("الهجمة المضادة للحملة الصليبية: جذور وتداعيات الحادي عشر من سبتمبر" السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته إنه من دواعي الغبطة والسرور أن أسعد بالتواصل معكم، فأحييكم بتحية عطرة عبقها المحبة والإخاء. كما أغتنم الفرصة لأبلغكم بصدور كتاب قمت بترجمته من الفرنسية إلى العربية ("الهجمة المضادة للحملة الصليبية: جذور وتداعيات الحادي عشر من سبتمبر"، قمت بترجمته من الفرنسية إلى العربية) وهو معروض الآن في معرضي الرياض ومسقط لدى دار أردنية: عالم الكتب الحديث (تفضلوا بمطالعة الرسالة المتعلقة بشأنه التي عممت على النخب المثقفة في الوطن العربي أدناه). كما ألتمس منكم التطرق، مجزيين، لذكره في الركن الثقافي، إذا كان ذلك من المتاح لكم. دمتم بهناء وتوفيق. أخوكم أحمد صالح باحث/مترجم نيويورك عن الكتاب قالوا عن كتاب "الهجمة المضادة للحملة الصليبية: جذور وتداعيات الحادي عشر من سبتمبر"، وعن نسخته المترجمة إلى اللغة العربية: *** "يمكن القول دون مجازفة إن هذا الكتاب من أثمن ما صدر حتى الآن عن أحداث 11 سبتمبر، وتفسير مغزاها الإستراتيجي والثقافي..." موقع الجزيرة نت http://www.aljazeera.net/NR/exeres/2...oogleStatID=29 **** "الكتاب يُعَد من أثرى المؤلفات التي كتبتْ في تفسير أحداث الحادي عشر من سبتمبر" "جدير بالإشارة أن الكتاب أُلِّف باللغة الفرنسية، وأسهمت الترجمة الرصينة المتْقَنة من جانب الباحث الموريتاني - المقيم في نيويورك - الأستاذ أحمد صالح احميِّد في تعزيز قيمة الكتاب، وإتاحته لجمهور القارئين في الوطن العربي، المفتقد لِمثْل هذه الدراسات الجادة في سوق دور النشر العربية" موقع الألوكة http://www.alukah.net/Culture/0/27786/ *** "هذه المادة العلمية من المهم الإطلاع عليها من قبل أكبر عدد من القراء والمثقفين العرب" "شكرا أيها الباحث العميق" الدكتور أحمد أبو مطر (فلسطيني مقيم بأوسلو [النرويج]) ناقد أدبي، متفرغ للدراسات، ومحلل سياسي ترجمة عربية ممتازة جدا لكتابه "الهجمة المضادة للحملة الصليبية: جذور وتداعيات الحادي عشر من سبتمبر" محمد السالك ولد إبراهيم (موريتاني) خبير استشاري دولي وباحث مرموق *** "تهنئة على العمل الذي أنجزته" منير العكش (سوري-فلسطيني) أكاديمي مرموق أستاذ الإنسانيات ومدير الدراسات العربية في جامعة سفك/بوسطن (بالولايات المتحدة الأمريكية) وهو من أبرز الباحثين العرب في الدراسات الأمريكية *** مادة مذهلة جدًا ومثيرة الدكتور فاروق المواسي أكاديمي، باحث، وشاعر فلسطيني *** "الكتاب مهم للغاية" يحيا اليحياوي أكاديمي وباحث مغربي مرموق *** "الكتاب قيم للغاية يستحق الجهد الذي بذل فيه" محمد بن المختار الشنقيطي مفكر إسلامي رسالة موجهة إلى النخب العربية السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته تحية عطرة،،، أغتنم هذه الفرصة النفيسة لأبلغكم، في إطار التواصل مع الأكاديميين والمثقفين العرب، بإني كنت قد عكفت على ترجمة إصدار (تجدون ملخصا عنه ومقتطفات منه أسفل النص) ألفه أستاذ جامعي عربي عمل أستاذا بجامعة هارفرد وأدار أحد معاهد البحث فيها، وعنوانه: الهجمة المضادة للحملة الصليبية: جذور وتداعيات الحادي عشر من سبتمبر. لقد أخذ مني هذا الجهد المضني ما يقارب سنة كاملة، وأنا بصدد إبلاغ النخب المثقفة في الوطن العربي به. فهذا المؤلف يعتبر من أعظم الكتب المدافعة عن القضايا العربية وتفنيد حجج الساسة والمثقفين الغربيين لتبرير الظلم الممارس ضد الأمة. فالمؤلف اعتمد فيه أسلوبا علميا رصينا معضدا بالحجج العلمية المتينة (فترسانته الأكاديمية من المراجع كانت ضخمة للغاية: 118 كتابا، 500 مقالا صحفيا، 12 فيلما وثائقيا. وكانت المراجع ب 5 لغات [العربية، الانجليزية، الفرنسية، الألمانية، والاسبانية]). وهو مرجع معتمد في فرنسا، حيث أعيدت طباعته مرات، وأمريكا الشمالية [كندا، والولايات المتحدة]، وكذا أمريكا اللاتينية. تفضلوا بمطالعة العرض الذي قدمه المفكر محمد المختار الشنقيطي على الجزيرة نت: http://www.aljazeera.net/NR/exeres/2...oogleStatID=29 وهذا عرض ممتاز كذلك للكتاب المذكور على موقع الألوكة: http://www.alukah.net/Culture/0/27786/ فالتكرم بإشاعة ذكر الكتاب من خلال التحدث عنه على موقعكم وإرسال هذا الخبر إلى المؤسسات الإعلامية ومراكز الدراسة والبحث، وكذا قائمة البريد الألكتروني لكم، سيكون له الأثر الطيب. ثانيا أود إطلاعكم بأني قمت بترجمة أول عرض لمعاناة الشعب الفلسطيني تنقل في الإعلام المنحاز لإسرائيل بالولايات المتحدة (توجد في الملف المرفق: عرض معاناة الفلسطينيين). فالرجاء أن تحظى بقراءتكم. ثالثا أني قمت بنقل مقابلة لمؤلف نفس الكتاب يتحدث فيها عن تأصيل التنظيمات الإسلامية (فهو خبير مختص في القاعدة والجماعات الإسلامية) وقمت بنشرها لينظر إليها أصحاب الاختصاص والاهتمام. http://taqadoumy.com/index.php?optio...ewar&Itemid=62 وفي انتظار الرد منكم، لكم جزيل الامتنان وفائق الشكر، ودمتم بهناء وتوفيق وأمان وإيمان أخوكم أحمد صالح باحث ومترجم مقيم بمدينة نيويورك (الولايات المتحدة) عن الكتاب عنوان الكتاب هو: "الهجمة المضادة للحملة الصليبية: جذور وتداعيات الحادي عشر من سبتمبر" و ومؤلفه أستاذ عربي حاصل على دكتوراه في العلوم السياسية، عمل أستاذا بجامعة هارفرد وأدار أحد المعاهد البحثية فيها. اعتمد المؤلف على ترسانة أكاديمية ضخمة (أكثر من 117 كتابا، أكثر من 500 مقال صحفي، و 12 فيلما وثائقيا، وكانت هذه المراجع بخمس لغات: العربية، الفرنسية، الإنجليزية، الإسبانية، الألمانية، وكان من أكثر الكتب مبيعا بفرنسا وتمت إعادة طباعته). ويتعرض الكاتب في الجزء الثاني إلى "صدام الحضارات"، إذْ أن المؤلف قد قام شخصيا بمحاورة صمويل هنتغتون حول هذه النظرية. كما أنه يدافع فيه باستماتة ضد ما تروج له بعض النخب الثقافية والسياسية في الغرب من آراء لحجب التظلمات التي يعبر عنها العرب والمسلمون والتشويش عليها لطمسها. ملخص وارد على الغلاف الخلفي للكتاب "الهجمة المضادة للحملة الصليبية: جذور وتداعيات الحادي عشر من سبتمبر" في يوم الحادي عشر من سبتمبر 2001 "استيقظت" أمريكا "التي كانت غارقة في الصناعات الترفيهية" على وقْعِ هجمات – وُصفتْ بال"حدث الجَلَل"- شنَّها شُبان شرق أوسطيون، بأسلوب استعراضي لم يسبق له مثيل في التاريخ، واستهدفت تلك الهجمات رمز القوة الأمريكية بشقيها المالي والعسكري. لكنْ، ماذا نعرفه عن هذه الهجمات بعد مرور ما يُقارب عِقْدا من الزمن عليها؟ كيف تمتْ، بدْء من وضع تصور لها، إلى التخطيط لها، وتنفيذها؟ هل لا يزال بعض المشتركين فيها، ماكثين في الولايات المتحدة، دون علْمها؟ ما هو دور المخابرات الإسرائيلية فيها؟ كيف كانت ردة الفعل الفورية للإدارة الأمريكية، وكيف خططتْ فيما بعْد للرد عليها؟ وأخيرا،هلْ كان ذلك إيذانا ب"تفْعيل" صدام الحضارات؟ يعكف المؤلف في هذا الكتاب على إعطاء إجابات دقيقة، نابعة من دراسة وتقص حصيفين لما تم قبل العملية وبَعْدها، فيقوم بالكشف عن خفايا وأسرار ما حدث بأسلوب "هوليودي" آسر. كما أنه يقوم بتسليط الضوْء على الحدث لسبر أغواره، والكشف عن ما يحمل في ثناياه من أبْعاد ومضامين متعددة، ويعرض للتداعيات اللاحقة له على المستويين الداخلي في الولايات المتحدة، وعلى مستوى العلاقات ما بين الولايات المتحدة والغرب من جهة، والشرق العربي-الإسلامي من جهة أخرى. فالكاتب – الذي حظي شخصيا بمحاورة صمويل هنتغتون حول نظرية "صراع الحضارات" – يغوص في الأعماق ليستخرج لنا المكنونات السياسية والتاريخية للحدث، وكيف يتم وضعه في السياق الذي يتنزل فيه، ويخلص إلى أن الهجمات كانت بمثابة "الثمن" الذي "دفعته" الولايات المتحدة جراء سياساتها الجائرة في حق العالم العربي-الإسلامي، وهي تدخل في سياق عداء تاريخي يطبع العلاقة ما بين الإثنيْن. عن المؤلف مُحَمَّدْ مَحْمُودْ وَلدْ مُحَمَّدُ ؛ باحث، حاصل على الدكتوراه في العلوم السياسية. تقلد مناصب أكاديمية مرموقة. فقد شغل منصب المدير المساعد لبرنامج السياسات الإنسانية والبحث في النزاعات بجامعة "هارفرد"، مدير البحث بالمجلس الدولي لسياسات حقوق الإنسان بجنيف، وعملا باحثا بمعهد "رالف بنتش" للأمم المتحدة بمدينة نيويورك. وهو أستاذ بمعهد الدراسات الدولية، ودراسات التنمية في جنيف، وباحث بمعهد جنيف للدراسات الأمنية. صدرت له كتب عدة، من ضمنها: "فهم تنظيم القاعدة: التحولات في طبيعة الحرب" (لندنْ، 2007)، "العراق وحرب الخليج الثانية- بناء الدولة وأمن النظام" (سانْ افْرانسيسكو، 1988). كما نُشِرَتْ له، كذلك، أبحاث وكتابات في صحف عريقة، منْ بينها: "نيويورك تايمز"، "شيكاغو هرلد تربيون"، صحيفة "لوموند دبلوماتيك" باللغة الفرنسية، ودورية الأبحاث القانونية بجامعة هارفرد. فالمؤلف الذي يبتوأ الصدارة في طليعة الباحثين في الغرب، يتحدث أربع لغات: الإنجليزية، الفرنسية، الإسبانية، والعربية. الهجمة المضادة للحملة الصليبية جذور هجمات الحادي عشر من سبتمبر وتداعياتها ألَّفه باللغة الفرنسية مُحمدْ محمودْ وَلدْ مُحمَّدُ ترجمه (من الفرنسية) إلى العربية أحمدْ صالحْ احميِّدْ عالم الكتب الحديث Modern Books' World إربد- الأردن 2010 فهرس الكتاب الموضوع الصفحة مدخل تمهيدي الحدث الجلل 3 الفصل الأول الكوماندوز 11 الالتحام 14 محمد عطا 22 مروان الشحي 24 زياد سامر الجرّاح 25 الاندماج 26 التنفيذ 29 وصول الفرق 34 هاني حنجور 35 نواف الحازمي 35 خالد المحظار 36 العنصر العشرون 38 مفاتيح النجاح 46 الفصل الثاني التحضيرات 51 القرارات الأخيرة بأسبانيا 54 التصويبة الأخيرة ب"لاس فيغاس" 56 الفصل الثالث العملية 63 طائرة شركة طيران امريكان آيرلاينز، الرحلة 11 69 طائرة شركة طيران آيرلاينز، الرحلة 175 72 طائرة أمريكان أيرلاينز الرحلة 77 76 طائرة شركة يونايتد أيرلاينز، الرحلة رقم 93 81 المناطق الضبابية 91 فرَضِيَّةُ الضلوع الإسرائيلي المزعوم في العملية 93 الفصل الرابع التأهب لخوض الحرب Bellum seipse alet 99 الامبراطورية تتحرك 106 الفشل الاستخباري الذريع 112 المسألة العراقية 117 الفصل الخامس صدام الحضارات 125 نبوءة البرفسور 128 الحادي عشر من سبتمبر وتأكيد الصِّدَام 135 إضفاء صبغة أكثر راديكالية على التساؤل 144 كشف النقاب عن الغرب 152 الفصل السادس مُحصِّلة كل المخاوف 169 التحلُّل من حقوق الإنسان ودولة القانون 172 قانون "بيتريات" Patriot والإجراءات الاستثنائية 179 الأمريكيون: الضَّحايا الرَّاضَونَ بذلك 182 التعامل مع العدوِّ الوهمي "الجديد" كما لو كان حقيقة 188 الأسلوب الأمريكي والإغراءات الإمبريالية 196 الفصل السابع نهاية الأوهام 205 ردّة الفعل 208 خِيّانة رجال الدين 215 على من يأتي الدور الآن؟ 