اتفق خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس الأمريكي باراك أوباما، في اتصال هاتفي بين الزعيمين، على ضرورة وقف المذابح الوحشية التي ترتكبها قوى النظام السوري وميليشياته في المدن السورية. وهذه دعوة أصبحت واجبة وضرورية، بعد أن تجاوزت وحشية العنف الرسمي في سوريا حدود المقبول وحتى حدود المبرر. وكان خادم الحرمين الشريفين هو الزعيم العربي الأول الذي طلب من النظام السوري إنهاء حملته الدموية ضد المواطنين السوريين العُزّل. وطلب أن يجنح النظام إلى الحكمة حفاظاً على سوريا، وان يبدأ في تطبيق الإصلاحات التي لم تكن حتى الآن إلا إعلاناً تليفزيونياً لا أكثر. بل إن الأمور تسوء أكثر، فحينما ألغى النظام السوري قانون الطوارئ طبّق على الأرض نظام حرب وحشياً يداهم المدن السورية ويوزع الموت دون تمييز. موقف خادم الحرمين الشريفين جاء من منطلق حرصه على سوريا شعباً وأرضاً واستجابة لمسئوليات المملكة التاريخية في الوقوف بحزم مع مصالح الشعوب العربية ومواجهة المعتدين. ولم يترك النظام السوري حتى لدى الذين يتعاطفون معه، أي مجال لتبرير أعمال العنف في شوارع وميادين ومساجد سوريا. وقد حان الوقت للمجتمع الدولي أن يفكر بوسيلة يستطيع فيها فرض السلام في سوريا بعد أن بدا أن النظام، وأعوانه المريبين ومؤيديه أصحاب الأجندات المعادية للأمة العربية، يستمرون في حملة انتقامية تبدو وكأنها تصفية حسابات مع التاريخ أكثر من الرغبة باستعادة النظام إلى الشارع. ومنذ بداية الأزمة تجاهل النظام السوري كلياً الجنوح إلى الحكمة واعتمد استخدام القوة المفرطة في القسوة والوحشية، لإخضاع مدنيين عُزل، وأطلق ميليشياته الهمجية لترقص على أجساد المعتقلين وتمثل بأجساد الشهداء، وتمارس إهانات علنية لكرامات الناس وعقيدتهم الإسلامية. كل هذا يوضّح أن النظام قرر، منذ البداية، خوض حرب مع الناس ولم يكن في نيته إجراء أي حوار أو طرح أي برنامج إصلاحي. وبدلاً من أن يتقدّم النظام إلى مواطنيه بخطوات إلى المنتصف تعيد شيئاً من الثقة المفقودة، وتضمّد الجراح، سلط نيران الدبابات والميليشيات الإجرامية على المدن والسكان، ولا تستدعي الدبابات للعمل إلا في أوقات الحروب. وقد دكّت الدبابات السورية أحياءً كثيرة في مدن سورية كثيرة، ودمّرت منازل وأسقطت منارات مساجد في مدن سورية عديدة. ولا تبدو هذه تصرّفات تهدف لاستعادة الثقة أو تهيئة أجواء للحوار أو الإصلاحات. ونخشى أن يجرّ النظام سوريا إلى محرقة لا يسلم منها أي أحد، بما في ذلك النظام ومؤيدوه الذين يحرّضونه على مزيد من الوحشية ومزيد من إراقة الدم السوري الطاهر في ميادين المدن.