ارتفعت في الآونة الأخيرة نسبة الجرائم الاقتصادية في سويسرا بدرجة لافتة للنظر، ففي كانتون زيورخ وحده وصل عدد البلاغات المقدمة للتحقيق في عمليات غسيل أموال مشبوهة في عام 2002 إلى 37، ثم ارتفعت إلى 166 حالة خلال عام واحد. كما سُجلت نفس هذه النسبة المرتفعة (وإن بدرجة أقل) في ملفات المساعدة القانونية والقضائية التي تتقدم بها بعض الدول إلى سويسرا للمشاركة في التحقيقات حول جرائم اقتصادية تقع في تلك البلدان ويظهر اسم الكونفدرالية بشكل أو بآخر في سياقها. وتلقي هذه البيانات التي تعكس مدى كثافة العمل في ملفات الجريمة الاقتصادية الضوء على القصور الرسمي السويسري، فجهاز الادعاء العام لم يف بتعهداته بتوفير الكوادر والعمالة اللازمة لجهاز مكافحة الجريمة الاقتصادية، على الرغم من البيانات الرسمية التي تؤكد تكبد الكنفدرالية لخسائر فادحة من ورائها. من جهة أخرى تتحمل السلطات المحلية في الكانتونات جزءا من المسئولية نظرا لأنها اعتمدت على تولي الحكومة الفدرالية بنفسها هذا الملف، ومن ثم قلصت أعداد العاملين لديها في هذا المجال، وهو ما أدى إلى افتقاد التنسيق الداخلي بين الحكومة الفدرالية ومختلف الكانتونات. في المقابل، تُولى السلطات السويسرية اهتماما لقضايا معينة، وتضع لها الكثير من الإمكانيات مثلما حدث في التحقيق في قضية شركة سويس اير بعد انهيارها، حيث خصصت الحكومة الفدرالية عددا كبيرا من المحامين والمحققين للنظر في هذا الملف، وذلك على حساب توزيع عادل للاهتمامات بين قضايا الجرائم الاقتصادية بمختلف أنواعها.