أعلن أوليج بودوفالوف مساعد قائد قاعدة جوية أوكرانية في بلبيك قرب سيفاستوبول أن قوات روسية طوقت القاعدة في شبه جزيرة القرم ووجهت تحذيرًا للقوات بالداخل مطالبة إياها بالاستسلام. وأضاف لرويترز «القوات الروسية في قاعدتنا منحتنا ساعة للاستسلام وإلا ستبدأ في الاقتحام. لن نذهب إلى أي مكان لنرى ما هذا الاقتحام». في هذه الأثناء، اقتحم نحو مائتي شخص غير مسلحين، أمس، قاعدة أوكرانية جوية في نوفوفيدوريفكا غربي شبه جزيرة القرم (التابعة لروسيا، رسميًا، اعتبارًا من الجمعة). وقال مراسل «فرانس برس»: إن المهاجمين دخلوا القاعدة وأخذوا يحطمون النوافذ فيما تحصن جنود أوكرانيون داخل المباني وبدأوا يلقون قنابل دخانية عليهم من السقوف. وقد أمرت روسيا بإجلاء جنود أوكرانيين من شبه جزيرة القرم ويسري هذا القرار تحديدًا على أفراد لواء محمول جو يضم 61 رجلًا يرغبون في مواصلة خدمتهم في الجيش الأوكراني. وكانت قيادة جمهورية القرم في عاصمتها سيمفروبول طلبت من الجنود الأوكرانيين التخلي عن معداتهم في حال رغبوا في مغادرة شبه الجزيرة، لكن وزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو أصدر أمرًا بتمكين الجنود الأوكرانيين من مغادرة القرم بمركباتهم على أن يصاحبهم جنود روس تابعون للشرطة العسكرية حتى الحدود. وقالت وكالة الأنباء الأوكرانية (أونيان): إن وزير الدفاع الأوكراني ايجور تنيوخ اتهم قادة عسكريين في القرم ب«الضعف الأخلاقي»، وقال الوزير متحدثًا عن قائد للجيش شكا من عدم وجود دعم أو توجيهات من هيئة الأركان: إن «الرجال لا يبكون». وانتقد تنيوخ سوء تدريب الجيش الأوكراني خلال السنوات الماضية وعدم تجهيزه لمواجهة المواقف الخطيرة. وقال سيرجي جايدوك قائد البحرية الأوكرانية في مقابلة مع محطة «تي إس إن» التلفزيونية: إن على الجنود الأوكرانيين في القرم تأمين قواعدهم وسفنهم الحربية مستبعدًا انسحابهم. وإزاء «واقع الضرورة» الذي يملي الرحيل على الجنود الأوكرانيين من شبه جزيرة القرم، اكدت وزارة الدفاع الاوكرانية أمس ان الجنود العائدين من هناك سيلاقون استقبالًا حارًا في أوكرانيا ولن يعاملوا معاملة فارين بل بصفتهم «أبطال حقيقيين». وأوضحت أنها تسعى الى التصدي للتضليل الاعلامي حول هذا الموضوع «الذي تروج له اجهزة الاستخبارات الروسية». وأكدت الوزارة في بيان ان هذا التضليل الاعلامي يرمي الى تأكيد الفكرة القائلة بأن: «الوحدات التي تغادر شبه الجزيرة الى اوكرانيا سيتم حلها وان النيابة العامة الاوكرانية ستلاحق كلًا من جنودها بتهمة الخيانة». وأضافت الوزارة التي نفت هذا التضليل نفيًا قاطعًا إن الجنود الذين يخدمون في القرم «هم ابطال حقيقيون لجميع الاوكرانيين». وأوضحت ان السلطات تدرس في الوقت الراهن «على أعلى المستويات» إمكانية منحهم وضع مقاتل سابق مرفق بضمانات ومساعدات اجتماعية ملائمة تقديرًا لما «أبدوه من مقاومة وشجاعة». وأشار البيان الذي وقعته أيضًا رئاسة الاركان العامة إلى أن القيادة «لن تنسى أيًّا من الجنود الوطنيين في القرم الذين لم يخونوا قسمهم بالولاء للأمة الاوكرانية». وقد استسلم حتى الآن آلاف الجنود