218 عصر الامبراطورية الأمريكية 225 إصابة الذهن الأمريكي بالجمود، وفقدانه للإحساس 228 التسلسل الزمني للأحداث 241 المصادر ولوائح الكتب التي تم اعتمادها كمراجع 259 أولا : المُؤلفات والمقالات (وِفْقَ الترتيب الأبجدي اللاتيني للأسماء العائلية للمؤلفين) 259 ثانيا : الأفلام الوثائقية 282 لائحة بأسماء الشخصيَّات الواردِ ذكرها في المؤلف 285 (توجد لائحة مكتملة بموزعي إصدارات عالم الكتب الحديث في مؤخرة النص) الأردن: إربد- عالم الكتب الحديث- ش. الجامعة- بجانب البنك الإسلامي- هاتف 96227272272+ فاكس 96227269909+ ص.ب 3469 الرمز البريدي 21110. - عمّان: جدارا للكتاب العالمي- هاتف 0796535399 . - الإمارات- الشارقة: مكتبة الجامعة هاتف 97165726001+ ص. ب 4540. - لبنان- بيروت: دار الكتب العلمية- تلفاكس 804811- 9615804810+ ص. ب (11- 9424). - مصر- القاهرة: مكتبة مدبولي 6 ميدان طلعت حرب- هاتف 5756421- فاكس 5752854. القاهرة: الدار المصرية اللبنانية- 16 عبد الخالق ثروت هاتف 3910250 فاكس 3909618 ص. ب 2022 برقياً دار شادو. القاهرة: دار الوفاء 2 درب الأتراك- الأزهر هاتف 4502813 تلفاكس 4502812. القاهرة- دار الكتاب الحديث 94 شارع عباس العقاد مدينة نصر هاتف 2752990 فاكس 2752992. القاهرة: دار العلوم للنشر والتوزيع هاتف 200576140+ تلفاكس 2025799907+. - السعودية: الرياض: العبيكان- تقاطع طريق الملك فهد مع العروبة هاتف 4654424/4160018 وجميع فروعها في المملكة. جدة: كنوز المعرفة- الشرقية شارع الستين- عمارة أبا الخيل هاتف 6510421- 6514222 فاكس 6516593 ص. ب 30746 جدة 21487. مكة المكرمة: مكتبة إحياء التراث الإسلامي- الزاهر هاتف 5445984 فاكس 5436620. - العراق: بغداد- مكتبة الذاكرة- الأعظمية- مجاور السفارة الهندية هاتف 4257628 تلفاكس 4259987- الثريا 8821621241714+ . - فلسطين- رام الله: دار الشروق- شارع مستشفى رام الله هاتف 97022975632+ فاكس 97022975633+. غزة: مكتبة اليازجي تلفاكس 2867099/ 2835669-8-970+ . - ليبيا: دار الرواد- ذات العماد- برج (4) هاتف 218213350332+. - الكويت: دار العروبة للنشر والتوزيع- النقرة- شارع قتيبة- مقابل مجمع النقرة الشمالي هاتف 2664626 فاكس 2610842. مكتبة ذات السلاسل هاتف 9652466255+. - المغرب: الرباط- مكتبة دار الأمان- زنقة المأمونية- مقابل وزارة العدل هاتف 037723276 فاكس 037200055 . الدار البيضاء: دار الثقافة- 32- 34، شارع فيكتور هيكو- ص. ب: 4038- هاتف 022302375- 022307644- فاكس 0220006511- 022443048. - تونس: مركز الموسوعات والكتاب- نهج أحمد البليلي هاتف 71335829 فاكس 71342124. - الجزائر: أمين للتسويق الدولي للكتاب العلمي والجامعي- تلفاكس 21321773355+ ص. ب 75 حسين داي (16040) الجزائر. الدار الجزائرية المصرية للكتاب تلفاكس 21321541135+ . دار الكتاب للبحث العلمي هاتف 0272994257 الجزائر. دار بهاء الدين للنشر والتزيع- جامعة متوري قسنطينة- عمارة الآداب رقم 18- هاتف وفاكس 0021331904141. دار الوليد للتوثيق- فيلا رقم 05 حي اللوز بن عمران بو مرداس- تلفاكس 21324830310+. دار النهضة الجزائرية- تجزئة ن2- قطعة رقم 93- إدارية الجزائر- هاتف 021353508+. - السودان: الخرطوم- الأستاذ الدكتور عباس محجوب – هاتف 249122468208+- 249912581660+. مقتطفات من الكتاب تتحدث عن القضية الفلسطينية إنَّ المحافظين الجدد محاطون بمثقفين من اليمين، مثل وليام كريستل ، رابرت كاغن ، كارلس كروثامر ، جاشوا موراتشفيك وفرينك غافني ، وهم يستلهمون رؤيتهم العَقَدية من الفيلسوف ليو ستروس ؛ ويشكلون في الأساس تيارا فكريا لبَعْث اليمين الريغيني (نسبة إلى الرئيس الأمريكي الراحل رونالد ريغن). كما أنَّ رؤيتهم نتاج لتحالف معقَّد بين اليهود الموالين لإسرائيل (مثل بول ولفويتز) والمسيحيين الصهاينة (جورج بوش، كارل روف)، والمنهجيين الكنسيين (ديك تشيني)، والبروتستانت المتطرفين (كوندوليزا رايس). والتحالف مع إسرائيل هو في الأساس - بالنسبة لبعضهم - ذو أبعاد توراتية محضة. وهكذا، فإن الدعم الإنجيلي لسياسة بوش المساندة لإسرائيل (بات رابرتسون ، جورج فالويل ، جاري باور) يستند على حجج دينية مفادها أن النبي إبراهيم قد تعهد للشعب اليهودي بأنْ يَستعيد - إلى الأبد- "أرضه الأصلية". فالإنجيليون، وَمِنْ بينهم عقيلة ديك تشيني، يُؤمنون إيمانا جازما بأنّ عوْدة المسيح على الأرض لنْ تتمَّ إلا بعْد أنْ يستكمل الشعب اليهودي إقامة الدولة اليهودية على كامل أراضيها، وعاصمتها القدس." **** في هذه الظرفية، لم يكن مفهوم الحرب الوقائية مُرتَجَلاً، ولم يُتَّخَذْ كمجرد إجراء دِفاعيٍّ صِرْفٍ، بلْ إنَّه - على العكس - يستند على منطق هيمنة كان قد بلغ مرحلة النُّضج إِثْرَ عمليةِ تحضيرٍ طويلة؛ فعندما كان ديك تشيني وزيرا للدفاع في ظل إدارة الرئيس جورج بوش (1988-1992 ) قام - بمساعدة عدد من مستشاريه، من بينهم لوس ليبي (الذي سيشغل فيما بعد مدير ديوان تشيني في ظل إدارة جورج أيتش بوش)، بول ولفويتز وزالماي خاللزاد (وهو حينها الممثل الخاص لإدارة بوش المكلف بالمسائل المتعلقة بالمقاومة العراقية المناهضة لنظام صدام حسين) - بإعداد وثيقة معنونة ب"دليل تخطيط [سياسات] الدفاع " Defense Planning Guidance حيث تضمنت جوانب تَمَّتْ إعادة العمل بمقتضاها في سنة 2002 ضمن خِطَطِ إدارة الرئيس بوش، وأُعِيدتْ برمجتُها من جديد. ومن أبرز النقاط الواردة فيها ضرورة الحفاظ على تفوق القوة الأمريكية عن طريق التحالفات المناسبة بحسب الظروف القائمة([1][1][1]). وفي السياق نفسه كان ريتشرد بيرل Richard Perle، مساعد وزير الدفاع، قد وقع سنة 1996 مع ديفد ورمسر David Wurmser - مساعد وزير الخارجية المكلف بالحد من التسلح - مُذكرة موجهة إلى الوزير الأول الإسرائيلي آنذاك بنيامين نتنياهو، معنونة ب "قطيعة تامة: استراتيجية جديدة لحماية المجال "A Clean Break: A New Strategy for Securing the Realm" يَدْعُو فيها إسرائيل إلى تبنِّي استراتيجية استباقية تجاه الفلسطينيين (لأجل احتواء سوريا، وتقليص دائرة نفوذها). وعلى الرغم من تلك التوجيهات، فإنَّ إدارة بوش كانتْ تبدو مع ذلك - عند تولِّيها السلطة في شهر يناير من سنة 2001 - وكأنها تتَّجه صَوْبَ التوقف عن الانخراط في الصراع الدائر في الشرق الأوسط، والمُراهنة على خلْق ديناميكية جديدة في المنطقة تاركة الأطراف تُواجه بعضها البعض. وبهذه الطريقة، فإنّ الولايات المتحدة - وكما هو واضح - أطلقتْ يدَ إسرائيل، متبنِّيةً في الوقت نفسه سياسة انحياز سلبي يُجيزُ - عَمَلِيًّا - لإسرائيل ما تقوم به من تصرفات. و في مواجهة الفوضى العارمة و الدمويَّة التي ارْتَمى فيها الإسرائيليون والفلسطينيون مع بدْء انتفاضة الأقصى في شهر سبتمبر من سنة 2000، وضع الأمريكيون استراتيجية تقوم على الوساطة عنْ بُعْدٍ، سيتبين بعْدَ أشهر أنها غير فعالة على الإطلاق([2][2][2]). كما أنَّ هذه السياسة الخاصة بالمنطقة لمْ تَعْرفْ قَطُّ في واقع الأمر- ولم يُرَدْ لها ذلك - تحوّل الأمريكيين عن النهج المتَّسِم بالرغبة الجامحة لمعالجة الملف العراقي معالجة نهائية، في أعقاب حرب الخليج الثانية، سنة 1991. إنَّ الولايات المتحدة بمساندة من بريطانيا كانت تخوض حربا مستمرة ضد العراق طيلة العقد الزمني السابق مُشْهِرة في وجهها سيفا مُصَلَّتاً، تَمثَّل بدءً في فرض الحصار الاقتصادي، ثم إقامة مناطق حظر الطيران الجوي، ثم التأثير المباشر على مهام مفتشي نزع التسلح UNSCOM خِدْمة للأهداف الأمريكية([3][3][3]). ***** **** يمْكن اعتبارُ أنّ الغرب كان لغاية الحادي عشر من سبتمبر سنة 2001، على وشك أن يستمرئ واقع الاستغلال الذي يمارسه في حق العالم العربي والإسلامي. فالثمن الذي يتعيَّنُ دفْعُهُ كان زهيدا نِسبيًّا، والمعاملة الجائرة التي تُمارَسُ (في فلسطين وفي العراق) يتم تسويقها في قالَبٍ مُعَقْلَنٍ (إسرائيل دولة ديمقراطية، "صدام حسين يشكل تهديدا")، والنزاعات العربية الداخلية مُستمرة، وفسادُ الحكومات يُكَمِّلُ المشهد. لكنّ ردّة الفعل كانتْ عنيفة. فعلى نحو ما قد يشهد التاريخ مِن أحداث مُسرَّعَةٍ، تَشكَّلَ فجأةً نمطٌ جديد من المعارضة تجاه الغرب. إنَّ الفشل الجليَّ للحكومات العربية في التصرف بصورة شرعية وناجعة - باسم الشعوب العربية، سعْيا لحماية مصالح هذه الأخيرة - وَلَّد حركة ذات حدَّيْن، أفْضَتْ إلى دمقْرطة النضال ضد الغرب المتسلِّط. فالقاعدة اليوم ليستْ سِوى أعراض مُستَفْحلة لتلك الحالة المَرَضِية. وستكون القاعدة مُستقبلا - في بُعْدها العالمي وطابع "الخوصصة" المتَّسِمة به - تلك الحالة المرضية. وكما أشار إلى ذلك المثقف الأمريكي نعوم تشامسكي Noam CHOMSKY، فإنه من النَّادر طرحُ مسألة الدوافع التي أدّتْ إلى هجمات الحادي عشر من سبتمبر. والامتناعُ عن طرْحها بطريقة جِدِّيَّة يَعْنِي - بالأساس - إيثارَ زيادة فرص احتمال حدوث هجمات جديدة.