تستعد الحكومة السويسرية اليوم لاتخاذ قرارها النهائي حول تسليم لجنة الرقابة البرلمانية وثائق تكشف عن طبيعة دورها في إنقاذ مصرف «يو بي اس» من المثول أمام القضاء الأميركي بتهمة التستر على متهربين أميركيين من دفع الضرائب، نتيجة سرية الحسابات المصرفية المعروفة في سويسرا. وكانت وزيرة الاقتصاد السويسري دوريس لويتهارد أعلنت الأسبوع الماضي موافقتها على إطلاع اللجنة البرلمانية على الملفات السرية من دون الحصول على نسخة منها، ما رفضته لجنة الرقابة البرلمانية أمس وهددت بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية تتولى كشف حقيقة دور الحكومة السويسرية في انقاذ «يو بي اس» وخلفيات قرار تسليم معلومات حول حسابات وودائع 250 إلى 300 أميركي زبائن لدى المصرف. وتستند لجنة الرقابة البرلمانية في موقفها المتشدد، الى قرار المحكمة الإدارية الفيديرالية العليا في سويسرا، التي دانت الأسبوع الماضي قرار الهيئة السويسرية للرقابة على السوق المالية، لإتخاذها قراراً بتسليم تلك البيانات الى السلطات الأميركية ربيع 2009، بعد شكوى تقدم بها متضررون من القرار. ويعزز موقف لجنة الرقابة البرلمانية المتشدد، تأييدُ اللجنة البرلمانية للشؤون الإقتصادية وغالبية الأحزاب الكبرى بإستثناء الحزب الليبرالي. إلا أن هيئة الرقابة المالية دافعت عن إجرائها بأنه كان الحل الوحيد الأخف ضرراً لإنقاذ المصرف من مثوله أمام القضاء الأميركي، بحيث كان يُحتمل أن يتعرض المصرف المصنف «الأول» في سويسرا و»الثاني» عالمياً في مجال ادارة الثروات الخاصة، الى الإفلاس ما لا يمكن أن تتحمله الساحة المالية السويسرية على الإطلاق. في الوقت ذاته لا ترغب هيئة الرقابة المالية في أن تكون كبش فداء تقدمه الحكومة السويسرية إلى الرأي العام، لتفادي مسؤوليتها في اتخاذ القرار البالغ الحساسية، بحيث ينظر خبراء مصارف على أنه تمهيد تدريجي نحو زعزعة سرية الحسابات المصرفية تمهيداً للقضاء عليها بعد ازدياد الضغوط على سويسرا من الولاياتالمتحدة والمانيا وفرنسا وايطاليا. ومهما يكن قرار الحكومة السويسرية بالإمتثال لطلبات لجنة الرقابة البرلمانية أو الدخول في تحد مع البرلمان، فلن تنتهي القصة عند هذا الحد، بحيث تستعد لجنة الشؤون الاقتصادية التابعة للبرلمان السويسري لتقديم طلب احاطة لإستجواب الحكومة أمام البرلمان في دورة آذار(مارس) المقبل، ما ينذر بمواجهة غير هينة أمام البرلمان، بحيث يتحالف للمرة الأولى قطبا اليمين واليسار السياسيان في سويسرا في هذا الملف، ليعربا عن عدم موافقتهما على ما يوصف بدعم الحكومة غير المحدود لمصرف «يو بي اس» على رغم تجاوزاته الكثيرة، وضرورة كشف خبايا العلاقة بين الجانبين وما إذا كانت سويسرا قدمت تنازلات مختلفة إلى الحكومة الأميركية.