أعلن برلمان شبه جزيرة القرم، أمس، رسميا استقلال شبه الجزيرة عن أوكرانيا. وذكر البرلمان أن هذه الخطوة ضرورية من الناحية القانونية لانضمام القرم المخطط لروسيا ولإجراء الاستفتاء المقرر في 16 مارس الجاري، في وقت سعى ممثلو الدول الغربية في مجلس الامن الدولي الى زيادة الضغط على روسيا مع اقتراب موعد الاستفتاء في القرم الاحد المقبل، ولكن موسكو تمسكت بموقفها بحسب ما اعلن دبلوماسيون، فيما واصل الرئيس الأمريكي باراك أوباما مساعيه إلى تسوية النزاع في أوكرانيا من خلال إجراء اتصالات هاتفية على أعلى مستوى، وواصلت القوات الروسية تعزيز مواقعها في القرم. تحرك أوباما وفي التفاصيل، بحث الرئيس الأمريكي باراك أوباما، الوضع الأوكراني مع كل من نظيره الكازاخي نور سلطان نزارباييف، ورئيس الوزراء الأسباني ماريانو راخوي، وأكدوا جميعاً دعم سيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها. وأصدر البيت الأبيض بياناً أفاد فيه عن اتصال هاتفي بين أوباما ونزاربايي، لمناقشة الوضع في أوكرانيا. وأضاف البيان: إن الجانبين أكدا اهتمامهما المشترك في التوصل إلى حل للخلاف بين روسيا واكرانيا، واتفقا على أهمية الحفاظ على مبدأي السيادة وسلامة الأراضي. كما أصدر البيت الأبيض بياناً أفاد في عن اتصال أوباما برئيس الوزراء الأسباني لبحث القضية الأوكرانية. وأشار البيان إلى ان الرئيس الأمريكي رحب بالموقف القوي والموحد الصادر عن أمريكا والاتحاد الأوروبي، فيما يتعلق بالتدخل العسكري الروسي في أوكرانيا، بما في ذلك ما صدر عن المجلس الأوروبي في 6 مارس. وجدد الجانبان التعبير عن قلقهما الكبير بشأن انتهاك روسيا القانون الدولي وأكدا دعمهما لسيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها. ومن جانبه، أجرى نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن اتصالا هاتفيا بالرئيس القبرصي نيكوس أناستاسيادس للتشاور حول سبل الخروج من الأزمة، وأكد الطرفان ضرورة دعم سيادة أوكرانيا والاعتراف بحدودها. تعزيز عسكري روسي وواصلت القوات الروسية تعزيز مواقعها في القرم وقام مسلحون بقطع التيار الكهربائي عن رئاسة اركان البحرية الاوكرانية التي يحاصرونها منذ عدة ايام في سيباستوبول، بحسب ما افاد عسكريون اوكرانيون. وبعد قطع بث القنوات التلفزيونية الأوكرانية قطع الانفصاليون إرسال الإذاعة العسكرية. من جانبها، أعلنت قيادة شبه جزيرة القرم أنها تعتزم مصادرة السفن الحربية المتواجدة في مينائها وعدم إعادتها للحكومة الأوكرانية. وقال رئيس وزراء القرم الموالي لروسيا سيرجي أكسيونوف، أمس، في تصريحات لوكالة الأنباء الروسية "ريا نوفوستي" إن طرق الملاحة في مدينة سيفاستوبول مغلقة الآن، وأضاف: "الأسطول الأوكراني المتواجد هناك سيتم تأميمه بالكامل، و لا نعتزم إعادة السفن". من جانبه، قال الرئيس الاوكراني المؤقت أولكسندر تيرتشينوف للبرلمان، أمس: إن أوكرانيا ستنشئ قوة حرس وطني جديدة بين قدامى العسكريين ردا على محاولات روسيا ضم القرم. وقال تيرتشينوف إن سوء إدارة القوات المسلحة في ظل سلفه المعزول فيكتور يانوكوفيتش يعني الاضطرار لاعادة بناء الجيش الاوكراني "من الصفر بشكل فعلي." وقال القائم