بدأت الخطوات العربية فعلياً لنصرة السوريين، حيث رأس الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي اجتماعاً ضم ممثلي المنظمات العربية المعنية بحقوق الإنسان للبحث عن أفضل وسيلة لحماية الشعب السوري من الهجمة التي تشنها الآلة الحربية العسكرية السورية ضد المدنيين العزل. وما كانت الأمور تصل إلى هذا الحد، لو لم يستخف النظام السوري بمطالب مواطنيه، وتصميمهم على الدفاع عن كرامتهم. ولكن النظام بدلاً من أن يبحث جدياً عن حلول لمشكلته مع مواطنيه الثائرين، أخذ يوجه فرق الشبيحة الهمجية ونيران الجيش إلى صدورهم. ومن الغباء أن يتوقع متنفذو النظام السوري أن يصمت العرب طويلاً وهم يرون شوارع المدن السورية تتحول إلى ميادين مذابح للناس الأبرياء، أطفالاً وشباباً وشيباً ونساء. كما أن الجرائم المروعة التي ارتكبتها فرق الشبيحة لا تدع مجالاً لأي مسئول عربي إلا أن ينحاز إلى الأبرياء السوريين الذين يستنجدون لحمايتهم من حملة الذبح الوحشية، التي ترتكبها فرق عسكرية كان الأجدر أن توجه نيران أسلحتها إلى الإسرائيليين الذين يحتلون أرضاً سورية طاهرة، لا إلى صدور السوريين العزل. وزاد العرب غضباً الاستخفاف البالغ الذي كانت تبديه الدبلوماسية السورية، والإعلام الرسمي السوري، تجاه المواقف المتعاطفة مع الشعب السوري. حتى أن وزير الخارجية وليد المعلم قال إنه سينسى قارة اسمها أوروبا بينما اوروبا تصنع الجزء الأهم في التاريخ المعاصر. وذلك هو نفس الاستخفاف الذي كان يمارسه نظام صدام حسين في العراق، حتى قبل لحظات من سقوط بغداد. وواضح أن في سوريا أزمة أخرى هي سوء إدارة الأزمة، لأن كل المؤشرات تدل على أن السوريين قد تخطوا حاجز نقطة اللاعودة عن مطالبهم، وقدموا من أجل ذلك أثمانا باهظة من دمائهم وأجسادهم، وكان واضحاً منذ البداية أن النظام السوري قد اختار الحل الوحيد المميت وهو حصار المدن بالدبابات ومحاورة الجماهير بالرصاص، في وقت لم يعد الرصاص مخيفا للإجماع الشعبي. وكان انتهاج القوة كخيار وحيد خطأ قاتلا يستخف بنهوض الشارع، واستهانة بقوة الجماهير التي أسقطت عتاة كثيرين في أنحاء العالم. وكانت إصلاحات النظام ليست سوى أعذار وادعاءات وإلهاء لوسائل الإعلام، لأن النظام لم يطبق أي إصلاح حتى الآن. لم يعدل الدستور ولم يلغ المحاكم الأمنية، ولم يطلق عشرات الآلاف من المعتقلين، ولم يشكل فرق تحقيق في المذابح الواسعة التي تجرى يومياً في المدن السورية، وكل هذه الإصلاحات لا تحتاج إلى سبعة شهور تحيى لياليها بالدماء والقتلى والمعتقلين. وتوضح ردة فعل النظام سوريا على قرار الجامعة تعليق عضوية النظام استخفافاً آخر، فقد أطلق النظام الشبيحة كي يهاجموا السفارات العربية في دمشق، وهذا علاج لا يختلف عن استخدام الدبابات في الحوار مع المحتجين.