([4][4][4]) ***** وتساءل بعضُ المُعَلِّقين الأمريكيين عنْ ما إذا كان إحداثُ تغييرٍ سياسي في الشرق الأوسط إثْر هجوم إرهابي لا يشير إلى أن المهاجمين حققوا الانتصار. فقدم الصحفي الأمريكي غاري كاميا Gary Kamiya جوابا لذلك. فهوَ يشير إلى أنه "مُنْذُ أَمَدٍ بَعيدٍ جِدًّا، كانت الولايات المتحدة الأمريكية تتظاهر بمظهر مَنْ هو خارج دائرة الصراع ]الدائر بين إسرائيل والعرب] - وَهْيَ ليست مُحايِدةً فيه - إذْ أَنَّهَا تُساند بطريقة غير نَشطةٍ وضعِيَّةً لا يزال فيها الحَنقُ الفلسطينيُّ المكبوت يزداد إلى أنِ انفجر في صورة حالة من العنف بلغتْ حدَّها الأقصى ... فلوْ كان الوضع يتعلق بصراع بين الخير والشرِّ، بين "إسرائيليين خيِّرين" يحاربون ضد العرب الأشرار" من أجل البقاء، فإن قضيةً من هذا النوع، تستحق أن تَجْلِبَ لأمريكا حِقْدَ ملايين الأشخاص. لكنَّ الأمْر ليس كذلك. فلا يُوجد من الأشخاص مَن يُؤْمن بذلك في هذا العالم، باستثناء شريحة من الشعب الإسرائيلي، والحكومة الأمريكية فيما يبدو".([5][5][5]) **** ومِنْ ناحية أخرى فإنَّ كاتب افتتاحية المجلة الفرنسية لبوين Le Point، ومُؤسِّسها، كلود إيمبار Claude Imbert، يُعْلن هو الآخر عنْ كراهيّته للإسلام. وتَبعهُما الكاتب الفرنسي ميشل هويلبك، الذي عبََّرَ عَلَناً عنْ كراهيته المجّانية للإسلام، أيَّامًا قبل الحادي عشر من سبتمبر. (ففي مُؤَلَّفِهِ "المنصّة Plateforme" الذي حقَّقَ أكبر المبيعات في سوق الكتب خلال صيف العام 2001 بفرنسا، كانت الشخصية المحورية في القصة تُوضِّح أنْ لا شيء يُثْلِجُ صدْرها أكثر من عِلْمِهَا عبْر نشرات الأخبار بأنَّ امرأة فلسطينية، مِن المُحبَّذِ أن تكون حاملا، قدْ تمَّ قتلها). وبخصوص المسلمين، فإن الصحفيَّة الأمريكية آن كولتر Ann Coulter ترى "أنه يَلْزَمُ احتلالُ بلدانهم، وقتْلُ قادتهم، وتحويلُهم إلى مسيحيّين".([6][6][8]) هل هذه الشخصيات - الذائعة الصيت لدى الجمهور - تُعبِّر على الملأ عمَّا تُضْمِرهُ أغلبية منافقة؟. الواقع أنّ المهمة المتمثلة في تقديم العرب على أنهم شياطين، من أجل تشريع ممارسة العدوان ضدهم، عَرَفَتْ عَشِيَّة الهجمات على نيويورك وواشنطن نجاحا لَمْ يَكُنْ مُؤَمَّلا، كما يشهد على ذلك انتشارُ المؤلَّفاتِ المُعبِّرةِ تصريحا أوْ بطريقة مُبَطَّنة عن عدائها للإسلام أو العرب. ( وفي تلك الحالة، فلنْ يَتطلَّب الأمرُ تَبْييِنَ أنَّ الأمر هنا يتعلق بحرب قائمة بين الحضارات). كما أن الانحيازَ المُستمِرَّ للسياسة التوسُّعية الإسرائيلية من قِبل الحكومات الغربية وبعض المثقفين الغربيين، وكذا القطيعة القائمة بين العرب (وبين الشعوب العربية وحُكَّامها) وبيْن الولايات المتحدة، قد تصاعدَتْ وتيرتُها منذ الحادي عشر من سبتمبر. وممَّا له مدلول خاص يوْمَنا هذا، عدمُ التصرّفِ (ولاَ حَتَّى تحريك ساكن) حِيَالَ ما تقوم به إسرائيلُ من خَرْقٍ للشرعية الدولية، من ناحية، وما هو مُشاهَدٌ من مظاهر القوة العسكرية الأمريكية، التي يتم استخدامها بشكل شبه حصري ضد العرب والمسلمين، من ناحية أخرى. ففيما يخص النقطة الأولى، لا يتردَّد بعضُ المثقفين في تبرير الاغتيالات والأفعال الإجرامية التي يتم ارتكابُها من قِبَل حكومة شارون.([7][7][9]) يشير الكاتب الأمريكي، جوان ديديون Joan Didion، إلى أنّ الأمريكيين لم يعُدْ بوُسْعِهِمُ الدخولُ في حوارٍ بشأن علاقتهم بإسرائيل [...] بلْ حتَّى أنه لَم يَعُدْ هناك سبيل لإثارة التساؤل المتعلق بمسألة العلاقة ما بين الولايات المتحدة وإسرائيل في جامعة هارفرد Harvard University، لا في نيويورك، ولا في واشنطن. فذلك قد يُفْضي إلى الموت ... إننا نَخْتبيء. إننا نتخفَّى. فنحن نريد أنْ يتمَّ نزعُ فتيلِ المُشْكلِ، في الوقت الذي نكون فيه تحت الحماية في منأىً من الخطر خلف حاجز واقٍ يتمثل في الإساءات الجارحة والإساءات الجارحة المضادة. يَتم التعبيرُ عن الكثير من الآراء. لكنَّ القليل هُمْ مَنْ يُتاحُ لهم بسْطُ أفكارهم. والأقل من ذلك همْ مَن يقومون بتغييرها.([8][8][10]) وعلى الرغم من الاحتجاجات الصادرة عن بعض المثقفين الغربيين مِمَّنْ يتطلَّعون إلى أسلوب يمتاز بالصرامة والصدق، ويشعرون بالعار تجاه "جُبْنِ" حكوماتهم، فإن عجز الغالبية الكاسحة من الدول الغربية - ونحن نقيس كلامنا في مثل هذا التعميم - عن مجابهة الظلم الأمريكي والإسرائيلي يَفْضَحُ أكثَرَ من أيِّ وقت مَضَى نفاقَ كلِّ الصَّرْحِ السياسي والإعلامي والثقافي الغربي، الذي يَكيل بمكيالين عندما يُقْدِمُ على التعبير عن السّخط المصطنع، من منطلق أخلاقي. فقدْ كتبتْ يومِيّةُ لوموند الفرنسية - في سعيها إلى التخفيف من حدّة انتقاد طفيف وُجِّهَ إلى شارون الذي تم وصْفه بأنه "عديم المصداقية" (وهو تعبير مُلَطَّفٌ لا يليق أَلْبَتَّةَ استخدامُه للحديث عن مُجْرم حرب) - أنَّه فيما يتعلق بالهجمات الانتحارية التي شنّها انتحاريون فلسطينيون من البالغين سنَّ الثامنة عشر، فإن "الوسائل تحدِّدُ الغايات، وتلك الوسائل التي يتم استخدامُها في إطار النضال الوطني تُوحِي دائما بتلك الوسائل التي سيتم استخدامُها عندما يتعيَّنُ حكمُ فلسطين كدولةٍ مستقلة". ومن ذا نستشف إلى حدٍّ ما الإيديولوجيا المبطّنة داخل هذا الانتقادات. هل أن مُحَرِّري هذه الافتتاحية([9][9][11]) يُفكرون فعلا في تفنيد شرعية قيام شعب يرزح تحت نَيْرِ الاستعمار باللجوء إلى استخدام القوة؟. فمِنْ بين الملاحم الدموية للإمبريالية، فإن تاريخ حرب التحرير في الجزائر، والوسائل المستخدمة في قمع عمليات النضال الوطني في سبيل التحرُّرِ قد أبَانَتْ لنا، إذن، عن سَوْءة أولئك الذين يستخدمونها. لقد قام مدير صحيفة لوموند Le Monde ، جان ماري كولومباني Jean-Marie Colombani، بإعطاء زخم لهذا الرأي الذي دافعَتْ عنه الصحيفةُ اليوميةُ الباريسية - وذلك بعد مضيّ يومين من صدوره - واصفا الهجمات الفلسطينية بأنها "نذير شُؤْمٍ لمستقبل الشعب الفلسطيني وشكْل الدولة الفلسطينية". ألا يُعَدُّ هذا محاكمة للنوايا؟ (فالحُجَّةُ نفسُها يمكن أيضا أن تنْسحب حرفيًّا على الإسرائيليين أنفُسِهم الذين أُنْجِبتْ دولتُهم في ظل الإرهاب الموجّه ضد البريطانيين وضد الفلسطينيين). فما ذهب إليه كولمباني موغِلٌ في المبالغة، لأنَّ صحيفة واشنطن بوست Washington Post، التي يصْعب أن تُتََّهم بالتعاطف مع الفلسطينيين، كانتْ قد أشارتْ في افتتاحيتها - بعد مرور ثلاثة أيَّام - إلى "أن الإرهاب يُستخدم أحيانا باسم القضايا العادلة. "نحن بِأَسْرِنَا أمريكيون أكثر من الأمريكيين أنفسهم..."([10][10][12]) فمِن خلال تأكيده أنّ الصراع الجديد ذو طبيعة ثقافية، يتوسَّع كولمباني في بسْط رؤيته في كتابه، مُدافعا عنْ كون التضامن مع الولايات المتحدة يبقى جوهريا، ولا يقتصر على البُعد العاطفي وحده. فهذا الحكم التلقائي المتعلق بحتمية التكاتف ما بين أوروبا و الولايات المتحدة يستند على أساس من المعاملة بالمثل تجاه أمريكا التي أبْدَتْ، بعد الحرب العالمية الثانية، شعورا مماثلا من خلال انشغالها بمصير أوروبا. لكنه بالذات، يتعلق أيضا بمجموعة تشترك في منظومة من القيِّم الموحدة؛ فبالطريقة نفسها التي يشعر فيها الملايين من العرب والمسلمين بأنَّهم "بأسْرِهم فلسطينيون" أو أنهم " بأسْرهم عراقيون"، فإن الغربيين همْ "بأسْرهم أمريكيون" وهُمْ "بأسْرهم إسبان". وبعد مرور سنة على هجمات نيويورك وواشنطن، يستمرُّ كولمباني في التشديد على ذلك مِن خلال الإشارة إلى "أننا، لسنوات، كنا أمريكيين بطريقة يطْبَعُها الثباتُ. ونحن لا نزال، وسنبقى كذلك، طالما أن مصير كلِّ منَّا مرتبط بمصير الآخر"([11][11][13]). (إنّه تَجَلٍّ جديدٌ لصراع الحضارات). **** علاوة على تلك البلبلة العامَّة والتَّخبط الناجِمَيْن عن أحداث الحادي عشر من سبتمبر، أخذتْ وسائل الإعلام منذ خريف العام 2001 - بلْ وعددٌ كبير من المثقفين الغربيين أيضا - في تقديم صورة سلبية عن الإسلام والعرب، وذلك بطريقة شبه ممنهجة. يضطلع بهذا الدور في الولايات المتحدة الكثيرُ من الصحفيين والجامعيين، كالصحفية جودث ميلر Judith Miller، والجامعي فؤاد العجمي، لوري ميلروا LaurieMylroie، ميلتون فيورست Milton Viorst ، و برنارد لويس Bernard Lewis. أما في فرنسا، فإن التحاليل يتكفل بإشاعتها برنارد هنري-ليفي Bernard Henry-Lévy، آلان فينكلكرو Alain Finkelkraut، آندرى غلكسمان André Glucksmann، آلكسندر آدلر Alexandre Adler، ميشل تريبالا Michèle Tribalat، بَيَيْر آندرى تاغيف Pierre André Taquieff، آلكسندر دَفالْ Alexandre Del Valle، آليزابت ليفي Elisabeth Lévy، دانيل سيبوني Daniel Sibony، جاك آلين لجي Jack-Alain Léger و باسكال بركنر Pascal Bruckner، ضِمْنَ آخرين. ويَلزَم أن يُذكر في هذا الصدد، أنّه في ظل النظام الجمهوري، كما [هو] الحال في فرنسا مثلا، فإنّ بعض المثقفين والصحفيين الذين يدينون باليهودية - من غير الإسرائيليين - يَدَّعون الموضوعية، وهي صفة لا يُمْكنهم الاتِّصافُ بها بشكل كامل في صراع ذي خلفية عقائدية، فَهُمْ من يُغذِّي حالة التضليل التي أضْحى إخوانهم في المواطنة ضحيَّة لها. فاستغلال المخاوف المتصلة بالإرهاب لأجل التشويش على الأذهان قد سَهَّلَ - منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر - المُهمة التي يضطلع بها آندري غلكسمان وغيْرُهُ، منْ أمثال ألين فينكلكروت (الذي جعل المُمَثِّلة جوليت بينوش Juliette Binoche - مُؤخرا - تَشْعر بالذنب، بسبب التعبير عن إحساسها الصادق، على شاشة إحدى القنوات التلفزيونية الفرنسية). كما أنَّ الحجج التي رَوّجَ لها - خلال التسعينيَّات - الفيلسوفُ برنارد-هنري لَفِي فيما يتعلق ب"الخطر الإسلامي"، وتلك التي ساقها - خلال العشرية الحالية - الكاتبُ آندرى غلكسمان- الذي لا فرق لديْه بين الحرب الإنسانية والحرب ضد الإرهاب([12][12][14]) -، تَنْطوي على خِدَاعٍ مُضَلِّلٍ. ينضاف إليها كذلك النهج المُتعالي المتسلِّط، والمشوب بالإزدراء لهؤلاء المثقفين، هذا النهج الذي يطال حتَّى المجتمعات التي ينتمون إليها. فالنهج الذي يتبعونه يتمثل في "استخدام أسلوب خطابي يأتي في قالب معكوس، يتم صهره في بوتقة، وإخراجه في ثَوْبٍ – مُحافظٍ – جديدٍ.