالسياسات المقرر عقده ما بين 16-17 من سبتمبر. في الأسبوع الماضي كانت الأسعار في الأسواق الآجلة والخيارات تشير إلى أن هنالك فرصة نسبتها 30% لحدوث زيادة، منخفضة من نسبة 32% قبل أسبوع و48% قبل شهر. داليو، الذي يدير صندق التحوط بريدجووتر خاصته حوالي 169 مليار دولار، أخبر مستثمريه في الشهر الماضي بأنه «ينبغي أن يكون واضحا الآن بأن مخاطر التقلصات الانكماشية آخذة في التزايد نسبة للمخاطر الناجمة عن التوسع التضخمي». وهذا يعني أن «الخطوة الكبيرة القادمة للمصرف الفيدرالي ستكون في التخفيف (عن طريق برنامج التسهيل الكمي) وليس رفع أسعار الفائدة». يوم الأربعاء، كرر سمرز، الأستاذ في جامعة هارفارد، دعوته التي أطلقها في الثالث والعشرين من أغسطس بأن يبقي المصرف الفيدرالي السياسة على قائمة الانتظار، قائلا «إن الحجة ضد زيادة أسعار الفائدة أصبحت نوعا ما أكثر إلحاحا». يقول بيوتر من بنك سيتي جروب، وهو عضو سابق في لجنة السياسة في بنك إنجلترا، إن الركود العالمي هو عبارة عن «خطر مرتفع ويتزايد بسرعة» و»قد يصبح الآن النتيجة الأكثر ترجيحا على مدى السنوات القليلة القادمة». ويدعو إلى طباعة المال في الصين، والولاياتالمتحدة والمملكة المتحدة ومنطقة اليورو، مع قيام الحكومات بإصدار السندات التي ستشتريها مصارفهم المركزية بعد ذلك. حتى التطبيق المتأخر لفكرة إلقاء الأموال من المروحيات في البلدان المصابة بالتغيرات الدورية يستطيع أن يضمن أن الجولة القادمة من الجمود الدوري لا تزيد من تفاقم مشكلة الجمود طويل الأمد. من غير الواضح لي لماذا يعتبر المزيد من التسهيل الكمي هو الجواب على إخفاق الاقتصاد حتى الآن في الاستجابة للجولة الثالثة من التسهيل الكمي. لكن حين يجادل عدد من أذكى الناس في التمويل بالمزيد من التحفيز النقدي، فإن ذلك يقتضي أن يكون الاحتياطي الفدرالي (أو بنك إنجلترا أيضا) شجاعا للغاية إذا قرر دفع تكاليف الاقتراض إلى الأعلى.