بأعمال وزير الدفاع ان البلاد ليس لديها سوى ستة الاف جندي مشاة جاهزين للقتال مقابل ما يزيد على 200 ألف جندي روسي على حدودها الشرقية. وأضاف تيرتشينوف: إن مجلس الامن القومي والدفاع قرر إنشاء حرس وطني باستخدام قوات وزارة الداخلية الموجودة كقاعدة. وقال: إن الهدف سيكون"الدفاع عن المواطنين من المجرمين ومن العدوان الداخلي والخارجي." وأردف قائلا: إنه سيتم البدء في تعبئة جزئية للمتطوعين الذين يتم الاستعانة بهم من أصحاب الخبرة العسكرية السابقة. يانوكوفيتش وكرر الرئيس الاوكراني المعزول فيكتور يانوكوفيتش أمس انه لا يزال الرئيس الشرعي للبلاد والقائد الاعلى للجيش وانه واثق من ان القوات المسلحة الاوكرانية سترفض تنفيذ اي "أوامر اجرامية". وفي بيان أصدره من المدينة الروسية روستوف اون دون ظل يانوكوفيتش متمسكا بقوله: ان "متطرفين" استولوا على السلطة في العاصمة الاوكرانية كييف. وقال للصحفيين: ان الانتخابات الرئاسية المقررة في 25 مايو ستكون غير شرعية. وقال يانوكوفيتش ان منطقة القرم تنفصل عن أوكرانيا ووجه اللوم الى خصومه الذين أطاحوا به من السلطة وحملهم مسؤولية ما يحدث في شبه جزيرة القرم المطلة على البحر الاسود، مشيرا الى ان المساعدات الامريكيةلاوكرانيا ستكون غير مشروعة لان القانون الامريكي لا يسمح للحكومة الامريكية بتأييد "عصابات". مجلس الأمن وأخفق مجلس الأمن مجددا في الضغط على روسيا لتغيير موقفها بشأن الأزمة الأوكرانية، ولكن أعضاءه أعربوا عن قلقهم من الوجود العسكري الروسي في شبه جزيرة القرم، حيث اعتبروا الاستفتاء على انضمام الإقليم إلى روسيا غير شرعي، خلافا لما تتمسك به موسكو التي تسيطر على مواقع عسكرية في شبه الجزيرة. وأكد مجلس الأمن - في اجتماع مغلق هو الخامس في عشرة أيام - ضرورة الالتزام بضبط النفس في أوكرانيا، والسعي لإيجاد حل للأزمة بناء على مبادئ ميثاق الأممالمتحدة. وقال السفير البريطاني لدى الأممالمتحدة مارك ليال غرانت "لا أعتقد أنني أستطيع القول إننا شهدنا أي مرونة في الموقف الروسي، لكننا نشهد عزلة متزايدة لروسيا". وتابع غرانت أن الصين التي عادة ما تنحاز إلى روسيا في المجلس، أكدت دعمها لسيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها. وبحسب غرانت، فإن السفير الأوكراني يوري سيرغييف كرر أن الاستفتاء غير شرعي، مضيفا أن "معظم الدول الأعضاء في مجلس الأمن" وافقت على ما أعلنه. مقترحات روسية وكانت روسيا قد رفضت مقترحات أميركية لم يكشف عنها بشأن الأزمة في شبه جزيرة القرم الأوكرانية، وقالت إنها ستقدم اقتراحات بديلة للأميركيين. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف: إن مجلس الأمن القومي الروسي سيقدم مقترحات للأميركيين لإنهاء الأزمة، موضحا أنها تقوم على حماية مصالح جميع الأوكرانيين، على حد تعبيره. وعن إرجاء زيارة نظيره الأميركي جون كيري إلى موسكو والتي كانت مقررة الاثنين، قال لافروف: إن ذلك جاء بناء على طلب الجانب الأميركي الذي أكد على ضرورة جدية موسكو في الحوار. من جانبها، قالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية جنيفر بساكي: إن الوزير كيري في انتظار رد روسيا على دعوتها لإجراء