([13][13][15]) فمن خلال التغطية الإعلامية الهائلة المخصصة لهُمْ، يقومون من تلقاء أنفسهم بزرع بذور معاداة السامية، التي لمْ تغادر في واقع الأمر أوروبا على الإطلاق، و التي لا ناقة للعرب فيها ولا جملا. فلئن كانت معاداة السامية قد ظهرت اليوم جزئيا في صفوف شريحة من الشباب من ذوي الأصول المغاربية، ممَّنْ يحسُّون في أعماقهم بالإحباط الحاصل لدى ملايين الفلسطينيين والعراقيين، فإنَّ الأمر يعود إلى أسباب سيَّاسية محضة. فشجْب معاداة الساميّة أمرٌ صائب. لكن التوقف دون تَفحُّص أسباب تلك المعاداة - التي لا علاقة لها بالحياة الاجتماعية، بلْ إنها ذَاتُ طبيعة سياسية بالذات -، ليس كذلك. بلْ إنّ ذلك من قبيل خِداعِ الذَّاتِ. ففرنسا، في هذا الصدد - على غرار ماحدث في الولايات المتحدة، فيما يتعلق بأقلياتها العرقية من ذوي الأصول اللاتينية (التي تعود جذورها لأمريكا اللاتينية)، خلال سبعينيات القرن العشرين - تشْهدُ تحولات ديمغرافية مُتسارعة، بطريقة لمْ تَعُدْ تَسمح لسياستها الخارجية أنْ تُزيح عنْ دائرة الضوْء شريحة هامة من مواطنيها "الجدد"، أَحْرَى أن تتبنى – حصْريًّا - مواقف تعبرُّ عن رأْي شريحة لاَ تُمثل سِوَى أقليَّة. من ناحية أخرى، فإنه من الأمور التي لها دلالة، أن الإسلام هو المستهدف الوحيد بجام الغضب الصَّادر عن هؤلاء الذين يُقَدِّمُون دروسا للغير، وَيُنَصِّبُونَ أنفسهم حُماةً للقيم في وجه "الغُلوّ" الصادر عن الديانات السماوية. فبالنسبة لآلكسندر آدلر، على سبيل المثال، فإنَّ "الكفاح ضد بن لادن، يَبدأ - أوّلا وقبْل كلِّ شيء - تدريجيّا، في كل بلد، وفي كل قرية، لانتزاع الشعب من البُؤْس واليأْس والعنف". مهمة حضارية جديدة ذات بُعدٍ إنسانيٍّ!. (لماذا لا تتجنبون التغطية على الظلم الصارخ، بدلا من عقلنة الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، واحتلال الولايات المتحدة للعراق باستخدام الحُجَّة الصحيحة-الكاذبة [الخادعة] القائمة على غياب الديمقراطية في العالم العربي؟). ويتابع الصحفي آدلر قائلا: "هذا الظهور المباغت لنمط التفكير الغَيْبِيّ البائد، لا يُمْكن القضاء عليه إلا عن طريق ظهور توجُّه سياسي واقعي وقوي، قابل لأنْ يتْبَعَ نهْجًا ديمقراطيا في المناطق الرئيسة بالعالم الإسلامي". فنحن هنا أمام صِيغةٍ لاستراتيجيةٍ امبريالية خاصة بإدارة بوش، هي منْ إفرازٍ أمريكي محْضٍ، تتمثل في فرض حكومات غير منتخبة، تكون بمثابة دُمىً يَتم تحريكُها وفقا للمصالح [الأمريكية]، ليْس إلاًّ. ف"الواقعية السياسية القوية" هي مجرَّدُ شكْلٍ مُعدَّلٍ لصيغة "الدول الإسلامية المعتدلة"، التي كانت تُطْلق في سالف الزمن على "المتعاونين": حامد كرزاي بأفغانستان، إيَّاد علاوي بالعراق مقتطفات من كتاب: الهجمة المضادة للحملة الصليبية جذور هجمات الحادي عشر من سبتمبر وتداعياتها إنَّ المعاملة الجائرة هي تجسيد للشرِّ لدى الإنسان. ابن خلدون، كتاب "واقع العمران البشري" فقرة من مقدمة الكتاب ....لقدْ وَضعت هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 حَدًّا لحالة اللاَّمبالاة التي كانتْ تَعرفها أمريكا، حيث كانتْ - أكثرَ مِن أيِّ وقت مضى في تاريخها - غارقة في الصناعات الترفيهية. وعلى الرغم مِن كل ما قيل وكل ما كُتب بخصوص هذا الحدث، فإنَّ مِن المفارقة أنْ يَظلَّ الرفضُ القويُّ لمواجهة الدوافع الحقيقية لِما حصل مِن أحداث مُسيْطِرا لدى الولايات المتحدة والغرب عموما. لماذا تمَّ - في واقِع الأمر - ارتكابُ هجمات الحادي عشر من سبتمبر؟ لماذا وَقع حادِث مِن هذا القبيل؟ وما الذي دَفع المهاجمين إلى القيام بما فعلوا؟. ما الذي بَلَغ بِشبان مُتعلّمين، - مِن أوساط برجوازية عربية، يَتحدثون لغات مُتعددة، ويَعيشون حياة عصرية مكَّنتْهمْ مِن التعرُّف على العديد من البيئات والثقافات - حدّا جعلهم يأخذون في التحضير الدقيق لهجمات انتحارية من هذا النوع؟ ما الحوافز التي دفَعتهمْ إلى هذه الدرجة من الإقدام ورباطة الجأش؟ ولماذا كانوا على استعداد كامل للتضحية بأرواحهم؟. لقد تَم طرْح التّساؤُل عمّا دفع إلى القيَّام بذلك (وإن كان الجواب على هذا التساؤل ستقدِّمُه اعترافاتُ مُدبِّري العملية أنفسهم)، وكيْف حدَث؛ بَيْدَ أنّه لَم يَتمَّ القيام بوقفة تأمُّل ومراجعة للذات، لمعرفة "دوافع" هذا التصرف. وعلى الرَّغم مِن أنَّ الإجابة على هذا التساؤل أمْر بَدَهِي بالنسبة للإنسان العادي - العربي أو المسلم - فإنّ السؤال بِحدِّ ذاته ظلَّ على الدَّوام بدون إجابة في الولايات المتحدة؛ إذْ يَتمُّ - عنْ قصْد - إبعادُه عن دائرة النقاش المسموح به، ممّا جعله في الغرب موْضع إبعادٍ وكبْتٍ جماعي. هكذا، غدا الاهتمامُ الكبير بدوافع الهجماتِ مِمَّا يُصَنَّفُ في عِداد الأنشطة الثقافية المثيرة للريبة. وكما ذكر الرّاحل أَدْورد سعيد: "قدْ يكون - اليَوْمَ - أقلُّ رأْيٍ حُظْوةً في القبول لدى الرأي العام، هو ذلك الذي يُشير إلى وُجود دَوافع تاريخية جلبَتْ للولايات المتحدة - بوَصْفها فاعلا دوليا رئيسا - هذا النوع من الكراهية بسبب تصرفاتها. فالموْقف السائد اليوْم هُو أنَّه لا تَسامح ولا اهْتمام بِأيِّ رأْيٍ يُقلِّلُ منْ شأْن الهجماتِ أوْ يَسْعَى إلى استجلاء أسبابها، بلْ وحتى التساؤل عنْها بشكلٍ عقْلاني"([1]). لِماذا وقعتْ، إذنْ، أحداث الحادي عشر مِن سبتمبر؟ تكمن الإجابة أساسا في وجود شعور عميق بالظلم يُحسّه يوميا ملايين العرب والمسلمين في قرارة أنفسهم، حيال سلوك وتصرفات الولايات المتحدة والغرب تجاههم. فالمسألة لا تَنْبعُ مِنْ الأصوليّة الإسلامية أوْ التعصب الديني أو الفقر، ولا مِن غياب الديمقراطية في العالم العربي؛ إنمَّا تعُود في المقام الأول إلى الشعور بالظلم، والتعطش إلى المعاملة العادلة المنْصفة. ومَردُّ هذا الشعور تحديدا هو تلك الممارسات الجائرة التي لا تتوقف، و المتمثلة أساسا - ولكنْ بشكل غيْر حصْريٍّ- في الدَّعم اللامشروط لدولة إسرائيل القائمة على النهْب والاغتصاب. ومِما يجْدر التذكير به هنا أنَّ تفوّق الولايات المتحدة ليْس هو الذي يُغذِّي هذا الشعور بالغيْظ، بل المسؤول عن ذلك هو سياسة الدولة الأمريكية وما يطْبعها مِن هيمنة، لأنَّ التفوق الأمريكي أمْر واقعيٌّ لا يمكن التشكيك فيه أوِ الاعتراض عليه. يُضاف إلى ذلك أنَّ الخوْف بسبب جسامة الحدث وطابعه الاستثنائي يُلْزِمُ اعتمادَ الصِّدْق في الكشف عن حقيقته. ما الذي يَجْعل الغرب يتهرّب من استجلاء دوافع هجمات الحادي عشر من سبتمبر؟ هلْ هوَ تخوُّفُه مِن مواجهة كُرْهه للإسلام، وما جلبه على نفسه من ضغينة لقاء ذلك؟ أمْ أنَّ استراتيجيات التهرُّبِ تلك تحمل إيثارا للنسيان، ورفْضا لِمُواجهة جرائم الاستعمار وما اقترفتْه يداهُ في حق المسلمين، ماضيًّا وحاضرا؟ أمْ هُوَ الخوْف مِن الإقرار بهشاشة رغَد عيش العالم المعاصر مِن مدريد إلى نيويورك، وبنسبيِّة التطمينات التي يَرْكنُ إليها؟. الكثير من الأمريكيين والأوروبيين صرّحوا في أعقاب هجمات نيويورك وواشنطن: إنَّ منْ ارتكبوا هذه الأعمال "يَكْرهون نَمَطَ حياتِنا". ولكنْ هلْ لهذه التأكيدات، في الواقع، منْ معنى؟ ليْس هناك أيُّ عربي يكره نمط الحياة الغربية لدرجة ارتكاب هجمات انتحارية مِن هذا القبيل، لأنَّ الطَّعْن في هذا النهج أمْر لا يهمُّه بالأساس، حتى لَو اختار العيش وفق هذا النهج. ومع ذلك، فإنَّ الأغلبية الساحقة مِن المسلمين، ليسوا بحاجة إلى إشراقات إلهية أوْ أطْياف شيطانية لِيُحسّوا بالمرارة مِن الهيمنة الأمريكية-الإسرائيلية، إلى حدِّ تصوُّرِ إمكانية القيام بِردة فعل عنيفة تجاه الولايات المتحدة. وفي ظل وضْعية الاحتلال العسكري للعراق، ازدادتْ حِدَّةُ هذا الإحساس وضراوتُه. إنّ الرَّغبة الجماعية في الثأْرِ تُشكِّلُ في واقع الأمر حافزا قويًّا (كما كان الحال بالنسبة للأمريكيين غَداة الحادي عشر من سبتمبر، رغْم أنَّهُم أخْطأوا الهدف بخوض الحرب ضد العراق)، وشُعورُ المسلمين بأنّهمْ ضحيَّة ليْسَ مِن قبيل الأسطورة على الإطْلاق. إنَّه - على العكس من ذلك - يُشَكّلُ واقعا مريرا بالنسبة لعدد كبير جِدًّا من العرب والمسلمين الذين سُلبوا ما كان لديْهم. وبالرغم مِن ذلك، لا يزال يسْتعصي على الكثير من الأمريكيين تصوُّرُ أنْ تكُون لعمليات الحادي عشر من سبتمبر دوافع أُخرى غير التعصب الديني. وفي مثل هذا السياق، يُشكّل هذا الكتاب مصدرا للمعلومات المتعلقة بأحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، و وَسيلةً للتفكير في أسبابها وآثارها. والقيامُ بتحريات حوْل هجمات الحادي عشر من سبتمبر، وفَهْمُ مدلولاتها، والتفكيرُ في تبعاتها، مِن الأهمية بمكان، لسببيْن اثنيْن على الأقل. فمِن جهة: يُشكِّلُ استهدافُ نيويورك وواشنطن في واقع الأمر حدثا تاريخيا رئيسا في النظام الدولي، وبالأخصِّ في مجال العلاقات بيْن ما سَيُطْلَقُ عليه - دون تهرّب- العالمان الغربي والإسلامي. فالهجمات شكّلت في حد ذاتها - دونما مبالغة - "الحدث الأبْرز"، أوْ لِنَقُل: إنَّها "أُمّ الأحداث"، أو ْالحدث "الخالص" الذي يَخْتزل بداخله كل الأحداث التي لَم يُكتبْ لها قط أنْ تحدثْ من قبلُ([2]). بتعبير أدقّ، تُشكل الهجمات "أوَّل حدث بارز في فترة ما بعد الاستعمار". لقد كانتْ القوى