الأخضر السعودي تحت 17 عاماً يتأهل إلى نصف نهائي كأس آسيا على حساب منتخب اليابان    بنزيمة الغائب الأبرز عن تدريبات الاتحاد    مسؤول صيني ل«الرياض» العلاقة مع المملكة أولوية بالنسبة للصين    قصف خامس يضرب مصحات غزة    وزراء وخبراء يرسمون ملامح مستقبل التعليم والعمل من الرياض    المملكة ترحب باستضافة عُمان للمحادثات الإيرانية - الأميركية    موسم الدرعية    جامعة جازان تستضيف ندوة "الإفتاء والشباب" لتوعية الجيل بأهمية الفتوى    شيخ علكم إلى رحمة الله    موقف سالم الدوسري من لقاء الخليج    محمد صلاح يواصل تحطيم الأرقام القياسية    ريال مدريد يتغلب على آلافيس ويواصل مطاردة برشلونة في الصدارة    افتتاح الجناح السعودي بإكسبو أوساكا    السعودية تحصد الجائزة الكبرى و124 ميدالية في معرض جنيف الدولي    وزير الاقتصاد والتخطيط: رأس المال البشري يقود الثروات وينميها    700 قاضٍ يكملون الفصل الأول من الدبلوم العالي للقانون الجنائي    وزير الشؤون الإسلامية يوجه خطباء الجوامع بالحديث عن ظاهرة الإسراف والتبذير في الولائم    أمانة الشرقية وجمعية بناء يناقشان سبل تقديم الدعم لرعاية الأيتام    المنظومة الصحية السعودية تحصد جائزة و19 ميدالية عالمية    مجمع الدمام ينقذ مريضة من نزيف يهدد حياتها    أمير الرياض يستقبل محافظ الخرج    مصر ترحب باستضافة سلطنة عُمان للمحادثات بين إيران والولايات المتحدة    الصحة القابضة توقّع اتفاقية شراكة مع جامعة IESE لتطوير برامج القيادة التنفيذية    تمديد أعمال المسح للمنشآت الصناعية بالسعودية إلى 4 مايو 2025    التعامل مع الثعلبة البقعيّة: فهمها، تشخيصها، وعلاجها    شيخ شمل قبائل علكم عسير في ذمة الله    رياح نشطة وأتربة مثارة على الرياض والشرقية    اليوم العالمي للرحلة البشرية إلى الفضاء يسجّل سعي المملكة الحثيث للريادة    وزير الطاقة ونظيره الأمريكي يبحثان فرص التعاون    مهلة تصحيحية 90 يوماً لمخالفات توزيع الغاز للمساكن    إيقاف البرامج وإلغاء الترخيص عند المخالفة.."التعليم الإلكتروني": الشهادات الإلكترونية تعادل شهادات التعليم الحضوري    896 حالة ضبط لممنوعات بالمنافذ الجمركية في أسبوع    إيران وأمريكا تختتمان جولة محادثات على طاولة النووي    تفكيك مواقع "الحزب" والحكومة تصادق على قانون الودائع.. لبنان يستعيد الجنوب ويطلق إصلاح النظام المصرفي    حقق لقبه الدولي السادس خلال 2025.. آل نصفان يتوج بلقب البطولة العربية للاسكواش    الخلاف الإكسي من منفوحة إلى روكسي!    