الاوكرانيين في القرم الذين حوصروا في قواعدهم أو في سفنهم ولم يقاوموا ضغوط القوات الروسية او القوات الموالية لها. ووفقًا للحكومة الروسية، فإن أقل من 2000 جندي من أصل أكثر من 18 ألف جندي أوكراني يرغبون في مغادرة شبه الجزيرة الواقعة على البحر الأسود. وأعلنت وزارة الدفاع الروسية أمس أن العلم الروسي يرفرف في الوقت الراهن على أكثر من 147 مؤسسة عسكرية أوكرانية في شبه الجزيرة التي انضمت مؤخرًا إلى الاتحاد الروسي، بموجب سلسلة من الإجراءات في روسيا والقرم. وقالت: إن أسطول البحر الأسود الروسي استولى حتى الآن على 47 سفينة أوكرانية من أصل 67 سفينة. وبحرًا، تسقط السفن الاوكرانية في القرم الواحدة تلو الاخرى في يد القوات الموالية لروسيا، ليجد جنودها أنفسهم في وضع معقد بين خيارات عدة أسهلها صعب. وشكلت الفرقاطة الاوكرانية «تيرنوبيل» الجمعة هدفًا جديدًا للقوات الروسية او المسلحين الموالين لها، اذ وصل هؤلاء بزوارقهم الى السفينة ليصعدوا على متنها ويطلبوا من افراد طاقمها التخلي عن مواقعهم. وعلى متن الفرقاطة التي رست في سيباستوبول، وقف 91 جنديًا يستمعون الى القبطان يشكرهم على جهودهم، ويقول لهم: إنهم أحرار من الآن. ويجد أحد جنود البحرية، الذين استسلموا للقوات الموالية لروسيا، نفسه محاصرًا في سيباستوبول، فمن جهة لا يملك أي وظيفة ومن جهة ثانية يخاف من ملاحقته قضائيًا في اوكرانيا، بحسب ما قال لوكالة فرانس برس. وذلك قبل أن تعلن كييف أن جنودها سيستقبلون في أوكرانيا «أبطالًا لا خونة». وقال الجندي (22 عامًا) الذي فضل عدم ذكر اسمه وخدم عامين في البحرية الاوكرانية: «كان لدي مشاريع عدة هنا، اردت ان ابقى في القرم وان التحق بالجامعة». وتابع ان «مصير المرء قد يتغير خلال ساعات قليلة. تحولت القرم الى ارض روسية بحكم الامر الواقع ووقعت سفنها في ايدي العدو». وأنزلت سفن الاسطول الاوكراني في القرم اعلامها الواحدة تلو الاخرى. أما تلك التي لا تزال تقاوم فهي محاصرة من قبل القوات الروسية. والجمعة، رست الفرقاطة الاوكرانية "تيرنوبيل" الى جانب سفينة تابعة للاسطول الروسي يعلوها علم البحرية الروسية الابيض والازرق. وعمد الجنود الروس والمسلحون الموالون لموسكو الى سد مرساها. وبعد احتلال القوات الموالية لروسيا للمقر الرئيسي للبحرية الاوكرانية في سيباستوبول والتحقيق مع قائدها سيرغي غايدوك الذي اقتيد الى الحدود، عمد الضباط الاوكرانيون المتواجدون في القرم الى قطع خطوط هواتفهم. وفي اكاديمية البحر الاسود، أنزل العلم الاوكراني، واعلن قائد الاسطول الروسي الكسندر فيتكو انه سيتم تعيين رئيس جديد للاكاديمية بحسب التعليمات الآتية من الكرملين. وفيما كان احتفال تسليم السلطة يشارف على الانتهاء، بدأ طلاب في الاكاديمية بإنشاد النشيد الوطني الاوكراني بصوت يملأه شعور الخسارة، وفق تسجيلات مصورة لشهود عيان. اما احد الجنود في فرقاطة «تيرنوبيل» فقال: «أنا لا ألوم الروس، حكومتنا هي من تخلت عنا». فخلال اسابيع عدة، لم تتلق «تيرنوبيل» اي اوامر من كييف، ولم تعمد الى اطلاق النار على القوات الروسية لأن قبطان الفرقاطة «لم يرد أن يبدأ هو الحرب».