نفس ردات الفعل الغاضبة ضد فظائع النظام السوري تأتي من الأممالمتحدة ومن مسئولي دول كبرى. لكن الكلام لا يوقف حرباً ولا يحمي أرواح أبرياء ولا يوقف الذين قرروا الحوار مع مواطنيهم بالدبابات والمدافع والقنابل، وحتى القصف بصواريخ الطائرات. وفي الواقع ومنذ إعلان المدى الزمني للمبعوث الأممي كوفي عنان، بثلاثة أشهر، عرفنا أن النظام السوري يعمل على أساس أن لدى آلته العسكرية مهلة ثلاثة أشهر كاملة لتقتل وتدمر وتقصف أي مكان في سوريا وأي منزل في المدن السورية. حتى أن النظام لم يأبه لتنفيذ أي نقطة من النقاط الست التي تضمنتها مبادرة الأممالمتحدة. كما أن النظام اعتبر أن اللغة الدبلوماسية التي تصدر من الأممالمتحدة ومبعوثيها ومراقبيها، إنما هي اعتراف له بالبقاء واعتراف بشرعية أفعاله مهما بلغت من القسوة. والنظام الأسدي يوظف ثلاثة من أنواع آلات القتل في المدن السورية، هي الجيش وقوات الأمن والمخابرات وقوات الشبيحة، فهذه تقصف وتدمر المنازل على رؤوس ساكنيها، وتلك تعتقل المواطنين إلى قصور النهايات، وتلك تخطط للمذابح في المنازل والأزقة على طريقتها. ومذبحة الحولة رسالة من النظام وعصابات شبيحته إلى السوريين، لإرهابهم والقول أن الأمور إذا ما تأزمت أكثر فإن مذابح من هذا النوع سترتكب في أي منزل في سوريا. وهذا يعني أن النظام بدأ مهام التطهير الأكثر عنفاً وبشاعة، ومستعد لارتكاب المزيد من هذه المذابح، بالنظر إلى أنه لم يفكر بأي وسيلة أخرى، غير الوسيلة العسكرية الوحشية، للتعامل مع الأزمة. وأصلاً ليس لدى النظام أي حل آخر، لا اليوم ولا غدا، فهو قد غرق في مستنقع الدم السوري، ويعلم أن السوريين لن يغفروا له هذه الجرائم ولا أمل له بالبقاء في سوريا، فرأى أنه ليس أمامه إلا حلاً واحداً وحيداً وهو تركيع السوريين بمساعدة الأسلحة الإيرانية والروسية. ولا عجب من تمادي النظام السوري وغيه، أذهلته مفاجأة أن السوريين يمكن أن يرفعوا رؤوسهم ويثوروا، فتصرف بهمجية وحقد وردة فعل عصبية. ولكن العجب أن تراهن كل من إيران وروسيا على حصان خاسر، بكل المقاييس. وأكبر الأخطاء التي ارتكبتها كل من طهران وموسكو هو الاستخفاف بتصميم الشعب السوري وشجاعته وقدرته على المواجهة، خاصة أن شعوباً عربية قد أسقطت أنظمة أقل طغياناً وأكثر وطنية من نظام الأسد. بينما نظام الأسد صمم آليات خبيثة لإذلال السوريين وتركيعهم، ورهن بلادهم إلى قوى أجنبية تعادي الأمة وتاريخها، وجعل سوريا مطية للآخرين وذراعا لهم، وممراً لخطط الفتنة.