يكاد العالم يحبس انفاسه في انتظار ما يسفر عنه تقرير المفتشين الدوليين غدا حول مهماتهم الصعبة التي استغرقت زهاء الشهرين من اعمال التفتيش في اجزاء متفرقة من العراق عن اسلحة دمار شامل، فرغم ان تلك المهمات لم تدشن بالعثور على شيء يذكر، الا ان رئيس فرق التفتيش مازال يؤكد ان بغداد لا تتعاون معه بما فيه الكفاية، وان القيادة العراقية تتحمل العواقب الوخيمة الناتجة عن عدم التعاون، في وقت ابدت فيه بغداد تشاؤما من نتائج التقرير المنتظر ودعت الى الموضوعية دون تأثر ظاهر بضغوط واشنطن حول شن الحرب التي مازالت تواجه بمزيد من المعارضة من قبل عدة دول كبرى، فيما جنح المراقبون السياسيون الى التلميح لا التصريح بأن الضربة آتية لامحالة، في وقت مازالت بعض الأصوات تنصح فيه بغداد بعدم تكرار اخطاء الأمس، فالكرة الآن في وسط الملعب العراقي، والقيادة العراقية وحدها القادرة على الحيلولة دون تدخل عسكري امريكي، وازاء تلك الاوضاع الخطيرة التي تسبق الساعات القليلة المتبقية لتقديم تقرير المفتشين لمجلس الامن امرت واشنطن بالاستعداد لاجلاء رعاياها من المنطقة واتهمت القيادة العراقية بأنها تخطط لحرق آبار النفط في حالة نشوب حرب محتملة، واضحى الوضع اشد سخونة وخطورة لاسيما في ضوء رفض العراق الأخير لطلب مفتشي الأممالمتحدة باستجواب العلماء العراقيين بما يتناقض مع منطوق القرار الأممي 1441، وهذا الرفض وحده قد يكون مسوغا لتحرك عسكري امريكي ربما يكون بعيدا عن اطاره الأممي، فالادارة الامريكية عازمة كما يبدو على خوض الحرب ضد العراق حتى لو ادى الأمر الى عدم مساندة مجلس الأمن، والفاصل الزمني اخذ يضيق حول بغداد، وحتى البيان السداسي الوزاري الذي صدر في اعقاب اجتماع اسطنبول الأخير حمل القيادة العراقية مسؤولية تفاقم الأزمة الراهنة، فهل من معجزة تحول دون نشوب الحرب، أم يصح في الحالة الراهنة الشبيهة بتفاصيل ما حدث ابان الكارثة الخليجية الثانية ترديد المثل الشائع السائر: ما أشبه الليلة بالبارحة.