بين ذراع ذهبي من الرمال ملتف تبدو واحة الأحساء وادعة، وحالمة بحجم أحلام الربيع الملونة مسكونة بفلسفة الاخضرار، والنور والظلال، والثمار .. من بين عشاقها، وقاطنيها طائر البلبل (البلبل الحساوي) ذلك الطائر الذي يوشي اللون الرمادي والأصفر والأسود والأبيض حلته الريشية تتفجر حنجرته عن عزف سيمفوني ألفه الفلاح الأحسائي، وتراقص في داخله على أنغامه. يطوف بالحقول ليرسم بشكله وصوته لوحات الفن وانساق الجمال الموقع ، والمرتل. ويركب النسائم ويغازل الضياء والورود ويذرع الرياض ويتسنم الأغصان ليحدو الفلاح، ويبارك له جده واجتهاده في الأرض نعم ليس كمثل هذا الطائر حينما صاغ الأحساء أنشودة يترنم بها ملء الأسماع، وعبر المروج، وظل هذا الطائر وفياً لواحة الجمال الأخضر حتى عرف بها، وعرفت به. فلا يهاجر كالطيور المهاجرة، أو قل إنه يهاجر من الأحساء إلى الأحساء . بل أن أغاريده أضحت من ميراث الأحساء الغنائي، كان ذلك في الماضي القريب. أما في الحاضر فإن هذا الطائر يطوي جناحاً مهيضاً، ويخفق بخواطر موجعة فكم طارده الصيادون، وكم لاحقه السجانون له في الأقفاص، والمتاجرون بصوته وشكله، حتى قيدوا في الأقفاص جناحه، وكتموا عن المدى تغريده وأغلقت دونه الجهات، وإلى جانب ذلك كله تنكر له شعراؤنا فلا تكاد تحس له خفقاً أو تسمع صدى لأهازيجه في ديوان الشعر الأحسائي . @@ خالد فهد البوعبيد