في مثل هذ اليوم الخميس الحادي عشر من سبتمبر 2001م أي قبل عامين بالضبط اهتز العالم بأسره امام حدث ازعم انه لم يحدث مثيل له منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ليس على مستوى الخسائر في الارواح والممتلكات وانما على مستوى تأثير هذا الحدث على النظام الامريكي بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وتفرد الولاياتالمتحدة كقوة وحيدة عظمة على المسرح الدولي. لقد كان الحدث بمثابة الفتيل الذي اطلق كافة القوى الظاهرة والكامنة لانخراط الولاياتالمتحدة في تجارب اولية عملية لسياستها القائمة على مخطط معلن هو قيادة العالم في ظل انهيار النظام العالمي السابق القائم على توازن الرعب بين القوتين العظميين الولاياتالمتحدة والاتحاد السوفييتي لقد شكلت احداث الحادي عشر من سبتمبر مبررا شرعيا لقوة الامبراطورية العالمية الجديدة لوضع سلاحها الاول والرئيسي - القوة - موضع التنفيذ. اكانت هذه الاحداث مصادفة تاريخية مذهلة في توافقها الزمني لخدمة المشروع الامريكي العالمي؟ أم كانت نتيجة نوعية لتراكم كمي كان لابد ان يعبر عن نفسه بهذا الشكل او ذاك؟ المهووسون بنظرية المؤامرة الحدثية - ولا اقول السياسية - وحدهم يملكون الجواب (البوليسي) الشيء المهم والمؤكد في هذا السياق هو ان عقيدة سياسية متكاملة لقيادة العالم سياسيا واقتصاديا واجتماعيا كانت لابد ان توضع موضع التنفيذ بسبب احداث الحادي عشر من سبتمبر التي لو لم تحدث لحدث ما يشابهها في اكتوبر او نوفمبر. اذا كان الامر كذلك فان ما يهمنا وبلادنا تشكل حلقة ذات علاقة مباشرة بالاحداث والمشروع هو التمعن بأسباب وتبعات ما جرى في مثل هذا اليوم والى اليوم وانعكاس ذلك على مستقبل بلادنا وشعبنا. مثلما كانت احداث الحادي عشر من سبتمبر مصادفة تاريخية مذهلة للامريكان للانخراط في سياسة نوعية جديدة فقد شكلت - او لابد ان تشكل - فرصة تاريخية بالغة الوضوح هذه المرة لإعادة النظر في اوضاعنا الداخلية السياسية والاقتصادية والاجتماعية الصورة النمطية السائدة للعالم تهتز اليوم ونحن جزء عضوي في هذه الصورة صحيح ان اطرافا رئيسية اخطأت وستخطىء في تحديد الاسباب لكن الطرف القوي هو الذي سيؤثر اكثر في التبعات. حصتنا في التبعات واضحة ولن نستفيد من البقاء في دائرة الاسباب والمتسببين ولعل مما يدعو للتفاؤل هو ان ارادة الادارة السياسية وارادة الخيرين من ابناء شعبنا قد التقت على طريق البحث والتشاور ليس فقط حول استحقاقات حصتنا من تبعات الحادي عشر من سبتمبر بل وحول استحقاقات ضرورة التطور السياسي والاقتصادي والاجتماعي التي تفرضها القوانين الداخلية لحركة المجتمع للامام لقد تقاطعت الرغبة الامريكية مع تطلعات الناس وتم لاول مرة تشريع الحوار الوطني واقامة حاضنته الملائمة مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني. صحيح ان نواة المشروع الاصلاحي التي هي مركز الملك عبدالعزيز لا تزال في وضع جنيني لكن ما يدعو للتفاؤل بنمو الجنين هو هذا الزخم غير المسبوق من نداءات الحرص على سلامة السفينة - الوطن - الحاضنة الاساسية للبلاد واهلها. ان الاخطار تتكشف يوما بعد يوم والمعرقلون للتواؤم الوطني يقولون ويفعلون ويمولون وليس غير السلم الاجتماعي واداته الحوارطريقا آمنا للسلم الاجتماعي والتقدم.