الإمبريالية - وِفْق المنطق الاستعماري - تَخوض - بعيدا عنْ مجالها الترابي، وأحيانا بالوكالة - حروبا يكُون العالم الثالث وقودها. ووِفْق المنطق السائد في فترة ما بعد الاستعمار، صار المُخْضَعونَ بالأمسِ اليومَ فاعلين، حتّى لو اقتضى الأمرُ منْهم الاغتراب - على نحو ما حصل في نيويورك - لِخوْض معركة مضادة في قلب العالم الغربي([3]). يَجْدرُ التنبيه إلى أنَّ عملية الحادي عشر من سبتمبر تُمثِّل أَول مَرّة تُسْتهدف فيها الولايات المتحدة بهجْمة على أراضيها منذ حرب 1812، عندما عاثتْ القُوات البريطانية فسادا في مدينة واشنطن، وأَشْعلت النار في البيت الأبيض ومقر الكونغرس، مُجْبِرة الرئيس جيمس ماديسون James Madison وأعْضاء الكونغرس على الفِرار من المدينة. مقتطفات من الجزء الأول من الكتاب *** لقد كان المخطط الذي أعدَّه الدكتور الظواهري، مُنْذ البداية يَسيرُ وِفْقَ عِدَّة مُستويات مُتداخلة، لكنَّها مُتوازية ومُعَدَّة بحيث تبْقى المجموعات مُستقلة عن بعضها البعض حتى تحين اللحظات التي سيكون فيها التحامها ضروريا: في الفترة التي ستكون فيها مجموعة مِن الملاّحين بصدد متابعة تكوينها في الولايات المتحدة (بولايتي فلوريدا وأريزونا)، على إثْر ما جُمِع من معطيات من قِبَل مُستكشفين، فستتابع مجموعة ثالثة مِن "الجنود" تكوينا ذا طبيعة عسكرية في أفغانستان. إثْر التئام فرعَيْ الكوماندوز، فإنَّهما سيتوزعان من جديد، لكنْ إلى أرْبع (4) فرق هذه المرة، كلّ فرقة تتألف من خمسة (5) أعضاء، يُديرها رئيس واحد (محمد عطا، مروان الشحِّي، وزياد الجرَّاح وهاني حنجور). يُضاف إلى ذلك قائد للعملية مُكَلَّف بالتنسيق العام (محمد عطا)، يُؤازره أحد أعضاء الكوماندوز (نواف الحازمي). محمد عطا وُلد محمد الأمير عوَّاد الساجد عطا في فاتح سبتمبر من سنة 1968 بكفر الشيخ شمال القاهرة بمصر، في كَنَفِ أُسرة برجوازية من القاهرة. عمل والده، محمد الأمير عطا، محاميًّا مُعْتَمَدًا لدى محاكم القاهرة. أمَّا أُخْتاهُ فَإحداهما دكتورة في الطب، والأخرى أستاذة في علوم الحيوان. دَرس محمد عطا بكلية الهندسة في جامعة القاهرة في الفترة ما بين سنة 1985 وسنة 1990، وحصل على دبلوم في الهندسة المعمارية، ثُمَّ تابع بعد ذلك دروسا في اللغة الإنجليزية بالجامعة الأمريكية في القاهرة. وفي أعقاب دورة تدريب لدى شركة ألمانية عاملة في مجال الهندسة المعمارية - بلانكونتور Plankontor- وصَل هذا الفتى إلى مدينة هامبرغ في الرابع والعشرين من يوليو سنة 1992، وهُو في سن الرابعة والعشرين (24). وفي شهر أكتوبر من سنة 1992، قام بالانتساب إلى برنامج حوْل التهيئة الحضرية بجامعة هامبرغ-هاربرغ التقنية (تكنسشي يونيفرسيتاس المعروفة اختصارا ب تَهْ Technische Universitat Hamburg-Harburg, TUHH ) - حيث كان يُعْرف باسم محمد الأمير- وبدأ دراسته بتاريخ الثالث والعشرين من شهر نوفمبر الموالي. استأْجر عطا في البداية غرفة لدَى رجل وقرينته - وهما أستاذان ألمانيَّان - وعمل، ابتداء من فاتح ديسمبر، في وظيفة ذات دوام جزئي - بشركة بلانكونتور في هامبرغ "آلتونا" Hambourg-Altona - بوَصفه مُصمِّما صناعيا ( حيث كان يتقاضى مُرتَّبا شهْريًّا بمقدار ألف وسبعمائة [1700] مارك) تحْتَ إشراف المُهندس المعماري الرئيس جورغ لوين Jörg W. Lewin. ثُمَّ أجَّر لاحقا غرفة في النُّزُل الجامعي ب "آم سنتامشاوس Am Centrumshaus. كان الفتى المصري يَتردَّدُ بانتظام على مسجد القدس الواقع على شارع ستيندام Staindamm بحي سانت جورج Saint-George. قام في سنة 1995 بأداء مناسك الحج بمكة. وفي شهر أغسطس من السنة نفسها قَدِمَ إلى القاهرة لِدِراسة أنْظمة الحماية الخاصة بمدينة القاهرة العتيقة، كما سافر كذلك إلى تركيا. وخلال هذه الرحلة، صرَّح لأحد رفقائه الألمان، رالف بوندستين Ralph Bodenstein، بمُعارضته للحكومة المصرية. ثُمَّ تَوارَى عن الأنْظار خلال صيف عام 1997، طيلة أشهر كثيرة. ومِن المُرجَّحِ أنّه كان بمدينة قندهار في أفغانستان، بمركز التدريب التابع للقاعدة المعروف ب "بيت الْغُمَّد" ( نسبة إلى قبيلة الغُمَّد السعودية التي يَنتمي إليْها الكثير من المُنْتَسِبين لِتنْظيم القاعدة). ولدَى عودته إلى هامبرغ، في شهر أكتوبر من سنة 1998، استأنف عطا عمله بالحماس نفسه، حسب أساتذته، لكنْ مع مزيد من التحفظ والانعزال. وبعْد مُضِيّ شهر على ذلك، أقام مع سعيد بهاجي ورمزي بن شيبه، في الطابق الثاني مِن المبنى رقم أربع و عشرين (24) على شارع مارينستراس Marienstrasse، في الضاحية الجنوبية لمدينة هامبرغ. أقام الرفاق الثلاثة في شقة مِن غرفتين مساحة كل منهما ستون (60) مِتْرا مربعا، وسينضمُّ إليْهِمْ لاحقا مروان الشحِّي وزكريا الصبار. تمَّ استئجار هذه الشقة لدى الوكيل العقاري تورستن آلبرشت Torsten Albrecht الذي سيصف عطا لاحقا، بأنه "المستأجِر المثالي". كُلُّ منْ عَرَفُوا عطا يَشهدون، في واقع الأمر، لهذا الشاب بسعْيه الدؤوب إلى تحقيق الامتياز في جميع أنشطته، وهي سِمَةٌ ستُشكِّل أَحَد مفاتيح نجاح عملية الحادي عشر من سبتمبر. لقدْ كان يتميز بدقة كبيرة في أداء أعماله، وكان نشِطا في الجامعة إذْ أسَّس بها النادي الإسلامي للكلية (وأبْقى فيها البريد الإلكتروني: [email protected] وشارك في ملتقيات حول التخطيط الحضري في الدول السائرة في طريق النموِّ، حيث قَدَّم عُروضا، اعتُبرتْ ذات قَدْرٍ كبير من البلاغة([14]). وفي سنة 1999، ناقش أطْروحة دكتوراه حول التجديد الحضري في المدن الإسلامية القديمة ونال حسب المدير المشرف، السيد ديتمار ماشول Dittmar Machule، أسْمَى علامة مُمْكنة. لقد ترك المهندس المصري بهذه الطريقة بصمته على العملية من خلال مجموعة من التماثلات، حيث اشترى تذكرته في يوم عيد ميلاده، وتولَّى بنفسه قيادة طائرة الرحلة "أ أ11" في 11 سبتمبر مستهدفا البرجين التوأمين؛ وهي أهداف ورحلات وتواريخ كانت بمحض اختيار منه. وفي معرض رَدِّه على السؤال حوْل ما إذا كان عطا ينزع إلى الامتياز، يجيب المشرف على أطروحته، الألماني ديتمار ماشيل Dittmar Machule، الذي عرفه خلال سبع (7) سنوات: " أجلْ ، بالتأكيد المُطْلَق، بالتأكيد المطلق، بوسعي أن أؤكد على ذلك، لقد كان ينزع إلى الامتياز، أجل، أجل، بوسعي التأكيد على ذلك". راجع الأفلام الوثائقية داي تودس بيلوترى داس لبن در آتنتاتر فان نيويورك (قبطان الموت) Die Todespilotere Das Leben der Attentäter von New York إخراج تامس برندت Thomas Berndt، جوشن غرابرت Jochen Graebert، ستفان بوشن Stefan Buchen وكريستوف مستماتشر Christoph Mestmacher، الذي بُثَّ سنة 2002 على القناة الألمانية الفرنسية آرتا Arte، وبرنامج فرانت لاين: بداخل الشبكة الإرهابية Frontline : Inside the Terror Network، من إخراج بن لوترمان Ben Loeterman، الذي بُثَّ في الولايات المتحدة على قناة "ببلك برود كاستينغ سرفس" Public Broadcasting Service (PBS) في شهر نوفمبر من العام 2001. ...... مروان الشحي ..... القرارات الأخيرة بأسبانيا في شهر يونيو من سنة 2001، انعقد اجتماع مُهم في تاراغونس Tarragonés بمنطقة كاتالونا Cataluña تمخَّض عنه اتفاقُ أعضاء الفريق على أنَّ محمد عطا هوَ مَن سيقرِّر تاريخ العملية والمواقع المستهدفة بها، وأنه سيبلغ رفاقه بذلك، وبالطرق التي يختارها. شارك في هذا الاجتماع الدولي الأخير، فضلا عن المصري، زياد الجراح، مروان الشحِّي، رمزي بن شيبه، وشخصان آخران، قد يكون من ضمنهم سعيد بهاجي. وفي السابع من يوليو - ثمانية أسابيع قبل العملية - سافر عطا مِن ميامي مُتِّجها إلى مدريد Madrid مرورا بزيوريخ Zurich. ووصل إلى إسبانيا في اليوْم الموالي عند الساعة الرابعة وعشرين دقيقة مَساءً، ومكث خمس ساعات بمطار مدريد باراخاس Madrid Barajas. وبعد استعماله لكمبيوتر مُخصَّص لاستخدام الجمهور، توجَّه - حوالي الساعة التاسعة والربع - إلى وكالة سفريات فياخس أيرا Viajes Aira الواقعة في باحة المطار؛ حيث استأجر غرفة بفندق ديانا كازادورا Diana Cazadora (كان قد أقام به منْ قبْل في الرابع من يناير). والتقى هناك، بشخص يحْمل جواز سفر أيرلندي يَستخدم الاسم العائلي "إقبال أفضل أدمات". أقام الاثنان بالفندق المقابل للمطار حيث أجْريا اتصالات هاتفية بهامبرغ Hambourg وَ مانشستر Manchester . استخدم عطا اسم محمد الأمير عواد السيد ونزل بالغرفة رقم 111، في حين كان رفيقه في الغرفة رقم 109. وفي اليوم التالي قام عطا باستئجار سيَّارة مِن طراز هونداي (تحْمل الرقم التسلسلي بِي أَيْتْشْ أَف 5315BHF # (Hyundai وقَطع بها مسافة تناهز ألفي (2.000) كيلومتر، ثُمَّ سلكَ الطريق السريع ن2 Highway N-II قاصدا تاراغونس في شمال شرق إسبانيا، على بُعد عدة كيلومترات من مدينة سالو Salu على شاطئ البحر الأبيض المتوسط. (لَم يكن اختيار هذه المنطقة من إسبانيا من قبيل الصدفة، إذْ يبدو أنّ الشبكات الإسلامية أصبحتْ تستخدمها منذ سنوات عديدة، لعبور الأموال وتنظيم اللقاءات). نزل عطا بفندق سان جوردي San Jordi مُستخدما اسم محمد الأمير وأقام بالغرفة رقم 206. وفي ذلك الوقت، وصل رمزي بن شيبه في التاسع من يوليو، إلى مطار رويس Reusقُرْبَ سالو Salu، قادما من هامبرغ. قدِمَ إلى فندق مونيكا دي كامبريلس Monica de Cambrils حيث مُنِعَ - في باديء الأمر - من الحصول على غرفة، قبْل أن يعود إليه في الساعة العاشرة والنصف مساء رفقة شخص آخر، وقبِلَ أصحابُ الفندق إيواءه هذه المرة. وفي صبيحة اليوم التالي، غادر الاثنان الفندق عند الساعة التاسعة صباحا. وحضر المشاركون الآخرون في الاجتماع، ونزلوا في فنادق متفرقة في المدينة([15]). بقدْر ما يمكن اعتبار اجتماع كوالا لامبور بمثابة نقطة البدْء لانطلاقة عمليات الحادي عشر من سبتمبر، فإن لقاء تاراغونس يبدو كما لوْ كان بمثابة الاجتماع الخاص بالتحضيرات الأخيرة. وهذان اللقاءان ربما يكونان المرَّتَيْن الوحيدتَيْن الَّلتيْن تتقابل فيهما الخلية التي يُديرها عطا وجهاً لوجهٍ مع رُعاتها من القاعدة، أوْ - على الأقل - ممثليهم بأوربا وآسيا.