يقول ناصر العجاجي، مدرس مواد دينية بثانوية الثقبة : إن ما يأخذه مأذون الأنكحة من مبلغٍ على عقده للنكاح، إن كان دون طلب أو تحديد مبلغ معين، فله أخذه ، أما أن يشترط مبلغاً معيناً، فلا أؤيد ذلك كرأي شخصي لا شرعي، فلو خرجت الوظيفة عن الاحتساب فقد تكون مجالاً لضعاف النفوس ليستغلوها لمصالح مادية فقط، وأضاف العجاجي: يوجد عدد من مأذوني الأنكحة بالمنطقة الشرقية ممكن الوصول لهم، ولكن العدد يحتاج إلى زيادة لتوسع النطاق العمراني، وكثرة السكان، كما أنه لا يؤيد وجود مكاتب خاصة بهم، ورصد راتب من وزارة العدل لهم، و علل وجود المأذون رغم وجود قضاة في المحاكم بقوله: (ليتفرغ القضاة للقضايا الأكبر في الفصل بين الخصوم، ولا يتكلف السعوديون عناء الذهاب للمحاكم لعقد الأنكحة)، وختم حديثه : إنه من الممكن لمأذون الأنكحة العمل بصفة «خطّاب» والتوفيق بين الرأسين، متى جمع بين الدراية بأحوال من يخطب لهم، والجمع بين الأزواج بالحلال، ولم يتخذها مهنة حتى لا تؤثر على عمله الأصلي وهو عقد الأنكحة. ويشارك محمد عبدالله العنزي، كبير محللي الأعمال بشركة الاتصالات السعودية، بأن مأذوني الأنكحة رجال وفقوا للعقد للزوجين على سنة الله ورسوله، ولكن هناك من يظن بأنهم يبحثون له عن الزوجات حسب المواصفات، وهناك من يعرض لهم أن لديه بناتاً في سن الزواج، ويريد الستر عليهن، والسبب هو مخالطتهم للناس فتكثر طلبات الزواج عن طريقهم، فيقعون في إحراجات والصحيح هو عكس ذلك، وأما موضوع الأجرة فإنما يستحقها مأذونو الأنكحة، إذا قام العاقد بتقديمها كهدية لتركهم أعمالهم وأهاليهم للقيام بهذه المهمة، ولو فُرضت فلا أتوقع أن تتجاوز مبلغ الثلاثمائة ريال، وأضاف العنزي: بالنسبة لتوافرهم في المنطقة الشرقية، فهم متواجدون وباكتفاء، لكن هنالك مشكلة أن العادات تحتم العقد بعد أذان المغرب مباشرة، ومنطقتنا الغالية مترامية الاطراف، مما يسبب عليهم الضغط، ولضيق وقت المغرب وأنا أؤيد صرف مكافأة لهم من قبل وزارة العدل، وختم حديثه: (بالنسبة للوصول إليهم فذلك ميسر من خلال موقع الوزارة، ولكن عملهم الميداني يوفر على المواطن المشاق والزحام، وتوفيراً للوقت والانتظار من خلال زيارة محكمة العقود والأنكحة). ويبدي أحمد المديحج المهتم بقضايا الزواج رأيه، أن وظيفة مأذون الأنكحة في هذه الأيام لم تعد تقتصر على كتابة عقود الأنكحة، فقد أصبح «التوفيق بين الخطاب، وأهل الفتيات الراغبات في الزواج» من الأدوار المهمة له، حيث قل في هذا الزمن التواصل والتعارف بين العوائل، وقل الخطاب وكثرت الفتيات المؤهلات للزواج اللاتي قد فاتهن قطار الزواج دون وجود حلول أكثر فاعلية لهن ولما يعانين. ومن وجهة نظر أحمد أن دور المأذون الأساسي هو خدمة المجتمع ورأب الصدع والفجوة المتمثل في أزمة الزواج والعنوسة، لذا لا يوجد لدي أدنى شك بضرورة احتساب المأذون في عمله وابتغائه وجه الله في هذا الدور العظيم، الذي يؤديه في المجتمع، وعليه فإن الهدية من الزوجين اللذين قام بالتوفيق بينهما ليست شرطاً ولتكن من طيب خاطر عنهما له ولا يتوقعها ابتداءً لمنافاتها شرط الإخلاص في احتساب عمله، ويتحدث المديحج عن سهولة الوصول لمأذوني الأنكحة قائلاً : الحقيقة أن آلية الوصول لمأذوني الأنكحة، لاتزال بحاجة لتطوير ومزيد من التيسير والتسهيل خصوصاً وأننا في عصر التواصل الإلكتروني، وعليه فتوحيداً للجهود ودعما للتواصل بين كلا الراغبين في الزواج، ومأذوني الأنكحة بناء موقع أو بوابة موحدة تتبناها جمعية ومجالس التنسيق للزواج تحوي كافة معلومات وسبل التواصل معهم في كافة مناطق المملكة، ويتم التسويق لهذه البوابة