بدأ الجدل يحتدم بطريقة ملحوظة داخل الأوساط السياسية الأمريكية حول الضربة العسكرية التي تلوح واشنطن بأوراقها ضد العراق للاطاحة بنظامه، وهو جدل بأبعاده السياسية والاقتصادية والأخلاقية والقانونية يدور حول المبررات التي طرحتها الادارة الأمريكية لضرب العراق، وهي مبررات يرى البعض انها واهية ولها نتائج سلبية على علاقات الولاياتالمتحدة بدول العالم، بما فيها دول الشرق الأوسط، فالضربة في حد ذاتها سوف تهدد سلامة العراق وسيادته واستقلاله من جانب، وتهدد في الوقت نفسه أمن دول المنطقة بأسرها، فالمعارضون داخل تلك الأوساط والمحافظون أيضا غير مقتنعين اطلاقا بتلك المبررات المطروحة على الساحة لغياب أدلة دامغة وأكيدة على امتلاك العراق أسلحة دمار شامل يهدد بها الولاياتالمتحدة او اسرائيل، فاذا أضيفت ردود فعل تلك الأوساط الى ردود الفعل الدولية الرافضة للمبررات الأمريكية وعدم الاقتناع بها فهذا يعني ان الصوت المنفرد حيال اتخاذ قرار خطير بالحرب ليس قرارا عقلانيا لاسيما ان الغطاء السياسي من داخل الولاياتالمتحدة وخارجها حول هذا التوجه بدأ يتراجع تدريجيا بطريقة مشهودة، ويبدو انه سيزداد تراجعا في الأسابيع القليلة القادمة، بما يوحي للوهلة الأولى أن الأصوات التي بدأت تعلو من داخل الولاياتالمتحدة مشبهة النظام العراقي بأنه غول يهدد منطقة الشرق الأوسط والعالم بأسره بأفدح الأخطار بدأت تخفت وتضمحل، بما يفند المزاعم القائلة إن الولاياتالمتحدة لا تملك خيارا لتسوية الأزمة العراقية الا بالتخلص من النظام القائم في بغداد، وأن التراجع عن الضربة العسكرية غير ممكن، وحتى ان حدث فثمنه السياسي سيكون باهظا للغاية، والجدل الدائر الآن بين تلك الأوساط السياسية الأمريكية كلما هددت واشنطن باقتراب ساعة الصفر دل على ان التأييد الشعبي للادارة الأمريكية في حالة اندلاع الحرب لن يكون واسعا كما يتخيل البعض، كما ان مناقشة المسألة العراقية من جانب الاتحاد الاوروبي واليابان وروسيا لاتبدو جادة في ضوء توجه واشنطن الى انفرادية اتخاذ القرار وتجاهل كل الأصوات، وبالتالي فان الموقف خطير للغاية في ظل انعدام الحوار بين الولاياتالمتحدة وحلفائها،وفي ظل تمسك واشنطن بالتفرد في اتخاذ القرار، غير ان ذلك لا يمنع دول العالم قاطبة ان تهمس في أذن القيادة الأمريكية بصوت مسموع.. ان الدخول في هذه الحرب دون الاعتماد على موافقة من الأممالمتحدة، ودون الاعتماد على شعبية امريكية، ودون الاستناد الى أصوات الحلفاء يعد نهجا خاطئا للغاية، وردود فعله السلبية ستكون خطيرة جدا.