جهاز المناعة هو ذلك النظام المعقد المسؤول عن حماية جسم الانسان من ملايين الأجسام الغريبة مثل البكتيريا والفطريات والفيروسات والطفيليات والجراثيم والسموم وغيرها التي تهاجم أجسامنا في كل وقت وتعتبرنا المرتع الأساسي لنموها. ولفهم مدى أهمية الجهاز المناعي لدينا - وأنه من نعم الله الكثيرة التي لاتحصى - فلنتذكر سويا ماذا يحدث لأي شيء بعد وفاته (حيث يتوقف عمل جهاز المناعة) خلال ساعات قليلة تهاجم البكتيريا والفطريات والجراثيم الجثة وخلال أسابيع قليلة تتحلل الجثة ولا يبقى منها شيء وما كان لهذا أن يحدث بوجود جهاز المناعة. عند مهاجمة فيروس أو بكتيريا لنا نتعرض لمضاعفات صحية من هذا الهجوم فعلى سبيل المثال بكتيريا (streptococcus) تفرز مواد سامة تؤدي الى التهاب الحلق أما فيروس شلل الأطفال يطلق سموم تدمر الخلايا العصبية في النخاع الشوكي ومن ثم تؤدي للشلل، وفي المقابل هناك البكتيريا المفيدة مثل ملايين البكتيريا في أمعائنا والتي تساعدنا على هضم الطعام ولكن يمكن لهذه البكتيريا أن تكون ضارة اذا ما دخلت الى دمنا. البكتيريا والفيروسات عموماً هي أكثر مسببات المرض في الإنسان ومن أهم وظائف الجهاز المناعي حماية الجسم من هذه الميكروبات ويقوم بذلك بعدة وسائل: - يبني حاجز يمنع البكتيريا أو الفيروس من دخول جسمنا. - إذا ما دخلت البكتيريا أو الفيروس الى جسم الانسان يعمل جهاز المناعة على تمييزها والقضاء عليها قبل أن تتكاثر وتبدأ بافراز سمومها. - إذا ما نجحت بدخول الجسم والتكاثر فإن جهاز المناعة يعمل باستنفار حتى يخلص الجسم منها. د. مروان ياسين شاهين ولجهاز المناعة وظائف أخرى عديدة منها التعرف على الخلايا السرطانية في المراحل الأولى والتخلص منها في الكثير من الحالات دون أن نلاحظه وهي مهمة جليلة كما ترون. ما يتكون الجهاز المناعي الجلد: وهو أكبر عضو في جسم الانسان وجزء هام من جهازنا المناعي ويعمل كحاجز بين الأمراض وجسمنا ويفرز الجلد مواد مضادة للبكتيريا وهذا يفسر لماذا لا نستيقظ في الصباح ونجد طبقة من الطفيليات على جلدنا هذا لأن معظم الطفيليات تموت فور ملامستها للجلد. وبما أن الأنف والفم والعيون مداخل محتملة للجراثيم تقوم الدموع والمواد المخاطية على حمايتنا حيث تحتوي على أنزيمات تحطم جدار الخلية في معظم البكتريا. كما تلتصق الميكروبات التي تدخل من الأنف إلى الرئة بالمخاط حتى اللعاب يحتوي على مضاد للبكتريا. يعمل جهاز المناعة على مدار الساعة وبآلاف الطرق المختلفة لحمايتنا طوال حياتنا ومن الغريب أننا لا نعرف عنه وعن مكوناته شيئا فأنت مثلاً تعرف أن في صدرك قلب ورئتين ولكن هل سمعت عن الغدة التوتة؟! “Thymus Gland” مكونات الجهاز المناعي الأساسية هي: الغده التوتة thymus gland الطحالspleen الجهاز الليمفاوي lymph system نخاع العظم bone marrow الأجسام المضادة antibodies الجهاز المتتالي complement system الهرمونات hormones ولأهمية الموضوع سوف نشرح كل مكون باختصار. الجهاز الليمفاوي: lymph system المعروف لدى الأمهات فعندما يحدث تورم بالرقبة عند الطفل نسميه تورم غدد ليمفاوية، إن الغدد الليمفاوية ليست هي كل مكونات الجهاز الليمفاوي بل جزء منه فهناك الأوعية الليمفاوية التي تنتشر في الجسم كله تماماً مثل الأوعية الدموية. إن الليمف عبارة عن سائل رائق أبيض مكون من ماء ومغذيات فهو عبارة عن بلازما الدم أي السائل المكون للدم اذا ما حذف منه كريات الدم الحمراء والبيضاء، الأوعية الليمفاوية