على كافة وسائل التواصل الاجتماعي وعبر الواتس أب، ويقول أحمد عن صرف رواتب للمأذونين انه في أغلب الأحوال يشغل مأذون الأنكحة وظيفة أساسية يتكسب منها رزقه كإمام جامع أو معلم أو غيرها من الوظائف الحكومية، فإن تم أخذ قرار بالتوظيف فالأولى أن يتم تدريب وتوظيف من لا عمل له من المواطنين الراغبين وتوظيفهم؛ فذلك يساهم في فتح بيوت وإعاشة عوائل هم بأمس الحاجة، فإن كان الأمر من الصعوبة بمكان فليكن توظيفهم كمنسقين أو مساعدين لمأذوني الأنكحة لرفع كفاءة وفعالية دورهم. ويضيف أحمد الورثان، معلم مواد دينية، أن مأذون الأنكحة هي وظيفة احتسابية، وليس المأذون بخاطب ولا باحث عن التوافق بين رأسين بالحلال بل مملك يعقد بين طالبي الزواج، وليس له راتب او مكافأة من وزارة العدل ؛ وهل يأخذ هدية او هبة فلا مانع من ان يقبل الهدية او الهبة، ولا حرج في قبولها. وذكر أن تحديد المبلغ من الواهب للمأذون «تقديري»، ويقول أحمد: هناك شح وندرة في وجودهم، وصعب الوصول اليهم، إما لعدم شهرتهم أو عدم معرفة مكانهم، وهذا يتم تنسيقه مع وزارة العدل ومراكز الأحياء، حبذا ان يكون في كل حي مأذون. وأما صلاح الدوسري، مرشد طلابي بثانوية الشاطئ بالدمام، فيقول : ليس من وظيفة مأذون الأنكحة العمل بصفة «خطاب»، أما بالنسبة للأجرة فلا يأثم بأخذها خاصة إذا لم يعط من قبل عمله فلا شيء عليه ، وعن طريق الوصول إليهم، فيذكر الدوسري أن الوصول إليهم سهل لكن قد تجد صعوبة أحياناً بسبب انشغالهم الكثير، وسابقاً تجد في بعض الأحياء مأذوني أنكحة سواءً من طلاب العلم الشرعي أو بعض من أئمة المساجد، والآن نجد قلة من يريد أن يكون مأذون أنكحة، بسبب بعض الشروط التي تشترطها وزارة العدل عليه. ويؤيد صلاح وبقوة أن يوضع له مكتب فهذا الأمر يمكّن كثيراً من المقبلين على الزواج سهولة الوصول إليه، وكذلك معرفة الشروط لمن أراد أن يتزوج، خاصة إذا وضع له راتب لهذا العمل، فإنه يلتزم بهذا الأمر، إذا كان هناك محاسبة له على التقصير فهذه خطوة رائعة لو تم تفعيلها، وربما تحل كثيرا من مشاكل البطالة، أما بالنسبة، لماذا يوجد المأذون مع وجود القضاة؟ فذلك لأن كثيراً من القضاة ليس لديه وقت للذهاب لعقد القران في البيوت، بعكس مأذون الأنكحة فإنه غالباً يجد متسعاً من الوقت. ويشارك المأذون الشرعي في مدينة الدمام الشيخ سالم بن سلامة الجلعود، المأذون عمله تطوعي لعقد القران بين الزوجين بالطرق الشرعية حسب الأنظمة المرعية في هذه البلاد، حرسها الله، وعمل المأذون من اختصاصات القضاء الشرعي في المملكة العربية السعودية وقامت الوزارة بتوزيع اختصاصات القضاء الشرعي مثل كتابات العدل ومأذوني الأنكحة. أما عمل المأذون في التوفيق (خطاب) فهو ليس من الأعمال التي أوكلت للمأذون نظاماً وشرعاً فليست من صميم عمله المناط به، فإذا تطوع بحكم موقعه وقربه من الناس وتواجده بين الناس وثقة الناس به فيقوم بالبحث والتوفيق فهذا أمر راجع له، ولا يوجد أي محظور شرعي أو نظامي يمنع ذلك . وأضاف الجلعود حول المكافأة التي تعطى للمأذون من قبل أطراف عقد الزواج: إن عقد النكاح في إجرائه وعقده، عمل تطوعي مشروط فيه جانب الاحتساب وطلب المثوبة من الله (عز وجل)، وهكذا كان شأن السلف الصالح ومن تبعهم من أهل العلم والمروءة والفضل إلى زمننا الحاضر، حيث يرفضون أخذ أجر مالي من الناس، لقاء عقدهم النكاح لهم، لاسيما والجهات القضائية التي تمنح أذون عقد النكاح تمنع أن يتولى إجراء عقد النكاح إلا صاحب علم ودين وفضل . فاشتراط مأذون عقود الأنكحة مبلغاً مالياً مقابل إجراء عقد النكاح يعد مخالفة صريحة لعمله، ما يعرضه للمساءلة من قبل الإدارة المختصة في وزارة العدل، وإحالتها للجنة التأديبية كما نصت على ذلك المادة الرابعة والعشرون: (...