أيا كان فحوى التقرير المزمع صدوره اليوم من رئيس فرق المفتشين الدوليين عن أسلحة الدمار الشامل العراقية حيث تستند الضربة الأمريكية العسكرية المحتملة على سلبياته ان كان يحمل منها ما يخول واشنطن استخدام قوتها الضاربة ضد العراق، وان كانت واحدة من تلك السلبيات ظهرت على السطح من خلال ممانعة القيادة العراقية استجواب العلماء العراقيين، أيا كان فحوى هذا التقرير فإن ذلك لن يمنع واشنطن كما يبدو من اعلان تهديدها بالعد التنازلي للحرب رغم معارضة العديد من الدول الحليفة للولايات المتحدة الدخول في معمعتها وأضحى من الصعب في هذه الحالة الحرجة رفع كابوس هذه القوة العسكرية الضاربة التي تقترب من بغداد من اذهان العراقيين، وتكاد طبول الحرب تقرع لاسيما في ضوء فشل عدة تحركات سياسية ودبلوماسية لاقناع القيادة العراقية بإبداء مرونة ملموسة حيال الكشف عن أسلحة الدمار الشامل وآخرها المؤتمر الوزاري السداسي الإقليمي في اسطنبول الذي لم يتمخض إلا عن اسداء المزيد من النصائح للنظام العراقي للامتثال دون قيود او شروط للقرارات الأممية الملزمة، ويبدو ان تلك النصائح المسداة لإنفاذ تلك القرارات لا تعنى في حد ذاتها عند صانعي القرارات في البيت الأبيض إلا ان النظام العراقي لم ينفذ بعد أهم بند من بنود القرار الأممي 1441 القاضي بالتخلص نهائيا من أسلحة الدمار الشامل بحوزة العراق، ويبدو ان بغداد قد تخطىء في تقدير حساباتها من جديد ان ظنت ان فرنسا وألمانيا قد تنضمان الى سياستها لمجرد اختلافهما مع الولاياتالمتحدة حيال الضربة المحتملة، وقد تخطىء في تقدير حساباتها ايضا ان ظنت انها قادرة على استغلال ما قد يطرأ من انقسامات داخل مجلس الأمن حيال الحرب، ومهما توسع محور المشاغبين من كبار الدول وصغارها ضد فكرة الضربة الأمريكية العسكرية فان ذلك لا يمنع واشنطن من دخول الحرب بمعزل عن رأي مجلس الأمن لا سيما في ظل ظهور علامات مجاملة أمريكية للشرعية الدويلة ومنحها فرصة تشريع الحرب، وقد ينفذ صبرها مع تلك الشرعية. أيضا كما بدأ ينفد مخزون صبرها مع القيادة العراقية، وهو أمر يؤكد من جديد ان هذه القوة العسكرية الهائلة المتواجدة في المنطقة لم تحتشد للنزهة، وان الوقت بدأ يضيق امام بغداد لتدارك ما قد يحدث، وان الولاياتالمتحدة بدأت تتحرك بشكل عملي لترجمة مفهوم ريادتها للعالم، فهل تحدث معجزة من المعجزات تحول دون وقوع الكارثة؟