حذرت دول العالم الواحدة تلو الاخرى الولايات المتحدة من شن هجوم ضد العراق فيما تستعد ادارة الرئيس جورج بوش لتسليم مشروع قرار جديد للامم المتحدة يخولها استخدام القوة. وفي اجتماع مفتوح نادر لمجلس الامن بشأن الازمة العراقية اخذت الحكومات من شتى انحاء العالم تطالب بفرصة لمفتشي الاسلحة التابعين للامم المتحدة للبحث عن اسلحة الدمار الشامل العراقية قبل صدور اي قرار باستخدام القوة. وتستأنف الجلسات في غضون ساعات حيث ستعرب دول مجلس الامن الخمس عشرة عن آرائها قبل ان تطرح الولايات المتحدة رسميا مشروع قرار. وقال دبلوماسيون ان الولايات المتحدة التي تبدو نافذة الصبر فيما يتعلق بمعارضة مقترحاتها تنوي تسليم مشروع قرار جديد ومنقح لباقي الدول ذات العضوية الدائمة في مجلس الامن التي تملك حق النقض (الفيتو) وهي بريطانياوفرنساوروسيا والصين. الا انه ليس من المتوقع طرح اي قرار للتصويت حتى الاسبوع القادم في افضل الاحوال. وتقود فرنسا المعارضة للمقترحات الامريكية التي ستعطي واشنطن حق ضرب العراق اذا لم تلتزم بمطالب الامم المتحدة. ولا تريد باريس التي تدعو الى قرارين ان يجيز مجلس الامن شن هجوم على العراق ما لم يفد تقرير من مفتشي الاسلحة ان العراق غير منصاع لمطالب الامم المتحدة. الا ان الولايات المتحدة مازالت تصر على قرار واحد. وقال مسؤول امريكي: ثمة اعتقاد بأنه يتعين ان يكون هناك قرار صارم واحد بلهجة حاسمة .الصبر لن يستمر للابد. معارضة واسعة ومع ذلك فانه حتى حلفاء الولايات المتحدة مثل اليابان واستراليا والاتحاد الاوروبي لم يصل بهم الامر الى التأييد العلني للحرب رغم انتقاداتهم الحادة للعراق.وقال يحيي محمصاني ممثل جامعة الدول العربية في الامم المتحدة ان الحرب ضد العراق ستفتح ابواب شرور كثيرة. وحتى ايران والكويت اللتين تعرضتا لعدوان عراقي رفضتا توجيه ضربة عسكرية لبغداد. الا ان الامين العام للامم المتحدة كوفي عنان ساند فكرة قرار جديد لمجلس الامن اكثر صرامة وحذر بغداد من انها امام الفرصة الاخيرة. وقال في بيان القي بالإنابة عنه لغيابه في جولة بالصين انه اذا فشل العراق في الاذعان فسيكون على مجلس الامن ان يواجه مسؤولياته .وجددت الحكومة الالمانية مطالبتها بايجاد حل سلمى للنزاع القائم بين العراقوالولايات المتحدة.وقال السفير الالمانى فى الاردن مارتن شنللر ان المانيا تدعم وتؤيد حل الازمة بالطرق السلمية والحوار الايجابى.واضاف ان المانياوفرنسا وعدة دول أوروبية تعارض فكرة استخدام القوة لحل الازمة مؤكدا ان للشعوب وحدها حق تقرير مصيرها واختيار قيادتها.وبشأن المسألة الفلسطينية قال السفير الالمانى فى الاردن ان بلاده لاتؤيد المطالبة بتغيير الرئيس الفلسطينى ياسر عرفات على اعتبار أن هذا شأن فلسطينى داخلى.ودعا السفير الالمانى الى ضرورة التزام اسرائيل بتنفيذ قرار الشرعية الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية وأعلنت روسيا أمس انها تعمل مع واشنطن لتعزيز وحدة مجلس الامن والتغلب على خلاف بشأن استصدار قرار صارم جديد يحدد الشروط لعودة مفتشي الاسلحة الى العراق.وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان ان وزير الخارجية الروسي ايجور ايفانوف ووزير الخارجية الامريكي كولن باول حاولا تضييق الخلافات بين الجانبين في هذا الشأن في محادثة تليفونية جرت أمس. وقالت الوزارة اعرب كل من الجانبين عن اقتراحات محددة بشأن كيفية المحافظة على وحدة مجلس الامن والدول الخمس الدائمة العضوية فيما يتعلق بهذه القضية البالغة الاهمية. وبحث مجلس الامن الذي تتمتع فيه روسياوواشنطن بحق استخدام النقض (الفيتو) مشروع القرار الجديد الاربعاء الماضي في اجتماع علني نادر. وتعارض معظم الدول خطة امريكية لتفويض أي عضو مهاجمة بغداد اذا رفضت الالتزام.