الصغيرة تجمع الليمف الى اوعيه اكبر الى الغدد الليمفاويه ليتم معالجة هذا السائل حيث تحتوى هذه الغدد على أنسجة مصفية وعدد كبير من الخلايا الليمفاوية التي تبتلع البكتيريا وعندما يكون هناك غزو بكتيري كبير تتورم الغدد الليمفاوية التي تخدم أحد الأماكن في الجسم نتيجة ابتلاع عدد هائل (ملايين) من البكتيريا فى هذا المكان وتكون مؤلمة وهو دليل ملموس على أن جهاز المناعة يؤدى دوره! وبمجرد تصفية السائل الليمفاوي في الغدد الليمفاوية يدخل مرة أخرى إلى الدم (بعد أن تمت معالجته) الغده التوتة: thymus gland ان هذه الغده التى تشبه ثمرة التوت في الشكل والحجم موجودة في الصدر بين عظام الثدي والقلب. إنها المسئولة عن إنتاج خلايا» تي» وهى هامة جداًَ في حديثي الولادة والأطفال وبدونها ينهار جهاز المناعة لحديثي الولادة و يموتون ولكن أهميتها تقل في البالغين حيث تقوم أعضاء أخرى بالمهمة ولكنها مهمة أيضاً لإنتاج «خلايا تي» التي سنرى أهميتها لاحقاً. الطحال: spleen إن الطحال يقوم بتصفية الدم من الخلايا الغريبة وكذلك الخلايا الهرمة من كريات الدم الحمراء والبيضاء ويستبدلها بأخرى شابة. والأشخاص الذين يتم عندهم استئصال الطحال لأي سبب مثل حادث مثلا يكونون معرضين للمرض أكثر من غيرهم. نخاع العظم bone marrow: إن نخاع العظم مسئول عن انتاج خلايا الدم الجديدةالبيضاء والحمراء وبالنسبة للحمراء فإنه يقوم بتصنيعها بالكامل داخل النخاع ثم تضخ فى الدم أما بالنسبة للكريات البيضاء فإنها تنضج في أماكن أخرى. إن النخاع ينتج الخلايا الأصلية Stem cells خلايا النشأة وتسمى كذلك لأنها أصل الخلايا وتستطيع التحور الى أنواع عديدة من الخلايا وكذلك تتحول الى أنواع متخصصة من خلايا الدم البيضاء. الأجسام المضادة: antibodies تنتج الأجسام المضادة بواسطة كريات الدم البيضاء وهى عبارة عن سلسلة من جزيئات. البروتين هناك ملايين من الأجسام المضادة المختلفة موجودة في الدم كل منها حساس لمسبب معين، إن هذه الجزيئات يتم تصنيعها بالكبد وتنشط هذه البروتينات بواسطة خلايا اخرى من الكريات البيضاء عندما يهاجم مسبب معين «بكتيريا أو سم أو فيروس» فإنها تسبب تحلله وابتلاعه ثم ازالته. الهرمونات: hormones هناك العديد من الهرمونات التي يتم فرزها بواسطة جهاز المناعة وعموماً تسمى هرمونات ليمفية lymphokins وهناك أيضا هرمونات تثبيط جهاز المناعة وأشهرها الكورتيزينات) لذلك ينصح دائما بتعاطي هذه المركبات بحرص وتحت إشراف طبي) إن هرمون تايموسين الذي يفرز بواسطة الغدة التوتة يشجع إنتاج الخلايا الليمفاوية (نوع من كريات الدم البيضاء) وهناك هرمون انترليوكين interleukins وهى أنواع تفرز بواسطة كريات الدم البيضاء وهى عديدة فهناكinterleukin1 انترليكين1 والذي يفرز بواسطة الخلايا الملتهمة عندما يتم ابتلاع جسم غريب (ميكروب مثلاً) ليعمل على تحلله ولهذا الهرمون أثر جانبي مثير للاهتمام فهو يسبب ما يعرف بالحمى (ارتفاع درجة حرارة الجسم) الإحساس بالتعب وهى وسيلة لقتل بعض البكتيريا. عامل تحلل الأورام : إن هذا الجزء ينتج أيضاً من الخلايا الملتهمة ويستطيع قتل خلايا الأورام وتحللها وكذلك يؤدى إلى الالتئام فيما بعد . الانترفيرون: interferon إن هذا الجزء البروتين هو مضاد الفيروسات الأساسي في جهاز المناعة ويتم إنتاجه بواسطة معظم خلايا الجسم وتعطى الخلايا إشارات لبعضها البعض هي عبارة عن مركبات كيماوية عند اكتشاف فيروس ووظيفة الانترفيرون إيقاف تكاثر الفيروس . الخلايا الليمفية: lymphocytes تبلغ حوالى 30-40%من كل الخلايا البيضاء وهى تتحول الى خلايا ملتهمة كبرى عند حدوث غزو بكتيرى للجسم .