([16]) بِما أنَّ تحضيرات العملية كانت في مراحل مُتقدمة، فما ذا عَسَى أنْ يكون - إذا - جدْول أعمال هذا اللقاء بتاراغونس؟ هلْ كان الأمر يتعلق بتحديد تاريخ الهجمات وتعْيِين المواقع التي سيتم استهدافها؟ هلْ كانتْ هناك ثغرات يَتعيَّن سدُّها؟. اتّفق المشاركون على نقطتين رئيستين: التضامن التَّام إلى آخر المطاف، وأنّ عطا وحْدَهُ هُو مَنْ سيُحدِّد بمفرده تاريخ العملية والمواقع التي سيتم استهدافها.([17]) وفي الأيام القليلة اللاحقة على ذلك، قدِم عطا إلى وكالة سفريات بتاراغونس لحجز تذكرة العوْدة إلى ميامي بتاريخ التاسع عشر من يوليو (تاراغونس - مدريد - برلين - أتلانتا على متن الخطوط الجوية لشركة دَلْتَا). مكثَ الأيام الثلاثة الأخيرة من إقامته (التي دامت اثني عشر [12] يوما) بفندق كازابلانكا بلايا Casablanca Playaوفندق هوستال مانستانت Hostal Monstant بمدينة سالو([18]). وفي السادس عشر من يوليو، عاد بن شيبه إلى هامبرغ على متن رحلة في طائرة مُؤجرَة، قادمة من مطار رويس Reus. وبعْد أسابيع، وقبْل الهجمات بستة (6) أيَّام على التحديد، سيغادر ألمانيا مرورا بمدريد ثم يتوجه إلى أفغانستان، ثُم باكستان، حيث سيتم توقيفه بعد سنة من ذلك، في يوم الحادي عشر من سبتمبر سنة 2002، بمدينة كاراتشي. التصويبة الأخيرة لدَى عوْدته إلى الولايات المتحدة الأمريكية، عكَفَ عطا على تنظيم لقاء يَهْدف إلى إبلاغ كل أعضاء الكوماندوز بالقرارات التي تم اتخاذها أخيرا بتاراغون. وتفاديًّا لإثارة أيِّ نوْع من الرِّيبة حِيالَ تجمُّعٍ يقيمه عِدَّةُ شُبَّانٍ عرب، يخوضون في نِقاشات خطيرة وحيّة، قام المهندس المِصري باستدعاء كبار معاونيه- مروان الشحي، زياد الجراح، هاني حنجور، خالد المحظار، ونوّاف الحازمي إلى عُمْق أمريكا الماجن: لاس فيغس Las Vegas. ففي الثالث عشر من أغسطس، سافر عطا جوًّا إلى ولاية نيفادا Nevada وأقام بالغرفة رقم 122 بأحد نُزُلِ أيكونو لودج Econo Lodge Motel على الشارع الرئيسي الجنوبي للاس فيغس. وكان قد أقام بالفندق نفسه في التاسع والعشرين من يونيو السابق على ذلك التاريخ بالغرفة 22، خلال رحلة قصيرة في إطار مهمة تتعلق بتحديد المواقع. (يبدو أن نمط الترتيب الذي سار عليه عطا كان يتمثل - بطريقة ممنهجة - في القيام برحلات ذات طبيعة استكشافية سابقة على كل مرحلة من المراحل المهمة، فهذا ما قام به حين حلَّ بإسبانيا قبل اجتماع "تاراغونس"، وفي "لاس فيغس" قبل اجتماع أغسطس، وفي مدينة بورتلند Portland بولاية مَيْن Maine قبْل أنْ يقْضي بها الليلة الأخيرة في العاشر من سبتمبر).([19]) .......اجتمعتْ إذا مجموعة من الفريق، ثلاثة أسابيع قبْل الهجمات، في "لاس فيغس"، للاتفاق على الخطوات الأخيرة، المتعلقة بالحجوزات وشراء التذاكر، والتواصل، والتنسيق المتعلق بمواعيد الالتقاء قُرْب المطارات عَشيّة الهجمات، وطُرُق صعود الطائرات، والظروف التي يُمْكن أنْ تُؤَدّي إلى إجهاض العملية. (هلْ ساهم توقيف زكريا موسوي، ثلاثة أيام بعد اجتماع لاس فيغس، في تسريع وتيرة الأحداث؟ لا شيْءَ أقل يقينا من ذلك.) وعُقد اجتماع آخر قبل "اليوم المشهود" باثني عشر (12) يوما، لكن هذه المرة في جنوب فلوريدا. وفي يوم الخامس والعشرين من أغسطس، أقام عطا مع مهنّد الشهري بفندق بانثر (نُزُلُ النِّمْر) Panther Motel بمدينة ديرفيلدبيتش Deerfield Beach (شاطئ مَيْدان الغِزْلان). وكان هناك أيضا الأَخَوان من عائلة الشهري، وكذا سطام السقامي. اجتمعتْ المجموعة مِن جديد بالنُّزُل. أكانَ ذلك هذه المرة علامة على الاضطراب؟ لقد عيلَ صبْرُ المتآمرين إزاء مُقدِّمي الخدمات بالفندق، وهو ما قدْ يُسهِّلُ كشف أمرهم. اعتبر محمد عطا أنَّ أداء خط التوصيل الهاتفي الموجود بغُرفتهم غيرُ مُرْضٍ، وطلب استبداله بخطوط ربْط أكثر فعالية. لقد قام بإبلاغ مُسيِّر الفندق بأنه ورِفَاقَهُ سيتلقَّوْن "أطنانا من المراسلات الإلكترونية". غيْر أنَّ العاملين في خدمات الاستقبال أبْطؤوا في القيام بما هو ضروري لتصحيح الوضع. عادَ عطا مُجَدَّدًا للْمُسيِّرِ وشرَح له بنبرة ساخطة، أنَّه يُضيعُ عليهم الوقت، وأنَّ لديهم "مهمة يتعين إنجازها". لكنَّ عطا توقف فجْأة عن الاستمرار في الحديث عندما سأله المسيِّرُ بنبرة لا تخلو من دعابة، عن ما إذا كان لهذه المهمة "صلة ما بالإسلام"!. عندها.... ....صرَّح الجرّاح الحائز على تأشيرة أمريكية نافذة الصلاحية بأنَّه قُبطان طائرة يُقيم مؤقتا بالولايات المتحدة الأمريكية. عاد اللبناني إلى الولايات المتحدة في الخامس والعشرين من فبراير، قبْل أنْ يُغادر مِن جديد، ويعود إلى فلوريدا في الثالث عشر من إبريل. واستقر هذه المرة، ببلدة صغيرة بضواحي مدينة هوليوود Hollywood الواقعة جنوب مدينة فورت لورديل Fort Lauredale، حيث استأجر شقة بمبلغ مائة وخمسة وستين (165) دولارا للأسبوع، أقام فيها لغاية الثاني والعشرين من يونيو الموالي. وفي السابع مِن مايو، قام الجرّاح بالاشتراك في دروس تتعلق بفعاليات رياضية خاصة بالدفاع عن النفس Self-defense، بأحد نوادي اللياقة البدنية يُطْلق عليه "كِلَبْ يُو أَسْ رقم 1 US-l fitness club" بمدينة دانيا بيتش Dania Beach على مَقْربة من مدينة ميامي Miami. لقد علَّمه المُدرب ومالك المركز، "برت رودريغيز" Bert Rodriguez، العديد من تقنيات المصارعة (خصوصا ما يتعلق منها بالضربة القاضية مِن خلال الهجمة المُباغتة على الأوداج). واستمر الجرّاح في متابعة هذا البرنامج التدريبي الذي كان يَتم مرتين في الأسبوع (بمقدار تسعين دقيقة للجلسة الصباحية) لغاية السابع من سبتمبر. انْبهر رودريغيز بالقُدرات القتالية للجرّاح، لدرجة أنّه عَرض عليه التقدم للمشاركة في منافسات رياضة الملاكمة المصحوبة بالرَّكل Kickboxing، وهو ما سيرفضه هذا الأخير. وفي شهر يناير حطَّ هذا الأخير الرِّحال بلورديل المطلة على البحر Lauderdale-by-the-sea في جنوب ولاية فلوريدا، في دائرة (مقاطعة) برووُرْدْ Broward County على مقربة من بوابة الخروج من الطريق السريع آيْ 95Highway, Exit I-95 على طريق بوغينفيل Bougainville. وهناك العنصر العشرون لمَّا أصبح تخلف رمزي عن اللحاق برفاقه في الولايات المتحدة الأمريكية أمرا بَدَهيًّا - بعْد أنْ قوبل طلبه لتأشيرة الدخول إلى الأراضي الأمريكية بالرَّفض أربع مرات - فلرُبَّما كان تفكير العقل المدبر للعملية محمد عطا، بالتشاور مع ابن شيبه، قد أدَّى به إلى اختيار زكريا موسوي بديلا عن بن شيبه. فالواقع أنّ الحلَّ المتمثل في استبدال أحد عناصر الكوماندوز قد تمَّ التعويل عليه منذ نهاية سنة 2000، عنْدما حلَّ بن شيبه بلندن قادما من هامبرغ، في الفترة ما بين الثاني والتاسع من ديسمبر للالتقاء بموسوي. منْ هُوَ زكريا موسوي الذي كان قابعا يوم الحادي عشر من سبتمبر سنة 2001 في أحد السجون بمقاطعة شلبورن Shelburne County بولاية بنسلفانيا Pensylvania؟.([20]) وُلد هذا الفرنسي سنة 1968 بسانت جان دي لوز في بلاد الباسك Saint-Jean-de-Luz (Pays Basque) . وهو ابن لِمُهَاجِرَيْنِ مَغْربيَّيْن. وقد قضى طفولته بفرنسا في وسط متواضع. يَذكر أخوه - الذي عاش معه لغاية سن الرابعة والعشرين - أنَّ أسرة الموسوي عانتْ كثيرا من العنصرية بفرنسا. علاوة على ذلك، "لم تكن أُمُّه مرتاحة لهويتها". فقد حرصتْ على تربية أطفالها بحيث يتاح لهم أدنى حدٍّ ممْكن من التواصل مع الجالية المسلمة([21]). غادر الموسوي فرنسا في نهاية سنة 1991 و بحوزته خمسة وعشرون ألف (25.000) فرنك فرنسي من المُدَّخرات بجيبه. أقام بلندن والتحق بجامعة ساوث بنك London South Bank University، حيث حصل منها، بعد ثلاث سنوات، على شهادة في التجارة الدولية. وعلى غِرار الكثير من أبناء المهاجرين المغاربة في فرنسا ممَّن اكتشفوا هوِيتهم الدينية بصورة متأخرة، فإنَّ مُوسوي كان يتردّدُ على الأوساط الإسلامية دون تَبَصُّرٍ كبير. ففي لندن، كان يتردد على مسجد فينسبري بارْك Finsbury Park Mosque حيث التقى بناشطين إسلاميين. سافر موسوي، إثر ذلك، إلى الشيشان سنة 1996، ثم أفغانستان عامي 1998 و1999. ومِن المحتمل أيضا أنْ يكون قد حلَّ بباكستان وماليزيا في سنة 2000. وهناك احتمال قوي، أنْ يكون قد تلقَّى، خلال رحلته إلى أفغانستان في العام 1998، تكوينا بأحد مخيمات التدريب في قندهار وجلال أباد. وفي كل الأحوال، فإنَّ هذا ما وَردَ من معلومات عنْ وكالات الاستخبارات الفرنسية العاملة في مجال مكافحة التجسس، وهوَ ما سيقومون آنذاك بإبلاغه لنظرائهم الأمريكيين([22]). ولكِنْ تبقى الشكوك - مع ذلك - قائمة في شأْن ما إذا كان موسوي من بين أعضاء فريق عطا، أمْ أنَّه كان بصدد التحضير لعملية موازية؟. فيبدو - على سبيل المثال - أنَّ هذا الفرنسي كان بالأْحرى مُهتما بطائرات البوينغ من طراز 747 المستخدمة في الرَّحلات الطويلة، والتي نادرا ما يتم استخدامها في الرحلات الداخلية بالولايات المتحدة. وبعْد أنْ تسلَّم مبلغا من المال منْ بن شيبه حين جاء لزيارته، سافر موسوي من جديد إلى أفغانستان، وذلك في الفترة ما بين التاسع من ديسمبر لغاية السابع من فبراير الموالي. وبعْد مضيِّ أيام، وصل بتاريخ الثالث والعشرين من فبراير إلى شيكاغو، قادما من لندن، حاملا جواز سفر فرنسي (رقم "أ" "إي"27016 Passport # AE27016)، وحائزا على تأشيرة دخول للأراضي الأمريكية تمَّ الحصولُ عليها في باكستان، وبحوزته مبلغ خمسة وثلاثين ألف [35.000] دولار ( حرَصَ على التصريح بها لسلطات الجمارك الأمريكية). توَجه موسوي إلى .... وبسبب استيائه من التكوين الذي ظلَّ يتلقاه منذ 26 من فبراير بمدرسة الطيران لتكوين الملاَّحين Airman Flight School، قام في الثالث والعشرين من مايو بتوجيه رسالة بالبريد الإلكتروني إلى أكاديمية الطيران بان أمريكان Pan American International Flight Academy بمدينة منيابليس Minneapolis بولاية مينوسوتا Minnesota، للاستعلام بشأن شروط الالتحاق بها. كانَ موسوي قد سافر للمرة الثالثة إلى باكستان، بعْد عِدة أشهر من وصوله، وتحديدا في شهر يونيو، حيث التقى ببن شيبه في مدينة كراتشي لنقاش التحضيرات الْمُمَهِّدة للعملية التي يتولَّى محمد عطا تنسيقها. ولدى عوْدته إلى الولايات المتحدة عَكَفَ - بشكل نشط - على إكْمال تكوينه في ميدان الملاحة الجوية. ومن مدينة دسلدورف Dusseldorf قام بن شيبه (مُستخْدِما اسما مستعارا هو أحمد ثابت)، بإرسال تحويلين مصرفيين للموسوي بلغا في مُجْملهما أربعة عشر ألف (14.000) دولار، في الأول والثاني من شهر أغسطس سنة 2001. و أكَّد الموسوي تَسلُّمه للمبالغ، عنْ طريق رسالة بعث بها عبْر الفاكس. وفي التاسع من أغسطس، قام صديق له - يُدْعَى حسين العطاس، والذي عاش معه في الغرفة نفسها بمدينة أوكلاهوما لفترة شهر- باصطحابه في السيارة إلى ولاية مينسوتا. (عندما قام مكتب التحقيقات الفيدرالي باستجوابه، اتهم العطاس موسوي ب"التطرف".) وفي الثالث عشر من أغسطس، بدأ موسوي دورة تكوينية لمدة أسبوعين على جهاز لمحاكاة الطيران خاص بطائرات البوينغ من طراز 747 في أكاديمية الطيران "بانْ آمْ" بمدينة مينابوليس. وسدَّد مصاريف الانتساب نقْدا (وقدرها 8300 دولار). وفي غضون الأيام اللاحقة تغيَّر سُلوكُه، فلم يعُدْ يُبْدِي اهتماما بطرق الإقلاع والهبوط، بل انصبَّ تركيزه أساسا على الملاحة في الجوِّ، مما لفت انتباه المدرب المُشْرف على تكوينه، فقام بإبلاغ مكتب المباحث الفيدرالية في الخامس عشر من شهر أغسطس بذلك، والذي قام بإيفاد الوكيل ديْف رابْ Dave Rapp، مصحوبا بوكيل من إدارة الهجرة والتجنيس Immigration and Naturalization Service (INS)، لتوقيف الفرنسي غداة اليوم الموالي بمحلِّ إقامته برزيدنس إين Residence Inn. تمَّ توقيف هذا الأخير ل ...كيْفَ كانتْ الحالة النفسية لأعضاء الكوماندوز خلال تلك الأيام الأخيرة، في الوقت الذي تتسارع فيه الأحداث، وَ هُمْ في حالة تنقل دائم، في الوقت الذي تقترب فيه استحقاقات انتحارهم الجماعي، وعلى خلفية توقيف موسوي- الذي ربما يكون عطا ومساعدُه قد أخْفَياه عن بقيَّة المجموعة، حرصا على السرية، وهو ما ألقَى بظلاله على عملية كان يمكن في هذه المرحلة - أكثر مِن أيّ وقت مضى - أنْ تنْكشف في أي لحظة، كما أنَّ نجاحها متوقف على التصرفات المتعددة لهؤلاء النفر التسعة عشر؟. .....مِن جهة أُخرى، تكلّف عطا، الذي يُشرف على التنقلات المتشابكة المعقّدة والخطيرة، بإبلاغ قيادته - بواسطة شريكه؛ رمزي بن شيبه في مدينة هامبرغ - عنْ تاريخ العملية والأماكن المستهدفة بها. فعطا الذي يتراسل بالبريد الإلكتروني مع بنْ شيبه بألمانيا - الأول يتقمُّص شخصية طالب في مقتبل العمر يُقِيم بالولايات المتحدة، ويتواصل مع خليلته بألمانيا - يكتب إلى شريكه في العملية: " سيبدأ الفصل الأول في غضون ثلاثة أسابيع. لمْ يطْرأْ أيُّ تغيير. كل شيء على ما يرام ... مدرستان عاليتان وجامعتان ... سيكون هذا الصيف ساخنا ... يلْزمُ أنْ أُحدِّثك ببعض التفصيل. تسع عشرة (19) شهادة وأربعة (4) امتحانات. تحياتي للأستاذ([23]). إنَّ هذا الخطاب المشفّر يُشير لتاريخ العملية، والأماكن المستهدفة والفريق الانتحاري. فقد كنَّى عنِ البنتاغون بمدرسة "الفنون الجميلة"، ولَقّب مركز التجارة العالمي ب"كلية التجمعات الحضرية"، في حين أَطْلق اسم "كلية الحقوق"على مبنى الكونغرس. وفي كل الأحوال، فإن "الأستاذ" هو الدكتور أيمن الظواهري، والشهادات التسع عشرة (19) تُشير إلى أعضاء الكوماندوز. بعْد مُضيّ أسبوع على ذلك - أيْ في التاسع والعشرين (29) من أغسطس تحديدا - عِنْد الساعة الثانية والنِّصف صباحا - كان بن شيبه مُستغرقا في النوم في شقته بهامبرغ عندما تلقى مكالمة هاتفية مِنْ عطا ليؤكد له المعلومات الآنفة الواردة بالبريد الإلكتروني، ولِيُبْلِغَ اليَمَنِيَّ بتاريخ الهجمات في شكل أُحْجِيَّةٍ: "ما المقصود بِعَصَوَيْنِ (11)، وعلامة شرطة (-)، وكعكعة بأسفلها عصا (9)؟" بن شيبه، الذي فهم المغزى من الإيعاز المتعلِّق بالتاريخ الذي تمَّ اختياره (11-9)، قام حينها بإبلاغ بعض شركائه في أوروبا بقرب تنفيذ العمليات، وقام أيضا بإخبار أسامة بن لادن بذلك في السادس من سبتمبر، ثُم غادر ألمانيا على الفور متوجها إلى باكستان. كلُّ شيء قدْ تمَّ. وبِما أنّ كل العناصر قد انتظمتْ في أماكنها، فيُمْكنُ طائرة شركة أمريكان أير لاينز الرحلة 11 وهي طائرة من نوع بوينغ طراز 767-223 إي آر Boeing 767-223ER الرحلة رقم أأ 11AA11 ، وهو طراز خاص يتمتع "بقدرات طيران عالية" "Extended Range” ولها سِعة تخزينية تبلغ أربعة وعشرين ألف غالون (24.000) من وقود الكيروزين. وقدْ أقلعتْ مِن مدينة بوسطن، من المدرج 4 ر 22 أَلْ 4R/22L عند الساعة السابعة و59 دقيقة متوجهة إلى مدينة لوس انجلس Los Angles وعلى مَتْنها اثنان وتسعون (92) شخصا (واحد وثمانون [81] راكبا، وتسعة [9] من أفراد الطاقم، وملاّحان [2] اثنان). كانتْ الطائرة تُقِلُّ تسعة (9) مسافرين في الدرجة الأولى (من ضمنهم قراصنة الجو الخمسة)، وتسعة عشر (19) راكبا في درجة الأعمال، وثلاثة وخمسين (53) في الدرجة الاقتصادية. كان محمد عطا يشغل المقعد رقم 8 "Seat 8D"، وكان عبدالعزيز العمري بجنبه في المقعد رقم 8 "و" "Seat 8G "، في حين كان الأخوان من عائلة الشهري (وائل ووليد) يجلسان في المقعدَيْن 2 "أ" Seat 2A والمقعد "2ب" Seat 2B على التوالي. أمَّا سطام السقامي فكان يجلس بعيدا عن زملائه في المقعد "10د" Seat 10D بمؤخرة الطائرة. في الساعة الثامنة وثلاث عشرة دقيقة وتسع وعشرين ثانية، طلب برج المراقبة بمركز بُوسْطنْ الجوي مِن ملاح الطائرة أنْ يستدير يَمينا بزاوية قدرُها عشرون درجة، لأجل الشروع في اتِّباع مَسارِه صوْب الساحل الشرقي للولايات المتحدة. فردَّ القُبْطان جان أوغُونُووُسْكِي John Ogonowski مُبْلِغًا تلقِّيه للأوامر. وبعد مُضيّ ست عشرة ثانية على ذلك، أرسل البرج أمرا ثانيا للطائرة بالارتفاع إلى عُلُوِّ خمسة وثلاثين ألف (35.000) قَدَمٍ. لمْ يَتمَّ الرد، هذه المرة، على الرّسالة. وبَعْد مُرور لحظات، كانت الإشارة التي تظهر على شاشة رادار مركز المراقبة تفيد بأن الطائرة تتجه ناحية الجنوب، صَوْبَ ولاية نيويورك. في الفترة الزمنية الفاصلة، قام الكوماندوز بشن الهجوم. لا نَدْري بالتحديد الكيفيّة التي تَمَكَّن بها عطا ورجاله مِن إحْكام السيطرة على الطائرة. لكن الفَرَضِيَّة الأرجح هي أنْ يكون المهاجمون استخدموا شفرات من النوع المستعمل في تقطيع الأوراق Cutters أوْ سكاكين، لقطع حنجرة أحد المسافرين، من أجْل بث الرعب والفزع في نفوس الركاب، وتثبيط أي إرادة للمقاومة لديهم. ومِن المؤكد كذلك أنْ يكونوا قد استخدموا منضاحا كيمائيا (من نوع "مَيْسْ" Mace، يَتِمُّ تسويقه في الولايات المتحدة الأمريكية) لِشلِّ المُضيفين والمُضيفات عن الحركة، وإجبار المسافرين على البقاء بعيدا عن المنطقة الأمامية من الطائرة. ويَظْهَرُ بداهةً أنَّ الهجوم كان سريعا، همجيًّا وناجعا، لأن القراصنة تمكنوا من السيطرة على الطائرة، لحظات قليلة بعد إقلاعها. وعند الساعة الثامنة وعشرين دقيقة صباحا اتصلتْ المضيفة بَتِي أُونْغْ Betty Ong - الجالسة في المقعد رقم "3 ر" 3R - هاتفيًّا بمركز عمليات شركة الطيران "أمريكان أيرلاينز" American Airline بولاية كارولينا الشمالية، وأبلغتْ المشرفة على الخدمة، نِيدْيَا غُونْزَالِيسْ Nydia Gonzalez، أنَّ اثنين منْ زُملائها وأحد المسافرين في درجة الأعمال قدْ تعرَّضوا للطَّعن، وأنَّ غازا قد تَفَشَّى في ذلك الجناح، وأنَّ قُمْرَةَ القيادة لم تَعُدْ تستجيب للاتصالات([24]). في الساعة الثامنة وأربع عشرين دقيقة، خاطب عطا الرُّكاب بأسلوب لايخلو من مجاملة قائلا: "لدينا عدة طائرات. اهدؤوا فكلُّ الأمور ستسير على ما يرام. نحن نعود إلى المطار. لا يتحرَّكْ أحدٌ منْ فضلكم. "لوْ حاولتم القيام بأيِّ تصرف مهما كان، فستعرضون أنفسكم والطائرة للخطر([25])". وبعْد مُضيِّ دقائق، أَبلغ مركز مراقبة حركة النقل الجوي بناشوا Nashua إدارة الطيران الفيدارلية Federal Aviation Administration (FAA) أنَّ طائرة شركة أمريكان أيرلاينز، الرحلة رقم11 Flight AA11، قدْ تعرضتْ فيما يبدو للاختطاف. وقامتْ الهيئة الفيدرالية للطيران - بدوْرها - بإبلاغ القيادة المركزية للدفاع بأمريكا الشمالية، وِفْقا للإجراءات التنظيمية المعمول بها في هذا الشأن. وفي الساعة الثامنة و28 دقيقة، كان جهاز رادار الملاحة الجوية لِطائرة أمريكان أيرلاينز الرحلة 11، الذي يُتيح قراءة مستوى ارتفاع الطائرة، والذي تَتعرف بواسطته الرادارات الخارجية عليها، قدْ توقَّفَ عن البث. لقد باشر القبطان محمد عطا النزول صوب الهدف. سيستغرق ذلك ثمانية عشر (18) دقيقة. وفي الساعة الثامنة وأربع وثلاثين دقيقة، تَوجه هذا الأخير [محمد عطا] مِن جديد إلى الركاب قائلا: "حَذَارِ مِن أنْ يتحرك أحد. نحن نعود إلى المطار. حذار من مُحاولة القيام بتصرفات حمقاء". عند الاقتراب من نهر "هَدْسِنْ" Hudson، الذي يَفْصِلُ شبه جزيرة منهاتن Manhatan عنْ ولاية نيوجرزي New Jersey، حوالي ست دقائق (6) قبْل الارتطام، قام عطا بزيادة السرعة إلى ما يقارب ثمانمائة (800) كيلومتر للساعة وهُو ما يُمثل ضعف السرعة المعتادة عند الهبوط. عِنْد بلوغ طائرة البوينغ 757 للوُجْهَةِ المقابلة لمجموعة العمارات