عندما ننظر في تاريخ الطب نجد أن علم المناعة بدأ كدراسة لتأثير العدوى عند الحيوان الا انه مع مرور السنين والتقدم السريع في مجال التكنولوجيا الطبية أصبح هذا العالم متميزا وقائما بذاته، وبفضل هذا التقدم تم اكتشاف الكثير من اساسيات ومكونات الجهاز المناعي، كما ادى ذلك الى تفسير كثير من الظواهر المرضية التي طالما حيرت العلماء من قبل، وقد شملت هذه الدراسات الخلايا المناعية ومصل الدم وما يحويه من أجسام مناعية ومكونات الخلية، وقد انعكس التقدم في دراسة الجينات وعلاقتها بالأمراض على الأبحاث الخاصة بالجهاز المناعي وبعد ذلك حدث توسع كبير في مجال الدراسة لتشمل مجالات عديدة مثل امراض الحساسية والأمراض الناشئة عن خلل الجهاز المناعي وكذلك علاقة الجهاز المناعي بالأورام وزراعة الأعضاء والأمراض الجلدية والروماتيزمية، وأصبحت المعرفة في هذا المجال ضرورة للأجيال المتعاقبة من الأطباء المتخصصين في فروع الطب المختلفة حيث أن دراسة أساسيات علم المناعة تفسير كثيرا من الأمراض التي تصيب أعضاء الجسم المختلفة كالكبد والكلى والغدد والجلد والمفاصل وكذلك الأمراض السرطانية، ومرض الإيدز الذي ظهر في السبعينات هو في أساسه مرض يصيب الجهاز المناعي للجسم مما يؤدي الى سلسلة من المظاهر المرضية تنتهي بهلاك المريض وقد احدث ظهور مرض الإيدز طفرة في الابحاث والتشخيص إن الأساس في عمل الجهاز المناعي هو التعرف على أي مادة غريبة عن الجسم والتخلص منها سواء كانت ضارة او نافعة فالجهاز المناعي يقوم بالتخلص من الميكروبات التي تسبب الأمراض وفي نفس الوقت يعتبر العضو المنقول لإنقاد حياة المريض غريبا عليه فيقوم بمحاربته ويحاول التخلص منه، ولذا فأن الجهاز المناعي عندما يقوم بوظيفته هي في الواقع لفائدة الجسم الا انه احيانا قد يقوم بعمل غير مرغوب فيه مثل مهاجمة العضو المزروع وتوجد في الدم انواع كثيرة من الخلايا التي تحمي الجسم من الميكروبات والأجسام الغريبة فهناك خلايا قاتلة وخلايا مسئولة عن المناعة المكتسبة وهي خلايا متخصصة في عملها ولها ذاكرة مثل الخلايا اللمفاوية وتنقسم هذه الى خلايا لمفاوية (ت) حيث تقوم بما يسمى بالمناعة الخلوية وهي تحمي الجسم من الميكروبات الخلوية مثل الفيروسات وبعض أنواع البكتيريا التي تتكاثر داخل جسم الإنسان والتي لا تستطيع الأجسام المناعية الوصول اليها اما الخلايا اللمفاوية (ب) فهي تحمي الجسم من الميكروبات الموجودة خارج الجسم التي تفرز سموما، وتقوم هذه الخلايا بإفراز الأجسام المضادة التي تتحد مع هذه السموم وتساعد في تدميرها، وتتميز الخلايا اللمفاوية بانها تتكون من فصائل مختلفة من الخلايا منها ما يسمى بالخلايا المساعدة والخلايا الضابطة والخلايا القاتلة، وقد أمكن بالطرق الحديثة قياس هذه الخلايا وكذلك مراحل نموها المختلفة وقد ساعد ذلك في تشخيص كثير من الأمراض مثل نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) وأمراض سرطان الدم، ونستطيع القول بأن هناك تعاونا متبادلا بين الخلايا المختلفة أثناء قيامها بوظيفتها مما يقوي قدرتها على مقاومة الأجسام الغريبة بكل أنواعها في كل جزء من أجزاء الجسم. استاذ طب الأطفال واستشاري أمراض الدم والسرطان