قال صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، الرئيس الفخري لمجلس وزراء الداخلية العرب إن هناك تنظيمات إرهابية هي "واجهات لدول وأنظمة تسخر إمكاناتها للنيل من أمننا واستقرارنا واستمرارية وجودنا". وأضاف مخاطباً مجلس وزراء الداخلية العرب في دورته ال 32 بالجزائر، "تعلمون أن أمن دولنا جزء لا يتجزأ، ونحن نسعى لحفظ الأمة، دماء شعوبها ومكتسباتها"، معربا عن أسفه لاستغلال «فئة ضالة» للدين الإسلامي العظيم، حيث يحاربون الإسلام تحت شعارات الإسلام ويسفكون الدماء ويفسدون في الأرض". ولمواجهة الخطر الإرهابي، قال ولي ولي العهد إن "التحديات التي تواجه أمننا كثيرة تستدعي مواجهة حازمة وذكية ضد الفعل الاجرامي.. مواجهة تكشف زيف الادعاءات والرايات وتصون شباب أمتنا من خديعة التنظيمات المضللة". وفيما يلي كلمة سموه: "إنه لمن دواعي سروري وسعادتي أن أكون معكم في اجتماع مجلسكم الموقر في دورته الثانية والثلاثين، ويشرفني أن أنقل لكم تحيات سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده - حفظهما الله - وتطلعاتهما الصادقة تجاه نجاح أعمال هذه الدورة بحول الله وقدرته. كما يطيب لي أن أرفع باسمكم وباسمي جميعاً وافر الشكر وعظيم التقدير والامتنان لفخامة الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة وحكومته الرشيدة وشعب الجزائر الشقيق على استضافة هذا الاجتماع وما حظينا به من حسن استقبال وكرم ضيافة وكريم رعاية وعناية، والشكر موصول لمعالي الأخ/ الطيب بلعيز وزير الدولة ووزير الداخلية والجماعات المحلية في الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية على ما بُذل من جهد في إعداد وتنظيم عقد هذا الاجتماع وتهيئة أسباب نجاحه - بإذن الله تعالى - كما نشكر معالي الأخ / محمد حصاد وزير الداخلية بمملكة المغرب الشقيقة على ما قام به من جهود خلال ترؤسه للدورة السابقة لهذا المجلس، ونشكر كذلك معالي الأمين العام للمجلس وزملاءه على جهودهم المخلصة. أيها الأخوة: لقد كان لمجلس وزراء الداخلية العرب جهود سباقة في كشف خطورة الإرهاب وخطره على دولنا ودول العالم أجمع، وهي جهود تكللت بإعداد الإستراتيجية العربية لمكافحة الإرهاب في مبادرة نوعية غير مسبوقة بأي جهد دولي مماثل، يعززها إجراءات ومواجهات ميدانية حازمة مع الإرهابيين وأعمالهم الشريرة، وإنه لمن المؤسف أيها الإخوة أن تُستغل فئة ضالة من أبنائنا في الإساءة إلى سماحة ديننا الإسلامي لدى من لا يعرف حقيقة عظمة هذا الدين ووسطيته واعتداله، وتعريض أنفسهم وأوطانهم للخطر، فئة تحارب الإسلام باسم الإسلام، وتحت شعارات ورايات تخالف الإسلام وتنتهك حرمة دماء وأعراض وأموال المسلمين وغيرهم ممن حرم الله الإساءة إليهم وجعل من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض كأنما قتل الناس جميعا. أيها الإخوة: إن التحديات التي تواجه أمننا العربي كثيرة وخطيرة، وتستدعي بالضرورة مواجهة حازمة وذكية تسبق الفعل الإجرامي، وتحد من آثاره إذا وقع- لا سمح الله-، مواجهة تكشف أكاذيب الرايات والتنظيمات الإرهابية وزيف إدعاءاتها، وتصون شباب أمتنا من خديعة تلك الرايات والتنظيمات الضالة، مواجهة تجمع بين قوة الردع وفاعلية الارتداع، خاصة إذا ما علمنا أن هذه التنظيمات هي في حقيقة الأمر واجهات وأدوات لدول وأنظمة تسخر كافة طاقاتها وإمكاناتها العسكرية والمالية والفكرية للنيل من أمن دولنا واستقرارها واستمرارية وجودها. وتعلمون أيها الإخوة أن أمن دولنا العربية جزء لا يتجزأ، وهي الحقيقة التي تعمل بموجبها المملكة، وتبذل كل إمكاناتها لتعزيز أمن واستقرار دولنا وترحب بكل جهد يحفظ للأمة العربية دماء شعوبها ومكتسباتها ومقومات حضارتها، ومن هذا المنطلق رحبت المملكة باستضافة مؤتمر الحوار اليمني تحت مظلة مجلس التعاون لدول الخليج العربية لاستئناف العملية السياسية وفقا للمبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية لإنقاذ اليمن من حافة الانهيار وحقن دماء أبنائه. أيها الإخوة: إن جدول اجتماعكم حافل بموضوعات مهمة تُعرض للنقاش في توقيت مهم وفي ظل منعطف خطير وتداعيات أكثر خطورة تحيط