يبدأ وزراء الخارجية العرب غداً اجتماعاً في مقر الجامعة في القاهرة، وسيبحثون ملف سوريا الشائك، حيث يطالب الثوار السوريون الجامعة العربية بالوقوف إلى جانبهم ضد البطش الذي تمارسه آلة القتل العسكرية السورية التي تفتك بمدنيين عزل. ويبدو أن الجامعة ليس أمامها سوى إما أن تجبر نظام الأسد على الوقف الفوري لإراقة الدماء والبدء فوراً بتطبيق الإصلاحات التي وعد بها الرئيس بشار الأسد، أو أنها تعلن انحيازها إلى الشعب السوري، وتدعم الثورة السورية بكل قوة. فمن غير المعقول أن تتوالى وعود النظام السوري بالإصلاحات، منذ شهور، بينما آلته الحربية تحاصر المدن السورية وتداهم المنازل وتسفك الدماء ويطاردون الناس ويعتقلون يومياً بالعشرات والمئات في كل مدن سوريا تقريباً. ومن غير المعقول أن يرفع النظام السوري شعارات محاربة إسرائيل والمقاومة بينما دباباته وميلشياته الوحشية تفترس السوريين وتنكل بهم. والسؤال الأهم الذي يجب أن يطرحه وزراء الخارجية العرب هو لماذا لم تطبق أية إصلاحات في سوريا حتى الآن؟، بينما طبقت قوانين الموت والوحشية فوراً والتهمت عشرات الآلاف من ضحايا القتل والاعتقالات والتشريد. مما يجعل وعود النظام بالإصلاحات مجرد تذرعات وإلهاء إعلامي للمجتمعين العربي والدولي. لأن النية بتطبيق إصلاحات لا تتوافق مع التعامل اليومي بالرصاص والنار مع التجمعات الاحتجاجية ومحاصرة المدن بالدبابات. وحتى الإصلاحات التي يعد بها النظام السوري يبدو أنها ستأتي متأخرة، ولا يمكن أن تطبق في أشلاء بلد وفي أسوار المقابر وسراديب المعتقلات. وهل تكون الإصلاحات الموعودة قابلة للتطبيق؟ بينما كل بيت في سوريا قد أصابته كوارث البطش، وثلاثة آلاف من القتلى، وعشرات الآلاف من المعتقلين والمفقودين، وآلاف المشردين. لهذا فإن على وزراء الخارجية العرب مسئولية أخلاقية ورسمية، فإما أن يوقفوا المجازر وآلة الحرب السورية عن مواصلة سفك دماء السوريين أو مساندة الثورة لان النظام قد حول المدن السورية إلى ميادين حرب، ومنارات المساجد هدفاً للرماية. وبذلك فإن النظام قد تمادى في سلوكياته بحيث جعل أي حل وسط، لا يتضمن رحيله، غير قابل للتطبيق من وجهة نظر الثائرين السوريين الذين يقدمون تضحيات يومية مستمرة منذ أشهر مليئة بالرعب والخوف والأحزان. ولو كان النظام السوري ينوي تطبيق أية إصلاحات، لاستجاب للدعوات المخلصة، وبالذات دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي حذر من تمادي النظام السوري في إراقة الدماء والقتل، وتطبيق الإصلاحات الفورية، كي لا تتفاقم الأوضاع إلى ما وصلت إليه اليوم. وكان خادم الحرمين الشريفين ناصحاً مخلصاً لسوريا وقيادتها، واضطر إلى إعلان موقفه الكريم الحاني والمخلص لأنه قد رأى أن النظام السوري يقود الأوضاع إلى نقطة مستعصية على الحل، ولا تؤدي سوى الى فتح الشرور على سوريا والسوريين.