كل الخلايا البيضاء تبدأ فى نخاع العظم على هيئة خلايا أصلية - نخاعية - ثم تتحول إلى الأنواع المختلفة بعد ذلك عندما تنضج. الخلايا الملتهمة الكبرى: macrophages هي أكبر الخلايا النوعية للكريات البيضاء وهي متخصصة بحسب العضو الذى تعمل فيه فهناك النوع الموجود في الرئتين ينتشر بين الأنسجة والحويصلات الهوائية تلتهم جزيئات الأتربة والدخان التي يتم استنشاقها (المدخنون يستهلكون قدراً كبيراً من هذه الخلايا ويجهدونها وبالتالي يؤثر ذلك سلباً على جهاز المناعة هذا غير الأضرار الأخرى) وكذلك بعض البكتيريا والميكروبات التي تنجح في الوصول إلى هذه الأماكن. الخلايا الليمفاوية: lymphocytes هذه الخلايا تتولى معظم المهام فى مجابهة البكتيريا والفيروسات, إنها تبدأ من نخاع العظم وتسمى عندها خلايا «بي» والتي تبدأ من غدة التوتة تسمى خلايا «تي» وكلاهما موجود فى تيار الدم ولكنهما مركزين فى الأنسجة الليمفاوية مثل الغدد الليمفاوية والطحال وغدة التوتة بالصدر وكذلك يوجد منها بكثرة في الأنسجة الليمفاوية بالجهاز الهضمي. خلايا بي: B-cells عندما تستثار تنضج لتصبح خلايا بلازما والتي تنتج الأجسام المضادة وذلك إن خلية بي خاصة تتحول إلى نموذج جرثومة معينة وتكون لها جسم مضاد وعندما تدخل هذه الجرثومة(الحقيقية) إلى الجسم تميزها خلايا بي وتنتج من الأجسام المضادة لها ملايين مما يؤدى إلى توقف تأثيرها وتحللها. خلايا تى: T-cells أما خلايا تى فتهاجم هذه الخلايا المعادية وتقتلها وتسمى عندها الخلايا القاتلة وتستطيع أن تتحرى وتبحث عن الخلايا التي تحمل فيروسات وفي الحال تهاجمها وتقتلها وهناك نوعان من خلايا تي: خلايا تي المساعدة وخلايا تي المثبطة أما الخلايا المساعدة فهي لازمه لتتمة عمليات خلايا بي والأجسام المضادة والخلايا المثبطة هي للضبط والسيطرة على رد الفعل عند الجهاز المناعي بحيث لاتنفلت الأمور ويكفى أن تعرف أهمية دور هذه الخلايا أنه في حالة وجود خلل بها يهاجم جهاز المناعة بعض أنسجة الجسم ويتعامل معها على أنها معاديه! وينتج عن ذلك أمراض معروفة مثل الروماتويد. ولكن في العادة والطبيعي يؤدي جهاز المناعة دوره بشكل مذهل للغاية منتهى التنسيق كل هذه الخلايا التي ذكرناها وأكثر تؤدي دورها بشكل متناسق ومتضافر فى سلسلة معقدة من العمليات الكيميائية الدقيقة (وفي أنفسكم أفلا تبصرون) «الذاريات». بسبب أن كريات الدم البيضاء هى الأهم في جهاز المناعة فإنها تستخدم كمقياس لكفاءة هذا الجهاز فعندما تسمع أن شخصاً مناعته جيدة أو ضعيفة فإن ذلك عادة مايتم حسابه بتحليل وعد كريات الدم البيضاء كما ونوعا يراوح العدد الطبيعى لها بين 4000-11000 4000 - 11000 فى الميكروليتر ونسبة الخلايا تي المساعدة إلى خلايا تي المثبطة 1.8-2 ومعنى ذلك أن هناك توازن دقيق بينها وأن أي إخلال بهذا التوازن يؤدي للمرض. نقص المناعة ممكن أن يكون نتيجة لمرض وراثي مثل العوز المناعي المشترك (Common variable immunodeficiency). أو ناتج عن عدوى فيروسية مثل مرض نقص المناعة المكتسب (الايدز)، في المقابل أمراض المناعة الذاتية تنتج جهاز مناعي مفرط النشاط يهاجم أنسجة طبيعية كما لو كانت كائنات خارجية ومنها التهاب المفاصل وداء السكري من النوع الأول ومرض الذئبة الحمامية. * قسم أمراض الدم وزراعة الخلايا الجذعية للبالغين