فتح المؤتمر الوزاري السداسي الذى التأم أمس فى اسطنبول حول الأزمة العراقية قنوات وطاقات جديدة لم تكن قائمة كشركاء فى الإقليم لهم دور فاعل وان كان الأمر يتوقف على مدى استجابة الطرفين العراقى والامريكى. ولعل من اللافت أن الجهود المبذولة حاليا فى المنطقة لم تستهدف فقط بلورة موقف عربى موحد بل موقف اقليمى متجانس استشعارا بمدى تأثير الأزمة العراقية ليس فقط على الشعب العراقى بل على مختلف الأطراف المعنية. ورغم تصاعد الحشد العسكرى فى منطقة الخليج وترقب ما قد يحدث بين لحظة وأخرى فانه يمكن رصد نشاط الدور الاقليمى غير المسبوق بهذه الكيفية متمثلا فى تحركات واتصالات مصرية وسعودية وسورية وتركية وايرانية وغيرها فى مسعى يؤكد خطورة الأوضاع. ويأتى التحرك الاقليمى فى ظل تأكيد البعض أن احتمالات العمل العسكرى قد تتعادل مع احتمالات حل سلمى للمشكلة العراقية بفضل جهود دول كثيرة فى المنطقة مما فتح الباب مواربا امام امكانية طرح سيناريوهات جديدة أمام الادارة الامريكية وتوصيات للنظام العراقى لتفادى الضربة العسكرية المحتملة. ويتجاوز التغيير الجارى فى الدور الذى تنهض به دول المنطقة مرحلة ردود أفعال لما يصدر من خارجها الى مرحلة القيام بدور فاعل أدى الى بعض التغيير فى المفردات الأمريكية باعتبار أن الحرب ليست الخيار الوحيد فى حال التزام العراق. ورغم حرص أطراف الاجتماع الوزارى السداسى على تأكيد عدم التدخل فى الشوون الداخلية للعراق والسعى الى تجنيب العراق والمنطقة ضربة عسكرية محتملة فان ما يطرح على الساحة الأمريكية هو تفضيل رحيل رئيس نظام بغداد وأركانه. ورأى البعض أن المشكلة مع العراق تتجاوز موضوع أسلحة الدمار الشامل والبحث عنها وتغيير القيادة هناك باعتبار أن واشنطن تريد عراقا جديدا باعتباره أحد أركان ما سمته دول محور الشر الى جانب ايران وكوريا الشمالية. وربما كانت المعجزة لعدم وقوع حرب فى ظل الحشود العسكرية الضخمة حول العراق بيد الرئيس العراقي الذي يجب أن يقوم بمبادرة جريئة تنهي الأزمة التي اختارها للعرب منذ ما يزيد على عشرين عاما. ومثل هذه المعجزة لن تحدث الا اذا أراد هو الحفاظ علي شعب العراق الشقيق الذى يمتلك الثروات الطبيعية والبشرية التى تفرقت وتبددت فى سياسات قصيرة النظر أدت الى أزمات مفتعلة أوصلت الى المأزق الراهن. ويقف العرب أمام هذه الازمة فى مواجهة نكون أو لا نكون سعيا لموقف عربى موحد تجاه القضايا الساخنة التى على رأسها المشكلة العراقية وتطورات الأوضاع المأساوية فى الاراضى الفلسطينية المحتلة فى ظل متغيرات اقليمية ودولية ملموسة. ولعل التطورات الجارية فى المنطقة وحولها يدعو نظام بغداد الى ادراك حجم المخاطر القادمة ويتعامل بكثير من الجدية مع فرق التفتيش وتنفيذ كافة قرارات الشرعية الدولية التى فى مقدمتها حل المشكلة الانسانية للاسرى التى لاتزال دون حل رغم كافة المساعى الخيرة. ولايخفى على أحد مدى تضرر القضية الفلسطينية باعتبارها القضية المركزية للعرب جراء السياسات الخرقاء للنظام العراقى واستغلال رئيس الوزراء الاسرائيلى أرييل شارون الفرصة لتصعيد عدوانه على الشعب الفلسطينى. ويتخوف البعض من امكان أن يستغل شارون اشتعال حرب فى العراق ليقوم بترحيل فلسطينيين تجاه الأردن أو غيرها ليحقق فى ظروف غير طبيعية ما يريد أن يحققه الآن وذلك فى ظل فوضى اقليمية محتملة. ويعد الالتزام بقرارات الشرعية الدولية كتعبير عن ارادة المجتمع الدولي بمثابة الخلاص من المشكلات التى تعصف بالمنطقة على صعيدى الأزمة العراقية والقضية الفلسطينية لكن هل من مستجيب؟