قال إمام وخطيب مسجد قباء في المدينةالمنورة ومستشار رئيس مجلس نظارة مركز بحوث ودراسات المدينةالمنورة المكلف الشيخ صالح المغامسي: إن مسار الصحوة عني بالفقه والفكر في بداياته أكثر من عنايته بالتربية الإيمانية والقرآنية، مبينا أن ذلك أحدث جدلاً وخطأً وليس المقام مقام لوم، لكنه مقام استفادة من الدروس. وأوضح أنه يجب في البداية تربية النشء على المبادئ المستقاة من القرآن والسنة، ولا ينبغي الانشغال الفكري العميق مع كل واحد، ولا بالقضايا الفقهية التي كان الخلاف ولا يزال قائماً حولها ولا يمكن أن يرفعه رأي أحد. وأضاف فضيلته ل «آفاق الشريعة»: إنه لما جاءت ثورة الفضائيات وسمع الناس لأكثر من شخص وقرؤوا لأكثر من عالم وأنصتوا لأكثر من فقيه، شعر الناس بشيء من الصدمة وكان ينبغي من الأساس تربية الناس تربية إيمانية وقرآنية وبيان أن كثيرا من مسائل الفقه بها اختلاف. وتناول قضية الاختلاف مشيرا، الى أنه كان ينبغي قبول الاختلاف من الأساس لأنه رحمة، ولكن ذلك لم يحدث، لذلك لابد أن يُربى طلبة العلم على قبول تعدد الآراء في بعض المسائل الفقهية. وأكد الشيخ المغامسي، أن الرأي الأوحد فيه من المشقة ما قد لا يبدو في بادئ الأمر. والأخذ بالرأي الأوحد بحجة جمع الناس عليه، أرى أنه خطأ محض؛ لأن الناس لا يلبث أن يظهر فيهم من يقرأ ويتفقّه ويستبين له خلاف هذا الرأي الأوحد، فإذا جهر به في زمنه لامه الناس لاعتقادهم أنه مقدس، وشتان ما بين النص وآراء الناس. وحول التشنيع على من يفتون بخلاف السائد، قال الشيخ المغامسي: إن هذا يعد خللاً بلا شك، ومثل هذا الرجل الناقد لا يخرج من أحد رجلين، إما رجلاً لا علم له فهو ينكر لقلة علمه، وإما أنه - والعياذ بالله - رجل علم، وأن في المسألة خلافاً، وأن الدليل يحتمل كلا القولين ويقبلهما لكن غلب عليه الحسد، كما يقال: «إن خلا أحدهم من الحسد تلبس بالجهل، وإن تلبس بالعلم لا يكاد يخلو من الحسد». لكن، لا يجوز لمن تحلّى بالعلم إن اتضحت له الصورة وظهر له الحق أن يمتنع عن القول فيه خوفاً أو رهبةً من حسد حاسد أو نقد ناقد، والحق أحق أن يتبع ما لم يكن في ذلك الأمر ما يشعر الناس أن في الأمر إضعافا لشعائر الدين، حيث بعض الفضلاء يكابرون في مسائل واضحة لو احتكمنا فيها إلى الدليل وإلى أقوال الصحابة وأفعالهم لكان القول الفصل، لكن طُبع على قلوب البعض حب الرأي الأوحد أو حب انتقاد الآخرين.