حمار مدندش    ممتاز الطائرة : الهلال يكسب ضمك .. والخليج يتغلب على الاتحاد    مقتل 100 شخص في مخيم زمزم و280 ألف لاجئ عالقون.. السودان.. «الدعم» يرتكب مجزرة في دارفور وأزمة إنسانية على الحدود    10 آلاف ترخيص زراعي في الربع الأول    إطلاق 25 كائنًا فطريًا في محمية الإمام تركي بن عبدالله    الصحة تعزز الوعي المجتمعي بأكبر فعالية للمشي    توطين 25 كائنًا فطريًا مهددة بالانقراض في محمية الإمام تركي بن عبدالله    تراثية المذنب    "دور العيسى".. منارات تراثية تُضاء من جديد    الاقتصاد الصيني بين انفجار فقاعة سوق العقارات.. ورسوم الواردات الأميركية    في محبة خالد الفيصل الصالات تشرح مجالس الرجال    مبادرات إنسانية تصنع الفرح وتسعد القلوب    موسم الهلال مع جيسوس في خطر    قرنية أمريكي تعيد النظر لسعودي وسورية    نغيث حتى الفكر    الزواج الآمن    إمام المسجد النبوي: تذكُّر الآخرة يُثبّت المرء على الطاعة    أمير تبوك يعزي أبناء جارالله القحطاني في وفاة والدهم    "الحياة الفطرية" تؤكد: جراء الذئاب الرهيبة المعلن عن ولادتها مجرد ذئاب رمادية معدلة وراثيًا    محافظ الطوال يعزي أسرة المرحوم الشيخ عبدالرحمن بن حسين النجمي    ولادة ظبي رملي بمحمية الأمير محمد بن سلمان    الحسد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بوح أنثوي
نشر في اليوم يوم 25 - 04 - 2003

(مشكلة العقل البشري هي انه يريد ان يخضع الكون كله للمقاييس التي اعتاد عليها في دنياه هذه، والمصيبة ان الانسان مؤمن بأن هذه المقاييس النسبية مطلقة وخالدة، ويعدها من البديهيات التي لا يجوز الشك فيها، فهو قد اعتاد على رؤيتها تتكرر يوما بعد يوم، فدفعه ذلك الى الاعتقاد بأنها قوانين عامة تنطبق على كل جزء من اجزاء الكون جاء هذا الاعتقاد من العادة التي اعتادها وهو يظن انه جاء بها من الحقيقة ذاتها!) عبارات محرضة على التفكير والدهشة من البرت انشتاين ذاك الرجل الفذ الذي غير مسار العالم بنظريته التي اطلق عليها (النظرية النسبية) صار كل من يعي عمق تلك النظرية، يرى الاشياء من حوله بابعاد كثيرة، ومن زوايا مختلفة فقد انارت عقولا، واضاءت دروبا للبشر، وعلمتهم دروسا عن ماهية (الحقيقة) وماهية (الوهم) فسرت كثيرا من الظواهر التي كان يعتقد انها حقيقة فتبين انها ليست بالضرورة كذلك ربما كثير مما نراه ونلمسه ونتحسسه ونشتمه ونتذوقه اليوم قد يكون وهما كبيرا غدا! كل الامور تصيرها النسبية بشكل او بآخر. فلم يعد هناك ابيض ولا اسود، لا قبح ولا جمال، ولا صلب ولا طري، ولا رقي ولا انحطاط، مجمل القضايا اصبحت ملونة، حتى نور الشمس الذي يطل كل يوم ليس له لون واحد كما كان ومازال يعتقد الكثير، انما هو علميا يختزل بين طياته الوان الطيف السبعة، والسماء ليست زرقاء، والارض ليست مسطحة، والقمر ليس جميلا، والجهات الجغرافية، الشرق والغرب، الشمال والجنوب وتفرعاتها، لا وجود لها سوى في ادمغة البشر، حالها تماما كحال خطوط الطول والعرض الوهمية، لان الارض بل الكون ككل يستعمره الشكل الكروي وتسيره سنن دورية فليس هناك شرق اوسط، ولا شرق اقصى فهذه مسميات ابتدعتها (الامبراطورية العظمى) البائدة حين كانت لا تغيب عنها الشمس، كي تعطي مدلولات واضحة لمستعمراتها.