بأمننا العربي وكلنا أمل ورجاء في أن يسفر اجتماعكم المبارك عن قرارات وتوصيات تعزز مسيرة التعاون والتنسيق القائم بين دولنا وترفع من جهوزية أجهزتنا الأمنية في مواجهة التحديات الأمنية وفاعلية إجراءاتها في محاربة الإرهاب والفكر المتطرف وحماية أمننا العربي. والله أسأل لاجتماعكم التوفيق والسداد، وأن يسهم في تحقيق توجيهات قادة دولنا وتطلعات شعوبنا العربية، فمنه وحده نستمد العون والتوفيق، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته". وقد رأس سموه وفد المملكة إلى اجتماع وزراء الداخلية العرب الذي عقد برعاية الرئيس عبدالعزيز بو تفليقة رئيس الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية وبمشاركة وفود أمنية رفيعة، وممثلين عن جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي واتحاد المغرب العربي، وجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، والمنظمة الدولية للشرطة الجنائية "الانتربول"، والمنظمة الدولية للحماية المدنية والدفاع المدني، والمنظمة العربية للسياحة، والهيئة العربية للطيران المدني، إضافة إلى مشاركة ممثلين عن الاتحاد الرياضي العربي للشرطة. من جهته، نعى وزير الداخلية الجزائري الطيب بلعيز في كلمته، فقيد الأمة العربية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود- رحمه الله- سائلا الله عزوجل أن يرحمه بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته. ودعا بلعيز، إلى تعزيز الإستراتيجية الأمنية العربية المشتركة من أجل مواجهة الإرهاب العابر للأوطان. وقال: ان "الوضع الراهن يضع الدول العربية دون استثناء أمام تحديات كبيرة تستلزم من مجلسنا المضي قدما نحو تعزيز الإستراتيجية الأمنية المشتركة بدعم أسسها بما يكفل مجابهة ظاهرة تنامي الإرهاب العابر للأوطان وكل أشكال الجريمة المنظمة". كما حث على ضرورة "العمل على تشخيص دقيق لكافة المخاطر والتهديدات التي تمس أمننا العربي المشترك لوضع تصور استشرافي مندمج ومتجانس يرسم أوجه التعاون العربي الفعال في المجال الأمني". وأكد بلعيز أنه في إطار تنفيذ الإستراتيجية الأمنية العربية من الضروري "تكثيف وتنسيق الجهود في مجال تبادل المعلومات والمعطيات والتحاليل في كل ما تعلق بالجماعات الإجرامية ونشاطاتها على الصعيدين الداخلي والخارجي.. بما يسمح بتضييق الخناق على الجماعات الاجرامية والحد من تحركاتها وتجفيف مصادر تمويلها". كما دعا الى "استحداث أجهزة وهيئات جديدة تتلاءم والتحديات الامنية الراهنة لضمان نجاعة الخطط الامنية المتعددة". وبعد ان أبرز أهمية العنصر البشري في تنفيذ هذه الإستراتيجية، أكد بلعيز أن "التجربة أثبتت ان الحل الامني وحده غير كاف للقضاء على ظاهرة الارهاب ومختلف أنواع الجريمة"، داعيا إلى إسهام عوامل اخرى مثل الاعلام والتربية والمجتمع المدني" حيث دعا رجال الدين على وجه الخصوص الى "العمل على تصحيح المفاهيم الخاطئة المنسوبة عنوة للدين الإسلامي الحنيف". وأشار ايضا الى انه- بغية الحد من قدرة التنظيمات الارهابية على التجنيد- "يتعين العمل على تحسين معيشة الفرد والاهتمام به وفتح المجال امام الحريات وترقية مساهمة المواطن في الحياة العامة والسعي الحثيث الى تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وارساء دولة القانون والمؤسسات". واستحضر وزير الداخلية الجزائري الأدوار المهمة التي اضطلع بها صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود- رحمه الله- في تعزيز عمل مجلس وزراء الداخلية العرب وضمان استمرارية اجتماعاته، ودعمه للأمانة العامة للمجلس منذ إنشائها، واهتمامه- رحمه الله- بتعزيز الأمن العربي المشترك والأمن الفكري ومحاربة الإرهاب والتطرف وجميع أشكال الجريمة، واسهامات سموه في خدمة العلم والمعرفة من خلال ترؤسه لمجلس إدارة جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية التي دفع من خلالها إلى النهوض بتطوير الخبرات الأمنية والعدلية وتقديم برامج ومؤتمرات دولية استفادت منها الدول العربية. وزراء الداخلية العرب خلال لقطة تذكارية .. انعقاد الدورة ال 32 لمجلس وزراء الداخلية العرب