منذ أيام ويتصدر نفس العنوان الصفحة الأولى من صحيفة المعارضة الرئيسية في ساحل العاج «لا فواى». يقول العنوان «الأخوة هذا ليس شأنكم» وتحت العنوان عنوان آخر يقول «ابقوا في منازلكم يوم الأحد». وتعد الصحيفة واحدة من بين عدة صحف كانت تؤيد الرئيس السابق لوران غباغبو الذي أطيح به في أبريل الماضي بعد صراع على السلطة دام أربعة أشهر. وقبل ثلاثة أيام من إجراء الانتخابات البرلمانية في ساحل العاج بدت الصحيفة شاهرة أسلحتها. وسحب حزب الجبهة الشعبية العاجية، الذي كان غباغبو ينتمي إليه، مرشحيه بعدما نقل غباغبو إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي في التاسع والعشرين من نوفمبر الماضي وصار الحزب الآن يحث مناصريه على مقاطعة الانتخابات. ونقل غباغبو إلى مقر الاعتقال التابع للمحكمة الجنائية الدولية التي أصدرت مذكرة اعتقال بحقه على خلفية جرائم حرب يقال إنها ارتكبت خلال الصراع الذي جاء بعد الانتخابات الرئاسية التي أجريت في نوفمبر العام الماضي وكانت مثار نزاع خلف وراءه نحو ثلاثة آلاف قتيل ومئات الآلاف من النازحين خارج البلاد. يواجه غباغبو أربعة اتهامات بارتكاب جرائم ضد الإنسانية هي القتل والاغتصاب وأشكال أخرى من العنف الجنسي والاضطهاد وأفعال لا إنسانية أخرى لدوره في الصراع. وينتظر أن تبدأ محاكمته في لاهاي في يونيو. وتم تسجيل نحو 2.5 مليون شخص للتصويت في الانتخابات لاختيار ممثلين بإجمالي 255 مقعدا في البرلمان. وكان المحللون ينظرون في البداية إلى الانتخابات على أنها خطوة هامة نحو تحسين الاستقرار في البلاد وإصلاح الدمار الذي أحدثه الصراع. لكن تسود مخاوف حاليا من أن التصويت لن يقدم سوى القليل للمساعدة على إعادة توحيد بلد استشعرت فيه ملامح الانقسام لسنين. وقبيل اجتماع انتخابي بمدينة جراند لاهو الساحلية غرب أبيدجان يوم الأربعاء الماضي، قتل ثلاثة أشخاص وأصيب ثلاثة آخرون بإصابات بالغة في هجوم صاروخي في أول حادثة عنف تعكر صفو الهدوء والسلام اللذين سادا خلال الحملات الانتخابية حتى ذلك الحين. وقال شاهد العيان بيوجري جاكوب لوكالة الأنباء الألمانية: «سمعنا صوتا مرتفعا فجأة...كان الغبار ينتشر في الهواء بعدما سقط الصاروخ في الفناء. هرعنا إلى المنزل الذي دمر تقريبا ووجدنا أن الصاروخ قتل ثلاثة أشخاص بينما كان ثلاثة آخرون يئنون وقد غرقوا في دمائهم. بعد ذلك ألغينا الاجتماع». أما جان دجاها مرشح حزب ساحل العاج الديمقراطي-التجمع الديمقراطي الأفريقي- الذي كان ينظم المؤتمر فقال في تصريحات على التليفزيون إن مؤيديه لم يعودوا «يريدون الاجتماع...والمؤيدون لي خائفون أيضا من أن يستهدفهم الهجوم الصاروخي التالي». أيضا، يتسابق في الانتخابات مرشحون عن تجمع الجمهوريين حزب الرئيس الحسن واتارا الذي فاز بأغلبية الأصوات في الانتخابات الرئاسية الأخيرة في نوفمبر الماضي. وعلى الرغم من أن المجتمع الدولي والمراقبين أعلنوا واتارا فائزا بانتخابات نوفمبر الماضي فإن رئيس البلاد المنتهية ولايته وقتها غباغبو والذي حصل على 46% من الأصوات تشبث بالسلطة حتى أبريل الماضي عندما اقتحم الجنود باب غرفته بالفندق الذي كان يقيم فيه وأخرجوه منها بملابس النوم. يذكر أن تجمع الجمهوريين جزء من تحالف لأحزاب موالية لواتارا يسمى تجمع هوفويت للديمقراطية والسلام والذي يمسك بزمام السلطة. ولم يتطور الثوار السابقون (القوات الجديدة) الذين سيطروا على مناطق شمالية عدة في أنحاء البلاد منذ عام 2002 حتى مؤخرا إلى حزب سياسي وقالوا بدلا من ذلك إنهم سيساندون تجمع هوفويت في انتخابات اليوم الأحد. ومع اقتراب بدء التصويت لا يزال الكثير من العاجيين يتذكرون آخر مرة أجرت البلاد فيها انتخابات. وقال ستيفان دجيه وهو أحد مؤيدي غباغبو وكان قد فر إلى ليبيريا المجاورة بعدما قتلت أسرته على يد القوات الموالية لواتارا «لقد أخبرونا بأن كل شيء سيكون سلميا...الآن أصبح مصطلح يوم الانتخابات مثقلا. هذا الاقتراع الجديد يأتي بعد وقت قريب جدا من ذهاب غباغبو إلى لاهاي». ودجيه الذي لن يكون بمقدوره التصويت هو واحد من بين أكثر من 84 ألف عاجي لم يعودوا بعد إلى البلاد منذ انتهاء الصراع حيث يقولون إن الخوف هو أحد أهم الأسباب لعدم عودتهم. ويواجه غباغبو أربعة اتهامات بارتكاب جرائم ضد الإنسانية هي القتل والاغتصاب وأشكال أخرى من العنف الجنسي والاضطهاد وأفعال لا إنسانية أخرى لدوره في الصراع. وينتظر أن تبدأ محاكمته في لاهاي في يونيو. وقد دعت الجماعات الحقوقية أيضا إلى مثول أعضاء إدارة واتارا الذين تقول تلك الجماعات إنهم مسئولون عن ارتكاب جرائم خطيرة أمام المحكمة الجنائية الدولية. وفي تقرير نشر في مارس الماضي، قالت بعثة الأممالمتحدة لدى كوت ديفوار إن ذكريات التوترات الماضية لا تزال تؤثر على المشهد السياسي في البلاد. وقال التقرير إن «أزمة ما بعد الانتخابات أيقظت التوترات العنصرية الكامنة...النازحون توجهوا إلى مناطق تلقى جماعاتهم العرقية فيها قبولا...تعزيز وحدة البلاد بعد الأزمة سيتضمن تحسين العلاقة بين الأطراف التي على خلاف». وسيكون هذا وتساؤلات أخرى بشأن المصالحة في أذهان الناخبين اليوم الأحد عندما يتوجهون إلى صناديق الاقتراع. وسيتم نشر نحو 25 ألف فرد أمن في أنحاء البلاد تدعمهم قوة من الأممالمتحدة قوامها سبعة آلاف جندي لتأمين سير العملية الانتخابية.