لم يدر بخُلد اكثر المتشائمين من جماهير الهلال او جماهير الكرة السعودية بشكل عام ان يرى مهاجم الفريق الازرق ياسر القحطاني خارج اسوار زعيم الاندية السعودية خاصة وان القحطاني بات النجم الابرز في هجوم الفريق الهلالي بعد انتقاله في عام 2005 قادما من القادسية في صفقة صاحبتها ضجة كبيرة ،حيث بلغت قيمتها 20 مليون ريال سعودي رافضا الانتقال للاتحاد الذي قدم 22 مليون ريال لضمه، ووصفت الصفقة في حينها بأنها الأغلى في الملاعب السعودية، فلأول مرة يخرج ياسر القحطاني من حسابات الهلاليين بعد انتقاله لتمثيل فريق العين الاماراتي رسميا لمدة موسم على سبيل الإعارة مقابل مليوني ونصف المليون يورو ، حصة الهلال منها مليون ونصف المليون يورو بينما سيحصل اللاعب على بقية المبلغ. لأول مرة أيضا يخرج لاعب سعودي نجم كياسر القحطاني للاحتراف بأحد الاندية العربية بعدما كان المؤمل احترافه بأحد الدوريات الاوربية خاصة وأن اسمه ارتبط كثيرا بالانتقال لأحد اندية اوروبا اكثر من مرة كان آخرها نادي مانشستر سيتي الانجليزي في العام 2007 وهو العام الذي توّج فيه القحطاني بجائزة افضل لاعب في آسيا ، إلا أن منحنى اللاعب بدأ في الانحدار بعد ذلك العام تحديدا بعدما كان في قمة عطائه مع ناديه، وكان الموسم الماضي أفضل مواسم ياسر القحطاني مع ناديه الهلال والمنتخب السعودي خاصة بعد إصابته بخلع في الكتف احتاج على إثرها إجراء عملية جراحية في فرنسا لتثبيت الكتف على يد الطبيب الفرنسي»فاتش» اجبرته على الابتعاد 3 اشهر عن الملاعب . ومنذ ذلك الوقت لم يتمكن ياسر القحطاني من استعادة مستواه المعروف ولاحتى ثقة مسئولي وجماهير ناديه . وجاء رحيل ياسر القحطاني الذي كان مهيئا لخلافة النجمين سامي الجابر في الهلال وماجد عبد الله في النصر جماهيريا وإعلاميا في الوسط الرياضي السعودي مفاجئا للكثيرين ، لكن المثير للاستغراب أن التكهنات كلها كانت تدور حول رحيل عيسى المحياني عن الفريق الهلالي إلا ان إدارة الهلال قلبت الطاولة رأسا على عقب وخالفت كل التوقعات واعلنت تمسكها بعيسى المحياني الذي انتقل للفريق قادما من الوحدة قبل موسمين بعد صراع شرس مع النصر ولعبت رغبة المحياني باللعب للهلال دورها في حسم الصفقة حينها ، وإن كانت قد انتظرت كثيرا لتعلن استمرار الأخير مع الفريق قبل ان تتضح معالم صفقة انتقال ياسر المفاجئ للعين الاماراتي . وحظي مهاجم الهلال والمنتخب السعودي باستقبال حافل في مطار دبي، وذلك لدى وصوله للانضمام رسمياً إلى الزعيم الاماراتي على سبيل الإعارة لموسم واحد مبتعدا عن زعيم الاندية السعودية ، حيث كان في استقباله عدد من المسؤولين في نادي العين ، وطوّقت الورود وشالات الفريق العيناوي عنق القحطاني ، وهتفت الجماهير باسمه في بهو قاعة الاستقبال وذلك في أجواء عكست المكانة التي يحظى بها نجم الكرة السعودية الذي شكل انتقاله إلى الدوري الإماراتي حدثاً كبيراً في الأوساط الكروية بمنطقة الخليج . لكن السؤال الذي يفرض نفسه وبقوة هو هل سيعيد احتراف ياسر في العين صياغة اللاعب من جديد واستعادة حاسته الهجومية أم لا؟ ! هذا السؤال قد تتضح معالم إجابته مع بداية الظهور الفعلي للاعب مع العين ، ولعل الحفاوة التي استقبل بها القحطاني لدى وصوله لدبي من قبل جماهير ومسئولي العين قد تلعب دورها في بروز اللاعب مجددا وعودته للهلال مرة أخرى ولكن بالصيغة التي كان عليها في العام 2007 وهي الفترة التي شهدت أوج تألقه مع الهلال والمنتخب السعودي. «يتحتم على ياسر إذا اراد ان يعيد اكتشاف نفسه من جديد والعودة لناديه ب"نيولوك" أن يصمد امام التحديات التي سيواجهها لأنه يدرك جيدا أن جماهير الموج الأزرق بانتظار عودته». مؤشر آخر من مؤشرات نجاح ياسر في العين هو انه سيلعب تحت قيادة الروماني ألاريو كوزمين والذي خاض اولى تجاربه التدريبية في الملاعب الخليجية