في كل مناسبة من مناسبات الوطن يتسامى هذا الصرح الثقافي الشامخ (نادي الأحساء الأدبي) ويرفع راية الوطن الخضراء والمطرزة بالشهادتين ويعلو صوته المثقف ويصدح بلغة الضاد ليُسْمِعَ كُلَّ من في أذنيه وقر أن الوطن أغلى من النفس والمال والولد. الوطن هذا التراب الذي نمشي عليه، وهذا الهواء الذي نتنفسه ونملأ به رئتينا وهذا الماء العذب الفرات الذي يملأ جميع خلايا أجسامنا وهذا الغذاء الذي يمنحنا الطاقة الضرورية لنروح ونغدو.. هذا الوطن الذي نحن فيه ولكنه في واقع الامر فينا:.. نبضاً في قلوبنا.. وماء في شراييننا ونشيداً مطرِباً في أفواهنا وعلى ألسنتنا إنه شمسنا المشرقة بالدفء والحياة إنه انتماؤنا وحبنا وأبونا وأمنا وأهلنا وذوونا.. إنه الصديق الذي لايَمَلُ ولايخون صديقه. إنه الحضن الآمن الدافئ الحنون الذي نضع رؤوسنا فيه ونَغفو آمنين مطمئنين لأنه الأم والأب والأخ والبيت والمجتمع. إن نادي الأحساء الأدبي ابن شرعي لهذه المحافظة.. وُلِدَ وترعرع على ترابها وأكل وشرب من عطاءاتها ولذلك تُحِسُّه دائماً يتغنى بالانتماء والتبعية العزيزة. وإن إقامته ليلة الأربعاء الماضي في مقر النادي أمسية أدبية شعراً ونثراً بمناسبة (عاصفة الحزم) شارك فيها العديد من الأدباء والشعراء. افتتحها سعادة رئيس النادي الأستاذ الدكتور ظافر الشهري بكلمة ضافية عن عاصفة الحزم وقام بإدارتها سعادة الدكتور عبدالله الحقباني الذي استطاع - بتلقائيته الجذابة - أن يشيع التفاعل. مع كل النصوص التي قُدِّمَت نثراً أو شعراً ولقد كانت القصائد والأدبيات تشارك المقطوعات النثرية وكل فن لم يقل مستواه عن الآخر، ولكن لأن الشعر له علاقة بالوجدان والعاطفة ولأن النثر ينحو غالباً نحو الواقع والحقيقة فكان الشعر له القامة الأعلى في الإلقاء. ومما شدَّ المتلقين أبيات ألقاها الشاعر الفحل محمود الحليبي وهي عبارة عن أبيات تشكل رباعيات وطنية جزلة: ياغارة الله هبي حرري اليَمَنَا ولقمي الحوثَ فيها الموت والعفنا.. للحزم عاصفة لله ثائرة قد أرخص الجندُ فيها الروح والبدنا وفي رباعية أخرى قال: سلام على سلمان أعلنها حزماً وسعرها حرباً فألجمهم لجماً هو اليمن الميمون نادى أسودنا فهبت كريح الموت تلطمهم لطماً. وشارك الأستاذ عبدالله الخضير بقصيدة عصماء ألقاها عنه بالنيابة نجله الشاب قال فيها: هذا الخليج تآخى في مؤازرة كي يدفع الشر والأهوال والكُرَبا ذكرى العروبة فخر غاب من زمن واليوم عاد قوياً يرهب الغُرَبا ياعابثا بدروب الشر في يمن أدرك فحلمك في الأطماع قد ذهبا مشاركات عديدة أثلجت الصدور وشفت صدور قوم مؤمنين. إن مثل هذه المؤسسات كهذا النادي وكجمعية الفنون والثقافة والمدارس والجوامع كل هذه وغيرها.. عليها في هذا الوقت وفي هذه الأزمات والنوازل عليها أن تدلي بدلوها لتوعية الجمهور ورفع معنوياته ولتجذر عروق الانتماء والحب والتضحية لهذا الوطن المعطاء. إن السكوت من قبل من له صوت مسموع في مثل هذه الأزمات يعتبره كثير من المحللين خيانة وطنية. الإعلام المسموع والمرئي والصحافة المقروءة والأدب شعراً ونثراً. كلٌّ عليه واجبات مثلما له حقوق. عليه واجبات يجب عليه أداؤها وأقلها المساهمة الفعلية في قولة الحق أو مساندة من يقول به ويعلنه ولافض فوك ياشاعرنا الشاب أنيس بن أحمد بوخمسين حين قلت وأنت تخاطب أرض الوطن: يمتد حبك في روحي وفي جسدي من أول العمر حتى ساعة الأجلِ عشقت أرضك لم أعبأ بمن عذلوا كلا وهل يعبأ العشاق بالعذلِ هل يعشق الجذر إلا ماء تربته أو يعشق النحل غير الورد والعَسَلِ أُهديك من نفحات الشوق أدفأها ومن مووايل حبي أعذب الجُمَلِ لقد رفع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز رؤوس السعوديين وكذلك رؤوس أبناء الخليج العربي. ومن ثمَّ رؤوس جميع العرب من البحر إلى البحر.. فحياك الله ياأبا فهد ورحم الله والدك الذي غذّاك بالمروءة والحزم والنخوة التي ظهرت جليةً في عاصفة الحزم. باحث لغوي