بالطبع النسبية ذهبت ابعد من حدود العالم الملموس ذاك، فقد خاضت عالم الحس والفكر المجرد، ومست الايدلوجيات المتوارثة عبر السنين. اثارت الشكوك والتساؤلات حول ما يجتره البشر على مدار الساعة، فعلى سبيل المثال القبح والجمال يختلف كمفهوم بين الجماعات البشرية فمقاييس الجمال لدى الافارقة تختلف عن مقاييس الشعوب الشرقية وعن الشعوب الاوروبية كل حسب معالمه الفسيولوجية وارثه الثقافي مفهوم الصواب والخطأ عالم آخر تحكمه جغرافية الناس وقناعاتهم، بات من الصعب تصنيفهما، لانهما محاصران بشدة باطار النسبية. فمعتقدات الهنود وطقوسهم على سبيل المثال ينظر اليها على انها اثم بل خطيئة كبرى لدى شعوب آسيوية اخرى، والعكس ايضا صحيح، ومعتقدات وممارسات شعوب الامريكتين قد تعد لدى بعض الشعوب في الجهة الاخرى من العالم على انها قمة في الانحلال واللا اخلاقية، والسكان البدائيون على هذه الارض يصنفون كذلك، لان من اطلق عليهم ذاك المسمى مفهومه للحضارة هو ان تمتلك القدرة على التعايش مع الصناعات الحديثة. لكن من نسميهم بالبدائيين اثبتوا انهم اكثر تحضرا وثقافة من كل سكان العالم في كيفية التعامل مع الطبيعة ومعرفة تضاريسها وخفاياها.
كل ما ذكر هي اطروحات تؤجج الذهن بأسئلة ملحة وتحفزه، مثل: هل بالفعل هناك ماهو حقيقة مطلقة؟ ام ان العالم كله غارق ببلادة في مستنقع الوهم؟ أين تلك الحقيقة وكيف نميزها عن الوهم؟ وهل البشر في حاجة الى معرفتها أم من الافضل ان يظل كل فرد يجتر ويلوك الفكر الذي وجد نفسه عليه واعتاده!
الحاصل اليوم هو ان السواد الاعظم من الناس اختاروا بطواعية ان يكونوا على الضفة البعيدة جدا عن الاعاصير الفكرية والصخب الذهني، انتقوا الهدوء والبحبوحة المسيجة بالتراث المعتق، تعايشوا مع انفسهم تحت التركة المصانة عبر الحقب، فأشعرتهم بالامان والسكينة، نجد رقعة اليابس عامرة ببشر تحولوا الى نبض للاموات وصدى لاصوات مندثرة. لذلك (النسبية) لاتروق ابدا لمن اعتنق الفكر التقليدي، وتشبع به، لانه يواجه صعوبة بل معضلة في هضمها، كلما حاكى ذهنه بمصداقية ودون وجل.. تساؤلات مثل (هل فكري ونهجي حقيقة مطلقة) ام لا؟ واذا كانت كذلك لماذا (الآخر) لا يرجحه على ما عنده؟ وهل الآخر لا يمتلك فكرا او نهجا حقيقيا؟ واذا كان عكس ذلك لماذا لم احظ به أو اهتدي اليه؟؟ لماذا يا ترى هذا التنوع في نمط التفكير والايدلوجيات بين الجماعات؟ هل جميعها في كفة الخطأ عدا نمطي هو الصائب المنزه؟ هل مزاولة الحياة الفكرية بالطريقة التي نشأت عليها هي الافضل لي ولراحتي النفسية؟ ام اني اعيش وهما عودت النفس ان تقتات عليه يوما بعد يوم حتى اصبحت اظنه انه الحقيقة نفسها؟؟؟
كل تلك التساؤلات في مجملها مشروعة ومن حق البشر تناولها. فالسؤال غذاء للعقل ونقاء للروح ونشاط للفكر يجب ان تظل دائما الابواب مفتوحة، والنوافذ مشرعة على مصراعيها، من اجل ان يجري الهواء الطلق بين الاروقة، فتتنفسه الرئتان، ومن ثم يختلط في كريات الدم، فيفتح خلايا الذهن ويجددها عل البشر ساعتها يميزون بين ماهو (وهم) وما هو (حقيقة)!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.