مع الهلال السعودي قبل ان يرحل عنه لتدريب السد القطري ،مواصلا مسيرته في الملاعب الخليجية بالانتقال لتدريب العين والملفت للنظر ايضا ان ياسر سيجد بانتظاره في تشكيلة العين المحارب الروماني ميريل رادوي الذي اصطحبه كوزمين معه لتوليفة البنفسج بعدما جلبه للخليج إبان تعاقده مع الهلال . وتسبب انتقال ياسر القحطاني لصفوف العين في انقسام بين جماهير الهلال ،حيث يرى بعض الهلاليين ان إدارة ناديهم وقعت في خطأ جسيم بموافقتها على اعارة قائد الكتيبة الهلالية الزرقاء ، إذ يرجِّحون ان أزمة اللاعب نفسية اكثر منها فنية، وكان يتوجب على الإدارة الهلالية عدم التفريط في النجم الجماهيري الأوحد للفريق ،وكان لزاما عليها ايضا مساندته حتى يتجاوز الفترة العصيبة التي يمر بها ، خاصة وأن «قناص» الكرة السعودية مرّ بأكثر من أزمة لعبت دورها في تراجع مستواه إلا أن صمود اللاعب مكّنه من النهوض مجددا بعد السقوط . وكان مران الهلال الثلاثاء الماضي قد شهد تجمهرا كبيرا حول بوابة النادي وأبدت اعتراضها على انتقال ياسر القحطاني . ولايخفى سرّ تعلق جماهير الهلال وارتباطها بياسر القحطاني على احد إذ يعرفه القاصي والداني بعدما استطاع الأخير خلال مسيرته مع الفريق الهلالي أن يكون نجم الشباك ،وبات النجم المفضل لدى جماهيره بعدما استطاع ان يسد الفراغ الذي خلفه أسطورة الفريق سامي الجابر بعد الاعتزال . إلا أن الإدراة الهلالية إرتأت انّ احتراف ياسر القحطاني في الدوري الاماراتي فرصة جيدة امام اللاعب لتحقيق الاستفادة المادية والفنية له، وللنادي خاصة اذا ما علمنا ان قيمة الصفقة تقارب ال 17 مليون ريال لموسم واحد فقط وهو مبلغ يسيل له اللعاب كثيرا على الرغم مما يسببه هذا الأمر من ازعاج للجماهير الهلالية، واكدت الإدارة الهلالية في ذات الوقت حرصها الكبير على ان يعود القحطاني لأحضان ناديه عقب انتهاء فترة الإعارة كأحد نجوم الفريق و أحد ركائزه الاساسية . وكان رئيس الهلال الأمير عبدالرحمن بن مساعد اكد من خلال صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «توتير» : «بعض القرارات تكون مزعجة للبعض وتحديدا الجمهور، ولكنها للمصلحة ،ولا ألومهم ،فلو لم أكن رئيسا للهلال لامتعضت من إعارة نجم كياسر القحطاني، والأهم ألّا يخرج أحد ويقول إننا أبعدنا ياسر قسراً لأن ذلك غير صحيح ولكن إعارته لتغيير الأجواء والعودة مجددا بصوره أفضل وعموما بعض الخيارات ليست دائماً ابيض أو اسود فيمكن ان تكون رمادي». ويمتد عقد ياسر القحطاني مع الهلال لعام 2014 بعدما جدد عقده قبل انتهاء عقده القديم بعام كامل ليدحض بذلك الشائعات التي ربطت انتقاله لنادٍ آخر منافس للهلال . ويتميز ياسر القحطاني بأنه لاعب عصامي بدأ من الصفر واستطاع بفضل مستواه الراقي الانضمام للمنتخب السعودي قبل ان ينتقل لفريق كبير بحجم الهلال ،على العكس تماما لما حدث مع الكثير من اللاعبين السعوديين . ووضع ياسر القحطاني بصمته مع المنتخب السعودي منذ اول ظهور له مع الصقور الخضر العام 2002 أمام البحرين وساهم في تأهل المنتخب السعودي إلى كأس العالم 2006 في ألمانيا وسجل ياسر في التصفيات هدفين، منها هدف في مرمى منتخب اندونيسيا وهدف في مرمى منتخب كوريا الجنوبية ، وفي المونديال تمكن من تسجيل هدف في مرمى المنتخب التونسي ،وصنّف من أجمل الأهداف التي سجلت في تلك البطولة ، وساهم مع زملائه في وصول المنتخب السعودي لنهائي كأس آسيا 2007 تحت قيادة البرازيلي انجوس قبل أن يخسر الأخضر النهائي امام العراق بهدف مقابل لا شيء . ويتحتم على ياسر القحطاني اذا أراد ان يعيد اكتشاف نفسه من جديد والعودة لناديه ب»نيولوك « ، أن يصمد امام التحديات التي سيواجهها خصوصا بعد الابتعاد عن الضغوط الاعلامية والجماهيرية التي كان يتعرض لها في الهلال لأنه يدرك جيدا ان جماهير الموج الازرق بانتظار عودته.