محادثات مباشرة مع أوكرانيا، ومقترحات لتشكيل مجموعة دولية لرعاية هذه المحادثات. وأضافت أن واشنطن تريد وقف النشاط العسكري الروسي في أوكرانيا، ووقفَ التوجه لضم شبه جزيرة القرم، وما وصفته بالخطوات الاستفزازية. وقالت: إن الولاياتالمتحدة بحاجة إلى رؤية أدلة ملموسة على استعداد روسيا للانخراط في محادثات مباشرة مع أوكرانيا، وفقا لما تقدمت به واشنطن من مقترحات. عقوبات قريبة من جهته، قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، امس: ان العقوبات على روسيا بسبب الازمة الاوكرانية قد تفرض قريبا هذا الاسبوع اذا فشلت موسكو في الرد بشكل ايجابي على اقتراح لتهدئة الازمة. وقال فابيوس لاذاعة فرانس انتير ان الاستفتاء الذي تجريه القرم يوم 16 مارس اذار على الانضمام لروسيا غير شرعي وان ضم روسيا لشبه الجزيرة سيكون غير قانوني. وأضاف: "لا نستطيع ان نقبل شيئا غير شرعي وسيكون له أيضا عواقب خطيرة للغاية." واستطرد: "التصويت الشرعي الوحيد هو الذي سيجري في 25 مايو لانتخاب رئيس للجمهورية في اوكرانيا. تصويت 16 مارس غير شرعي." وذكر ان العقوبات قد تشمل تجميد أصول أفراد روس او أوكرانيين وأيضا عقوبات لها صلة بتأشيرات الدخول. تحرك دولي في هذه الأثناء، أعطى حلف شمال الأطلسي (ناتو) الضوء الأخضر لإرسال طائرات أواكس للإنذار المبكر للتحليق في سماء بولندا ورومانيا لرصد ما يحدث في أوكرانيا المجاورة. وفي برلين، دعت وزارة الدفاع الألمانية إلى الامتناع عن قطع خطوط الحوار مع موسكو بشأن الأزمة الأوكرانية. من جانبه، قال رئيس الوزراء البريطاني ديفد كاميرون إن القوى الدولية ستجتمع في لندن امس لوضع قائمة بأسماء شخصيات روسية بارزة يمكن أن تواجه تجميد أصولها المالية وحظر سفرها إذا رفضت روسيا الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع أوكرانيا خلال الأيام المقبلة. وأضاف أن مجلس أوروبا وافق على تطبيق عقوبات تغطي نطاقا واسعا من المجالات الاقتصادية، إذا اتخذت روسيا "خطوات أخرى غير مقبولة" لزعزعة استقرار أوكرانيا. ألمانيا والبلطيق وفي السياق، أكد وزير الخارجية الألماني فرانك- فالتر شتاينماير تضامن بلاده مع دول البلطيق الثلاث العضوات في الاتحاد الأوروبي، إستونيا ولتوانيا لاتفيا، في أزمة شبه جزيرة القرم الأوكرانية. وقال شتاينماير،امس، في العاصمة الإستونية تالين في إشارة إلى مخاوف بلطيقية من التعرض لعدوان روسي مثلما حدث في القرم: "لن نتخلى عن إستونيا ودول البلطيق. هذه ليست مشكلة إستونيا أو دول البلطيق، بل إنها مشكلة مشتركة للاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو)". وعقب لقائه مع نظيره الإستوني أورماس بايت، أعرب شتاينماير عن تفهمه للمخاوف في منطقة البلطيق، وقال إنه يمكنه تفهم شعور دول البلطيق بأنهم في موقف خاص يدعو للشعور بالتهديد، وذلك فيما يتعلق بالأزمة الأوكرانية. وأضاف شتاينماير: "من الواضح أن عدوان روسيا في أوكرانيا غير الوضع الأمني في أوروبا بأكملها". تجدر الإشارة إلى أن جمهوريات البلطيق الثلاث، والتي يبلغ عدد سكانها نحو ستة ملايين نسمة، كانت ضمن الاتحاد السوفيتي السابق، وأصبحت الآن عضوة في الاتحاد الأوروبي والناتو.