أو اشترط مبلغاً مالياً على إجراء العقد أو مارس أعمال المأذونية بعد انتهاء مدة الرخصة تقوم المحكمة المختصة بالرفع عن المخالفة بعد مساءلة المأذون وتتولى الإدارة المختصة الرفع عن المخالفة للجنة التأديبية). أما الهدية فهي ما يقدِّمه القريب أو الصديق لقريبه أو صديقه، فالهدية هي دفع عيني الى شخص معين لحصول الألفة والثواب من غير طلب ولا شرط، وهي جائزة بإجماع الأمة إذا لم يكن هناك مانع شرعي، وتكون مستحبة مندوباً إليها، إذا كانت للصلة والمودة والمحبة، وتكون مشروعة إذا كانت من باب رد الجميل. ويضيف الجلعود: الوزارة مشكورة أطلقت خدمة الاستعلام الإلكتروني على موقعها على الإنترنت عن مأذوني عقود الأنكحة؛ حيث تتيح هذه الخدمة معرفة أسماء مأذوني الأنكحة في كل حي بمناطق المملكة، واستعراض أرقام الاتصال بهم للوصول إليهم بيسر وسهولة؛ سعياً من الوزارة في خدمة وراحة الجميع في إجراء عقود الأنكحة. ويختم حديثه قائلاً: مع كثرة المشاكل التي تدور في المحاكم والمطالبات، أصبح الناس يرتادون المحاكم في كل مشاكلهم، صار من يريد الزواج لا يجد الموعد بسهولة فكان من الضروري أن يكون هناك توزيع للاختصاصات حتى تسهل على الناس أمورهم، فقامت الدولة بتوزيع مهام واختصاص القضائي بين عدة محاكم أو قضاة، وهو معروف ومعمول به عند سلف الأمة، وقد عملت هذه البلاد كما عرف عن قادتها -رعاهم الله- من تطبيق الشريعة الاسلامية بتوزيع اختصاصات القضاء حتى يتفرغ القاضي لعمله، وهو الفصل بين الناس، فقد أصدر مجلس الوزراء.. قرار مجلس الوزراء القاضي بتعديل المادة (69) من نظام تركيز مسؤوليات القضاء الشرعي ؛ بتوليه هذه المهمة في هذه البلاد في أناس عرف عنهم الصلاح والتقوى، ولا نزكي على الله أحداً، وأن يكون عارفاً بالعلوم الشرعية، حاصلاً على الشهادة الجامعية من كلية الشريعة أو العلوم الشرعية .
قرار الزواج واختيار الزوجة من أهم وأصعب القرارات التي يتخذها الفرد في حياته، لذا فهو من أولويات الفرد التي تجعله مهيأ لتلقي المساعدة من الآخرين. وهذا العمل فيه من الأجر ومساعدة الناس على التعرف ببعضهم البعض وتقريب وجهات النظر بين الراغبين في الزواج، ومساعدة الراغب في الزواج في البحث عن الشريك المناسب والتنسيق بينهم في التعارف، والتحقق من مناسبة كل طرف للآخر. ومع المدنية الحديثة التي باعدت بين الناس، وكثرة نسبة العنوسة بين الفتيات، وزيادة سن الزواج لدى الشباب وارتفاع المهور، راجت مهنة الخطابة بل ودخل الرجل (الخطاب) منافسا للمرأة في المهنة، ومع التقنية الحديثة وصل الأمر إلى «الشبكة العنكبوتية»، وأصبحت هناك مواقع تتخصص (خطابة عن طريق الإنترنت). فلا بأس بذلك بشرط أن يكون هذا الخطاب أمينا في عمله، وملتزما بالآداب الشرعية، محترماً أسرار الناس محافظاً عليها ويبتعد عن المحرمات في تعريفها الخاطب بالخطيبة والعكس، ونشر أسرار البيوت والتندر بها في المجلس. وإن كانت هناك بعض السلبيات التي تكون مع هذه المهنة ومنها: • أنه عمل غير منظم، فلا يتطلب الأمر الحصول على ترخيص، إنما يتداول الناس اسم الشخص أو لقبه ورقم هاتفه ولا يعلم أحد أمانته. • عدم وجود رقابة لتقلل من احتمالات التلاعب أو الإهمال، فيدخل بعض ضعاف النفوس وتتحول إلى مفسدة شرها يعم. • من يزاولها احتساباً قلة تواجه طلبات تفوق إمكاناتهم. • كثرة حالات الطلاق أو كثرة المشكلات الزوجية الناتجة عن عدم التوافق بين من تم التوفيق بينهم؛ لتدني مستوى المهارة لدى القائمين بالتوفيق.