التي تنْتصب على حافة شبه الجزيرة، وهي سائرة في اتجاه الرياح، وتحوي عشرين ألف (20.000) غالون من الكيروزين، ارتطمتْ بالبرج الشمالي مِن مركز التجارة الدولية عند الساعة الثامنة (8) وست وأربعين (46) دقيقة وست عشرين (20) ثانية، وهي تسير بسرعة سبعمائة وستين (760) كيلومترا للساعة. إنَّ قُوَّةَ الانفجار المدوِّي الناجم عن الاصطدام تُعادلُ مائتي ألف (200.000) كيلوغرام من الديناميت. و قوة الصدمة - التي خلَّفت ردّات اهتزازاية زلزالية بلغتْ درجتها 9.0 على مقياس ريختر Richter- تأثَّرتْ بها بشكل مباشر مكاتب شركة مارش Marsh وماكلنن McLennan في المنطقة الواقعة بين الطابق الثامن والثمانين (88) والطابق الرابع والتسعين (94). لقد بلغتْ درجةُ حرارةِ لهبِ الحريقِ الحاصلِ تسعمائة وتسعين درجة مئوية (990 Celcius). وفي تلك اللحظة، تأرْجَح البرج تأرجُحا طفيفا ثم عاد ظاهريًّا إلى مكانه. سينهار البرج عند الساعة العاشرة و 28 دقيقة، بعد أنْ صَمَدَ مُدَّة ثمانٍ وعشرين دقيقة زِيَّادة على الفترة التي صمد خلالها توأمه الذي سُيُصْدَمُ بعده. وفي الساعة الثامنة وخمس وخمسين دقيقة تمَّ الإعلان عبْرَ أجهزة الاتصال المستخدمة في الربط الداخلي Interphone للبرج الجنوبي بأنَّ المبْنى آمن، وأنْ لا حاجة تدعو لإخلائه. إنَّ العديد من الوسطاء التجاريين، مثل شركة كيفي Keefe، بريت وودز Bruyette Woods، قرَّرُوا البقاء لغاية افتتاح العمليات المالية. وبعْد مُضيّ سبع دقائق........، طائرة شركة طيران آيرلاينز، الرحلة 175 أقْلعت طائرة البوينغ طراز 767-200 التابعة لشركة ينايتد أيرلاينز الرحلة رقم United Airlines 175 عند الساعة الثامنة وأربع عشرة دقيقة من مدينة بوسطن متوجهة إلى مدينة لوس انجلس وعلى متنها خمسة وستون (65) شخصا (ستة وخمسون [56] مسافرا، سبعة [7] طواقم، وملاَّحَيْن اثنين [2]). كان مروان الشحي يَجْلِسُ بالمقعد رقم "6ج " 6C، بينما كان حمزة وأحمد الغامدي يَجْلسان في المقعدين "9ج 9C" و"9د 9D"، وفي موضع أكثر تقدُّماً صوب الجهة الأمامية، كان فائز أحمد ومهند الشهري يَجْلسان في المقعدين "2أ 2A" و "2ب 2B" من الدرجة الأولى. وبعْد الإقلاع بقليل، عند الساعة الثامنة وثلاث وعشرين دقيقة، قام مركز بوسطن الجوي للطيران بربط الاتصال مع الطائرة، مُتواصلا مع القبطان فيكتور ساراسيني Victor Saracini بالذَّات. وبعْد انقضاء ثماني عشرة دقيقة - عند الساعة الثامنة وإحدى وأربعين دقيقة - تمَّ آخر اتصال بالطائرة. طلبتْ هيئة المراقبة الجوية بشيكاغو Chicago مِنَ الطائرة أنْ تُعدِّل مسار طيرانها بزاوية قدرها ثلاثون درجة نحو الشرق. وبعْد مضي دقيقة ونصف على الاتصال، تنبَّه المراقب إلى تذبذب في الإرسال الصوتي: لقد قام الشحِّي وشركاؤه للتَوِّ بالدخول عُنْوةً إلى قُمْرة القيادة. وبعْد أقل من عشرين دقيقة - وبالتحديد: عند الساعة التاسعة ودقيقتين وأربع وخمسين ثانية - اصطدمت الطائرة اصطداما عنيفا بالبرج الجنوبي لمركز التجارة العالمي؛ حيث اخترقتْهُ مُستَقِرَّةً في المنطقة الواقعة ما بين الطابق الثامن والسبعين (78) والطابق الرابع والثمانين (84)، عَلَى مُسْتوى .... نفَّذ الشحِّي وهو آتٍ من ناحية الجنوب مُناورة التفافية أكثر تعقيدا من تلك التي قام بها عطا. فقد صدم البرج وهو يسير بسرعة تسعمائة وستين (960) كيلومترا للساعة، أيْ مائتين وأربعين (240) كيلومترا للساعة زيادة على السرعة الاعتيادية في مِثل هذا المستوى من العُلوِّ المنخفض. إنَّ الدَّوران والسرعة قضتا بأنّ ستة أعشار ثانية كانت كافية لأنْ تكون هذه الطائرة البالغ وزنها مائة وسبعة وثلاثين (137) طنًّا في حالة توقف كُلِّي عن الحركة. لمْ تنفجرْ هذه الطائرة - التي كانتْ تحوي ثمانية آلاف ومائتي (8200) غالون من الكيروزين، وهي حمولة الوقود المتبقيَّة مِن الكمية الأصلية البالغة تسعة آلاف وخمس مائة (9500) - تماما لحظة الاصطدام. وبقِي الجُزء الخلفي من الطائرة باديًّا للعيان لفترة زمنية قصيرة. إنَّ قُوَّةَ الاصطدام البالغة اثنين وثلاثين ألفا وستمائة (32.600) كيلو نيوتن Kilonewtons كانتْ أَقوى بكثير ممَّا يُمْكن للبرج أنْ يتحملهُ، إذْ لمْ تكُنْ بُنيْتُهُ الهيكلية لِتصمد إلا في وجْه اصطدام أقلَّ قُوّة بثلاث مرات ممَّا حدث. إنَّ مركز التجارة العالمي World Trade Center - المُؤلَّف منْ مُجمّع مكوّن من سبع (7) عمارات تنتشر على مساحة قدرها خمسة وستون ألف (65.000) متر مربع، والذي شُيِّد في غضون ست (6) سنوات وثمانية (8) أشهر، في الفترة الزمنية مابين 1966 و1973، (وكانَ له رمزه البريدي Zip Code الخاص به)، سينهار في ظرف ساعة واحدة وإِثْنَْتَيْنِ وأربعين (42) دقيقة، مُخَلِّفًا هزة زلزالية بقوة 3.2 درجة على مقياس ريشتر، تمّ الإحساسُ بها على بُعْد أربعة وثلاثين (34) كيلومترا.([26]) سَيَلْحَق الدمار بمُجمّع العمارات بأكمله: البرجان التوأمان اللذان كانا ينتصبان على علو مائة وعشر (110) طوابق([27])، كمَا سيلْحق الدمار ببرج ثالث مُؤَلف من أربعة وخمسين (54) طابقا (وهو المبنى رقم سبعة [7]) في مركز التجارة الدولي)، وجزء من فندق ماريات Marriott وثلاثة فنادق مُتقابلة. كما ستَلحق أضرار ماديَّة جسيمة بثمان مبان أخرى (أمريكان أكسبرس American Express، المركز المالي الدولي رقم 2 World Financial Center # 2، ونتر غاردن Winter Garden، فرايزون Verizon، كيوني CUNY، بانكرز ترست Bankers Trust، ومباني تحمل أرقام تسعين [90] ومائة وثلاثين [130] من شارع سيدار 90 & 130 Cedar Street.) إنَّ البرج الشمالي الذي اخْتُرِقَ قبل ستة عشر دقيقة مِن الهجوم على البرج الجنوبي، قد انهار بعد توأمه. (هل قام عطا والشحي - خلال فترة الربع الساعة الفاصلة بين الرحلتين - بالاتصال ببعضهما البعض بواسطة هواتفهما المتنقلة عندما كان كل منهما يقود طائرته؟). لقدْ تعطلتْ الأجهزة الفنية المُستخدَمة في التواصل بيْن فِرق الإنقاذ. فموجات البث التَّردُّدِي للرَّادْيُو كانتْ سيئة، ولَم تتمكنْ الفِرَقُ من تحديد مواقع أفرادها، وعنْد الإحساس بمَخاطر الانهيار، لَم تُسْمَعْ نداءاتُ الإخلاء ......كما أنَّ الخيار القاضي بالقيام بعمليات الإخلاء عبْرَ السُّطوح (كما كان الشأْن خلال الهجوم الأول ضد مركز التجارة العالمي في شهر أكتوبر من سنة 1993) لمْ يتمَّ اعتماده. وكان لِغياب التنسيق آثار كارثية، فقدْ لقِي ثلاثمائة وثلاثة (303) أفراد من رجال الإطفاء حتْفهم، بينما كانوا مُتجهين إلى البرج الشمالي لتقديم المساعدة للأشخاص الموجودين به. وبالفعل، فرجال الإطفاء المذكورين، كانوا قدْ وصلوا إلى مستوى الطائرة في البرج الجنوبي (يُوجد تسجيل صوتي لاثنين من رجال الإطفاء، أوريو بالمر Orio Palmer ورونالد بوكا Ronald Bucca، في الطابق الثامن والسبعين "78"). سيَصمد البرج الشمالي لمدة مائة ودقيقتين (102)، أمَّا البرج الجنوبي فسيصمد ستا وخمسين (56) دقيقة([28]). قَضَى في الهجمات على نيويورك: ألف وتسعمائة وستة وأربعون (1946) شخصا كانوا متواجدين في الطوابق التسعة عشر (19) العلوية من البرج الشمالي والطوابق الثلاثة والثلاثين (33) العلوية من البرج الجنوبي. كما أنَّ ما يقارب مائتي (200) شخْص رَمَوْا بأنفسهم من المباني قفْزًا نحو الفراغ، فِرارا منْ ألْسنة اللهب. تم العثور على قرابة أربعين (40) جُثة على سطح مبنى فندق مريات Marriott Hotel (على مستوى الطابق الثاني والعشرين الموجود في باحة المنتزه المتاخم للبُرْجيْن([29])). وفي لحظة الارتطام الأولى قُذِف أيضا، بِعِدّة أشخاص من الجانب الشرقي للبُرْج الشمالي. كانَ أمامَ الأشخاص الموجودين في البرج الشمالي ست عشرة....... كانَ للارتطام الأول تأثير كبير، لكنَّ أخطر ما ترتب عنه، كان اشتعال النار في أساطين البرج الشمالي، وما نجم عنْ ذلك من تداعيَّات مُتلاحقة مُدمِّرة. وعندما اشتدت ضراوة الحرارة، فقد الفولاذ قُدْرته على المقاومة وتَدَاعَتِ الطوابقُ العلْويَّة مُلْقِيَةً بِثِقَلِهَا على الطوابق السفلية. وعلاوة على ذلك، فإن مستوى تأثير الطائرة الأولى كان مُحصِّلة الجمْع بطريقة مُثْلَى بين تضاؤل القوة وزيادة الثِّقَل. لقي ما مجموعه ألفان وسبعة مائة واثنان وتسعون (2792) شخصا مصرعهم بمركز التجارة العالمي: الرّكاب وطواقم الطائرتين، والأشخاص المتواجدون بالمباني، ورجال الإطفاء ورجال الشرطة، بالإضافة إلى ضحايا الانهيارات. وقُدِّر وَزْن الأنقاض التي خَلفتها التفجيرات بمليون وستمائة ألف (1.600.000) طن. رابعا التأهب لخوض الحرب Bellum seipse alet كان الرئيس الأمريكي بوش George W. Bush بمدينة سارازوتا Sarasota في ولاية فلوريدا، يَحْضر حِصَّة قراءة لبعض طلاب مدرسة "إِيما بُوكْرْ" Emma E. Booker حينما أبلغه مستشاره المقرب، أمين سر البيت الأبيض كارل روف Karl Rove ، بأنّ طائرة قد اصْطَدمَتْ للتَوِّ بمركز التجارة العالمي، مُشيرا إلى أن الأمر ربما يتعلق بحادث عرَضِيٍّ. أجْرى الرئيس مشاورات مع مدير ديوانه، أندرو أيتش كارد Andrew H. Card، ثُمَّ قَرَّر مُتابعة برنامجه. لحظات بعد ذلك، عند الساعة التاسعة وخمس دقائق، قام كارد بإبلاغه أن طائرة ثانية صدمت البرج الثاني. "أمريكا تتعرض للهجوم"، وضّح المستشار. عندها التقطت كاميرات الحضور التعبير المتوتر الذي ارْتسم على وجه الرئيس الْمُتَجَهِّمِ. والواقع أن المسؤولين الأمريكيين لم يتبيّنوا طبيعة الوضع إلا بعْد أنْ قامتْ الطائرة الثانية بضرب البُرج الشمالي، ممَّا يعني حُدوث هجوم منسَّقٍ ضد الولايات المتحدة الأمريكية. فمُعظم المسؤولين الأمريكيين، بعْد أنْ عَلِمُوا أن طائرة قامتْ للتَوِّ بضرب مركز التجارة العالمي، تابعوا مهامهم الاعتيادية. بلْ إنّ البعض منهم، مثل لويس ليبي Lewis Libby مستشار الأمن القومي ومدير ديوان نائب الرئيس، أغلق