وقالت روسيا انها لن تؤيد أي قرار امريكي يحتوي على بنود تخول بصفة تلقائية استخدام القوة ضد العراق. وتؤيد موسكو اقتراحا فرنسيا يقضي باصدار قرارين يعطي الاول فرصة لبغداد للتعاون مع مفتشي الاسلحة قبل اصدار أي قرار يخول استخدام القوة. باول: لا نريد الحرب بدوره قال وزير الخارجية الامريكي كولن باول ان الولايات المتحدة لا تسعى الى حرب مع العراق لكنها تريد بطريقة او بأخرى وضع حد لبرامج اسلحة الدمار الشامل التي يطورها. وأضاف باول في مقابلة نشرتها أمس صحيفة (ذي تايمز) الصادرة في لندن: نحن لا نسعى الى الحرب مشددا على ان الرئيس بوش لو اراد الحرب لما وافق على اجراء الحوار الدائر حاليا في مجلس الامن الدولي. ومضى يقول: نحن نبحث عن وسيلة لحل هذا الوضع الخطر جدا موضحا ان الرئيس الامريكي يشدد دائما على دور الامم المتحدة. وشدد على ضرورة ان تتعرض بغداد للعواقب في حال عرقلتها عمل المفتشين الدوليين والا افلت العراق واستمر في تطوير اسلحته الرهيبة. واضاف: سنحل هذه المشكلة بطريقة او بأخرى. جل ما عليهم (العراقيين) القيام به هو تغيير مقاربتهم والتعاون. وقال: سنسر بالطبع اذا غيروا رئيسهم شرط الا يكون رئيسا سيئا ايضا. واعتبر ان الحرب ستشكل الخيار الاخير. لكن عندما نشن حربا يجب ان نفعل ذلك جيدا وبحزم. تخمينات وفي واشنطن بقيت مشاركة اسرائيل في حرب امريكية محتملة ضد العراق مسألة مفتوحة أمس في اعقاب المحادثات بين الرئيس الامريكي جورج بوش ورئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون. ولم تظهر صورة واضحة بعد الاجتماع الذي دام 45 دقيقة في المكتب البيضاوي مساء الاربعاء الماضي بشأن ما اذا كانت اسرائيل سترد اذا شن العراق هجوما بالصواريخ انتقاما من هجوم عسكري امريكي للاطاحة بالرئيس صدام حسين. وقال مسؤول اسرائيلي كبير دون ان يخوض في تفاصيل: اذا تعرضت اسرائيل لهجوم فانها تعرف كيف تدافع عن نفسها.واضاف بوش الى الخلط الذي ساد عندما بدا أنه يؤيد حق اسرائيل في الدفاع عن النفس في أي تسلسل للاحداث. وفي وقت لاحق اسرع مسؤول من البيت الابيض ليقدم توضيحا لتصريحات الرئيس الامريكي على انها لا تنطبق على الموقف في حرب مع العراق حيث ان هناك حاجة لاجراء مزيد من المشاورات بشأنها. وقال بوش للصحفيين: اذا هاجم العراق اسرائيل غدا فانني أفترض ان رئيس الوزراء سيرد لان لديه رغبة للدفاع عن النفس. وفي الشهر الماضي قال وزير الدفاع الامريكي دونالد رامسفيلد لاعضاء الكونجرس انه سيكون من مصلحة اسرائيل الى حد بعيد البقاء بعيدا عن أي حملة امريكية ضد العراق مثلما فعلت عندما اطلقت بغداد صواريخ سكود على اهداف اسرائيلية في حرب الخليج عام 1991 . وأي عمل عسكري اسرائيلي ضد العراق سيقوض على الارجح أي تأييد عربي لحرب الولايات المتحدة للاطاحة بصدام بسبب المزاعم بامتلاكه اسلحة دمار شامل. وهناك رسالة واحدة ثابتة حسب تصريحات مسؤول اسرائيلي كبير للصحفيين الذين يرافقون شارون في زيارته التي تستغرق ثلاثة ايام لواشنطن وهي ان اسرائيل لن تخفض عملياتها العسكرية ضد النشطاء الفلسطينيين ولم يطلب منها ان تفعل ذلك. وكانت اسرائيل قد واجهت انتقادات بشأن وقوع خسائر في صفوف المدنيين في غاراتها الاخيرة في قطاع غزة. ويشترك بوش وشارون في هدف تغيير الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات بزعماء جدد. وذهب شارون الى واشنطن وهو يحمل معه تقارير مخابرات تشير الى ما وصفته مصادر امنية اسرائيلية بأنه خطط من جانب نشطاء لشن 20 هجوما على الاقل في اسرائيل قريبا. وقال بوش انه لم يقرر بعد شن هجوم على العراق وانه يأمل في ان تتمكن الامم المتحدة من اقناع صدام بانهاء برامجه الكيماوية والبيولوجية والنووية المشتبه بها. وقال بوش بعد ساعات من توقيع قرار الكونجرس تفويضه شن حرب ضد العراق اذا دعت الحاجة: اننا نأمل في ان ينزع النظام العراقي اسلحته سلميا. وقال المسؤول الاسرائيلي الكبير ان شارون كان في محادثاته مع بوش على اطلاع جيد بشأن العمل الذي ستقوم به الولايات المتحدة لتحييد تهديد صاروخي عراقي ضد اسرائيل في حالة نشوب حرب. وقال المسؤول وهو يعرب عن ثقته في ان واشنطن ستعطي لشارون تنبيها كافيا قبل بدء العمليات ضد العراق: اعتقد ان الولايات المتحدة تبذل كل جهد ممكن لمنع أي اذى يمكن ان يمس اسرائيل. واتفق بوش وشارون علن ان تبحث اسرائيل بطريقة مواتية اعادة الضرائب تدريجيا التي جمعتها اسرائيل من الفلسطينيين مادامت هذه الاموال لن تستخدم في انشطة عنف. في وقت سابق قال مسؤول بوزارة الخارجية ان المبعوث الامريكي للشرق الاوسط ومساعد وزير الخارجية وليام بيرنز سيبدأ جولة تستمر اسبوعين في المنطقة اليوم بعد ان يتوقف في باريس للتشاور مع وسطاء سلام آخرين.